نجوم وقادة من الشرق والغرب.. يحتفلون بأعياد الميلاد في مراكش

وسط إجراءات أمنية مشددة

TT

تعيش مدينة مراكش، هذه الأيام، وسط إجراءات أمنية خاصة، استعدادا لقدوم شخصيات عالمية بارزة، اختارت الاحتفال برأس السنة في عاصمة المغرب السياحية.

وتتضمن الإجراءات الأمنية المتخذة من طرف سلطات المدينة إجراءات وقائية ورفع حالة التأهب واليقظة، بشكل يوفر راحة البال ومتطلبات الأمن والسلامة للزوار المتيمين بالمدينة الحمراء: قادة دول ورياضيين وسينمائيين وسياسيين ورجال أعمال واقتصاد وثقافة، بعضهم تسبقهم إعلانات قدومهم لمراكش في وسائل الإعلام، فيما يختار آخرون أن يكون لزياراتهم طابع الخصوصية، وأن يمر احتفالهم بأعياد الميلاد، بعيدا عن الأضواء.

وعلى عكس الطقس البارد الذي ينتشر في أوروبا، بشكل خاص، هذه الأيام، تعيش مراكش جوا دافئا، حافظ للمدينة الحمراء على سحرها وزرقة سمائها وأشعة شمسها.

وجرت العادة، في السنوات الأخيرة، أن يشكل نجوم ومشاهير وقادة فرنسا النسبة الأكبر من بين النجوم والمشاهير والقادة، الذين يقصدون مراكش. ومن بين أبرز الشخصيات الفرنسية التي اختارت استقبال السنة الجديدة بمراكش، نجد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وعقيلته كارلا بروني. ومن الشخصيات العربية يتردد اسم عاهل البحرين الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وعقيلته الشيخة موزة بنت ناصر، ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وعقيلته الأميرة هيا بنت الحسين. ومن القادة الأفارقة يتردد اسم الرئيس الغابوني علي بونغو.

وإلى جانب القادة، تتردد أسماء شخصيات مرموقة من عالم المال والأعمال والفن والرياضة، بينها الرئيس السابق لصندوق النقد الدولي الفرنسي دومينيك ستراوس كان وعقيلته آن سان كلير، والممثل الفرنسي آلان دولون، والفكاهيان الفرنسيان، من أصل مغربي، جمال الدبوز وجاد المالح، وعارضة الأزياء السلوفاكية أدريانا شكليناريكوفا، طليقة لاعب الكرة الفرنسي كاريمبو. ومن بين لاعبي الكرة تتردد أسماء عدد من لاعبي ريال مدريد وبرشلونة، خاصة إنييستا وتشافي من برشلونة وبنزيمة وديارا من ريال مدريد.

وإلى السياح العاديين والاستثنائيين، الذي يقصدون مراكش على مدار العام، أو خلال بعض المواعيد والمهرجانات، حيث يعيش بالمدينة الحمراء آلاف المقيمين الأجانب، يقترب عددهم من 20 ألفا، معظمهم فرنسيون، يترافق مقامهم بالمدينة المغربية بجملة من العادات، تهم الأكل والشرب والتواصل والاحتفال بالمناسبات الدينية والوطنية، وغيرها، ولذلك يبدو طبيعيا أن تقترح المحلات التجارية متطلبات الاحتفال بأعياد الميلاد، وهي متطلبات صار يشترك في الإقبال عليها السياح والمقيمون الأجانب، وحتى بعض أبناء المدينة والبلد.

وتشير الإحصائيات الخاصة بأعداد السياح الوافدين إلى مراكش إلى أن الفرنسيين يحتلون المرتبة الأولى، يليهم الإنجليز والإسبان والألمان والإيطاليون والهولنديون والأميركيون والعرب، فضلا عن المغاربة المقيمين في الخارج، دون الحديث عن السياحة الداخلية، التي تساعد في التخفيف من تداعيات الأزمات التي تطال السياحة، عالميا.

وعلى عكس السنوات الماضية، التي سجلت نسبة إشغال قياسية في غرف الفنادق، يتخوف بعض المهنيين من أن تؤثر تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على حركة السفر صوب مراكش، لاستقبال السنة الجديدة، الشيء الذي قد يؤثر في نسبة ملء الفنادق وأرقام ليالي المبيت.

ويعول المهنيون على أن تعوض السياحة الداخلية كل تراجع محتمل في أعداد السياح الأجانب، الذين يقصدون مراكش، للاحتفال بأعياد الميلاد. وكانت تقارير وآراء لفاعلين في قطاع السياحة قد أظهرت أن السياحة الداخلية شكلت، على مدى السنوات الماضية، صمام أمان خفف على قطاع السياحة المغربية كثيرا من الصدمات والهزات، ولذلك ارتفعت أصوات تنادي بضرورة إيلائها الاهتمام اللازم وعدم وضع كل «بيض» السياحة المغربية في «سلة» السياح الأجانب.

ورغم الظرفية الدولية الصعبة لم تتوقف عجلة الاستثمارات السياحية بالمدينة الحمراء. ويؤكد مسؤولو المجلس الجهوي للسياحة بمراكش أن المشاريع المنجزة والغلاف المالي للاستثمارات يدلان على «الثقة التي يضعها المقاولون والمستثمرون في القطاع السياحي في مستقبل النمو السياحي وآفاقه الواعدة بمدينة مراكش»، كما يؤكدان موقع المدينة الحمراء كـ«وجهة سياحية عالمية».

وقال عبد الرحيم بن الطبيب، المدير العام للمجلس الجهوي للسياحة بمراكش، لـ«الشرق الأوسط»، إن «دينامية الاستثمار في القطاع السياحي بمراكش لم تتوقف، وحافظت على وتيرتها العادية التي ميزت السنوات الأخيرة، من خلال إضافة ما بين 3000 و5000 سرير كل سنة»، مشددا على أن «الجديد، خلال هذه السنة، يبقى نوعية الاستثمار، من خلال دخول بعض العلامات السياحية على خط الاستثمار بالمدينة، مثل (فور سيزنز) وغيرها، الشيء الذي يؤكد ثقة المستثمرين العالميين ويبعث الاطمئنان ويرسخ مراكش كوجهة سياحية عالمية».

وشدد بن الطبيب على أن هذه الاستثمارات تتقاطع مع تقوية بنية الاستقبال في معناها الواسع، من خلال إقدام السلطات على إطلاق جملة من المشاريع المهيكلة بالمدينة الحمراء، همت، على الخصوص، توسيع الطرق وتسهيل حركة السير والجولان وتهيئة المناطق الخضراء والاهتمام بالجانب الثقافي، مع تأهيل الأسوار والبنايات التاريخية والساحات الشهيرة.

وأبرز بن الطبيب أن الجديد الذي ميز السنوات الأخيرة هو تقديم منتوج متنوع، شمل السياحة الطبية والثقافية وسياحة الغولف، وغيرها، مشيرا إلى أن حجم وقيمة الاستثمارات المسجلة في السنوات الأخيرة فرض وضع برنامج عمل للترويج والتسويق لوجهة مراكش، عبر العالم، من خلال الانفتاح على أسواق جديدة، غير تقليدية، مثل السوق الاسكندنافية.

وأكد ابن الطبيب أن الهدف، من وراء كل هذه الاستثمارات، هو أن تصير مراكش أول وجهة سياحية على مستوى القارة الأفريقية، وأول وجهة سياحية للأوروبيين خارج القارة الأوروبية.

وتشمل المشاريع الاستثمارية الجديدة، التي ميزت السنة الجارية، قطاع الفنادق والتنشيط السياحي وتهيئة وتثمين الموروث الثقافي والتاريخي والعمراني لمراكش.

وتصنف مراكش كنقطة ضوء كبيرة على خارطة السياحة في المغرب، وتتميز بكونها تقع على مسافة ساعة ونصف الساعة طيران من مدريد، وثلاث ساعات طيران من لندن، وساعتين ونصف الساعة من باريس، فضلا عن التنوع الذي تقدمه على مستوى الطقس والموقع الجغرافي، حيث توفر المرتفعات لمزاولة الرياضات الشتوية، مثل محطة «أوكايمدن»، والشواطئ من خلال مدينة الصويرة القريبة، فيما تتكفل ساحاتها وأسواقها ومآثرها بعرض سحرها الحضاري ومميزاتها الثقافية، علاوة على أن المدينة الحمراء تقبل بالجميع وتقدم سحرها للجميع، سواء من اختار تناول وجبة بمطاعم ساحة جامع ألفنا الشعبية مقابل عشرين درهما (دولارين ونصف الدولار)، أو قصد أرقى المطاعم ليتناول وجبة عشاء، يمكن أن تتراوح، في بعضها، بين 2000 أو 3000 درهم (180 و250 يورو). فيما تتراوح أثمان المبيت في الفنادق ودور الضيافة بين 8 و8 آلاف يورو لليلة الواحدة، للفرد الواحد. وجرت العادة أن يضرب سياح مراكش، سواء نزلوا في فنادق خارج التصنيف، مصنفة أو غير مصنفة، موعدا بساحة جامع الفنا لشرب كأس عصير بثلاثة دراهم، أو التفرج على حلقات الحكي والغناء والملاكمة مجانا.