مكتب التحقيقات الفيدرالي يفتح تحقيقا حول نزاهة الفيفا

أكدوا حصولهم على «معلومات استخباراتية مهمة» لممارسات خاطئة أثناء عملية الاقتراع على مونديالي 2018 و2022

TT

أفادت صحيفة «تلغراف» البريطانية أن مكتب التحقيقات الفيدرالي قد بدأ الشهر الماضي في استجواب أعضاء من الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، الذين تقدموا بالملف الإنجليزي لاستضافة كأس العالم لعام 2018، في ضوء التقارير التي تشير إلى وجود فساد في أروقة الاتحاد الدولي لكرة القدم أثناء عملية التصويت التي أجريت العام الماضي لاختيار البلدان الفائزة بتنظيم كأس العالم لعامي 2018 و2022، وكذلك وجود فساد في عملية التصويت التي أجريت في شهر يونيو (حزيران) الماضي لاختيار رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم.

وقد أكد المحققون أن لديهم «معلومات استخباراتية مهمة» عن وجود ممارسات خاطئة، وجاءوا إلى العاصمة البريطانية لندن الشهر الماضي لمقابلة الأعضاء الإنجليز الذين كانوا موجودين في زيوريخ أثناء عملية التصويت على اختيار البلدان المستضيفة لنهائيات كأس العالم.

ويقول مكتب التحقيقات الفيدرالي إن لديه «أدلة قوية» على أن منظمات خارجية قد حاولت اختراق البريد الإلكتروني للعرض الأميركي لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم لعام 2022، ويعتقد أن العرض الإنجليزي قد تعرض لمحاولة اختراق هو الآخر.

وقد سأل مكتب التحقيقات الفيدرالي المسؤولين الإنجليز الذين تقدموا بملف إنجلترا لاستضافة نهائيات كأس العالم لعام 2018 - والذين ليسوا في موضع شك على أي حال - عما إذا كانوا على دراية بوجود فساد في العروض المقدمة لاستضافة نهائيات كأس العالم أم لا.

ومن المفهوم أيضا أن مكتب التحقيقات الفيدرالي قد قام بتوجيه أسئلة تتعلق بالرشوة المزعومة التي قدمها محمد بن همام، الذي كان ينافس السويسري سيب بلاتر على رئاسة الاتحاد الدولي، لأعضاء الاتحاد الكاريبي لكرة القدم.

وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم قد قرر إيقاف محمد بن همام مدى الحياة، بعد أن ثبت أنه قدم رشى بقيمة 40 ألف دولار (25 ألف جنيه إسترليني) لمسؤولي الاتحاد الكاريبي لكرة القدم قبل ثلاثة أسابيع من إجراء انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم. ويشتبه بأنه قد تم نقل تلك الأموال عبر الحدود الأميركية، وهو ما يعد مخالفة إذا ما ثبت أنه لم يتم الإعلان عن ذلك.

وقد استقال جاك وارنر، النائب السابق لرئيس الفيفا ورئيس اتحاد كرة القدم الكاريبي، من جميع مناصبه في كرة القدم بعدما كشف تحقيق أولي للفيفا عن وجود أدلة قوية على تآمره مع بن همام لتقديم تلك الرشى.

ويعد هذا الشهر هو أول ذكرى سنوية للتصويت على استضافة كأس العالم، الذي شهد إذلال إنجلترا بعدما حصلت على صوت واحد، بالإضافة إلى صوت ممثلها في الاتحاد الدولي، جيف طومسون.

ويعتقد أن اهتمام مكتب التحقيقات الفيدرالي بالتحقيق في عملية التصويت على اختيار الدول المستضيفة لكأس العالم ترتبط بالتحقيقات الجارية والمتعلقة بعرض رشى على تشاك بليزر، عضو المكتب التنفيذي للفيفا، الذي كان أول من يكشف مزاعم الرشوة ضد بن همام ووارنر.

وبصفته الأمين العام لاتحاد أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي (الكونكاكاف)، حصل بليزر على عمولات من حسابات الكونكاكاف تتعدى 500 ألف دولار (320 ألف جنيه إسترليني)، بعضها من عقود البث التلفزيوني.

وقد تم تحويل جزء من هذا المبلغ إلى حسابه في جزر كايمان، في حين تم تحويل 250 ألف دولار (160 ألف جنيه إسترليني) في شهر مارس (آذار) الماضي إلى حساب له في جزر البهاما.

وقد تم إرسال تفاصيل تلك المبالغ في حسابات وخطابات إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي بواسطة الصحافي البريطاني أندرو غينينغز. وفي شهر أغسطس (آب) الماضي، ذكرت وكالة «رويترز» أن فريقا من مكتب التحقيقات الفيدرالي في نيويورك يقوم بالتحقيق في تلك المبالغ للتحقيق في تلك «الجريمة الأوروبية الآسيوية المنظمة».

ومن جانبه، لم ينف بليزر تلقي تلك الأموال ولكنه قال في ذلك الوقت: «كل المعاملات الخاصة بي قد تمت بشكل قانوني وصحيح، وفقا للقوانين المختلفة المطبقة استنادا إلى طبيعة المعاملات».

وتجري تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي بالتعاون مع الاتحاد الدولي لكرة القدم، ومن المقرر أن يلتقي رئيس جهاز الأمن بالفيفا، كريس إيتون، مع محققي المكتب الفيدرالي في نيويورك لمناقشة ما تم في التحقيقات حتى الآن.

ومنذ أن فازت روسيا بحق تنظيم البطولة في عام 2018 وقطر في عام 2022، انتشرت الكثير من الاتهامات بوجود فساد في عملية التصويت لاختيار الدول المستضيفة لنهائيات كأس العالم.

وحتى قبل عملية التصويت، وبالتحديد في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، أثيرت الشكوك حول حيادية اثنين من أعضاء اللجنة التنفيذية بالفيفا، البالغ عدد أعضائها 24 عضوا، بعدما تم الاستماع إليهما وهما يناقشان بيع أصواتهما.

وبالإضافة إلى كل من بليزر ووارنر، تم فرض عقوبات على 16 مسؤولا في الاتحاد الكاريبي لكرة القدم بسبب تورطهم في الاجتماع الذي عقد في ترينيداد وتوباغو، والذي تم فيه عرض تقديم الرشى.

ويواجه عضو آخر في اللجنة التنفيذية، وهو موراوي ماكودي من تايلاند، مزاعم بأنه قد استخدم أموال مشروع «الهدف» التابع للفيفا في بناء منشآت على أراض يملكها هو شخصيا.

وقد صرح ماكودي، الذي سافر لحضور اجتماع ترينيداد وتوباغو مع بن همام، بأنه قد أهدى هذه الأرض لاتحاد كرة القدم التايلاندي، ونفى وجود أي مخالفات في هذا الإطار. وقد بعث بوثائق ملكية الأرض إلى الفيفا، التي سوف تقوم بمراجعتها وفحصها قبل أن تقرر ما إذا كان سيتم تحويله للاستجواب من قبل لجنة الأخلاق بالفيفا أم لا.

ومن جانبه، رحب داميان كولينز، عضو البرلمان الإنجليزي عن دائرة فوكستون وهايث وعضو لجنة الثقافة والإعلام والرياضة، باهتمام مكتب التحقيقات الفيدرالي بالتحقيق في تلك القضية، وأضاف: «أعتقد أنه شيء جيد أن تقوم الهيئات الحكومية المسؤولة عن إنفاذ القانون بالتحقيق في تلك المزاعم على محمل الجد وبشكل صحيح. يتعين على المسؤولين التنفيذيين في الفيفا الالتزام بالقانون الدولي، وينبغي التحقيق معهم من قبل السلطات المختصة إذا ما قاموا بمخالفة هذه القوانين. في الواقع، يعد هذا موقفا مناقضا تماما لغطرسة اللجنة التنفيذية للفيفا التي تعتقد أنه لا توجد أي مخالفات على الإطلاق. ويظهر هذا الموقف أن هناك الكثير من القضايا التي كان ينبغي على الفيفا نفسها أن تقوم بالتحقيق فيها».

لقد دمرت مزاعم الفساد سمعة الفيفا وتركت بلاتر يسعى جاهدا لوضع برنامج إصلاحي يضفي بعض المصداقية على ذلك الكيان الذي يترأسه منذ 13 عاما.

وفي شهر أكتوبر، أعلن بلاتر عن برنامج إصلاحي، ولكن هذا البرنامج قد بدأ في الانهيار بعدما أعلنت منظمة الشفافية الدولية خلال الأسبوع الماضي عن انسحابها من البرنامج لأنها لم تعد تثق في استقلاله ونزاهته.

ومن جهته، أعلن بلاتر أنه كان يقوم بتأجيل خططه لنشر وثائق محاكم سويسرية توضح تفاصيل الرشى التي تلقاها مسؤولون بالفيفا من شركة الرياضة والترفيه الدولية «آي إس إل».

وكان الفيفا طرفا في منع انتشار تلك الوثائق، منذ أن تم تعليق الحكم القضائي الصادر ضد مسؤولين بالفيفا – قالت هيئة الإذاعة البريطانية إنهم رئيس الاتحاد الدولي السابق جواو هافيلانج، وعضو اللجنة التنفيذية ريكاردو تيكسيرا – بعدما دفعوا أكثر من 3 ملايين جنيه إسترليني، وهي قيمة الرشى التي حصلوا عليها.

وكان بلاتر يخطط لنشر الوثائق عقب اجتماع للجنة التنفيذية في السابع عشر من شهر ديسمبر (كانون الأول)، ولكن تم تأجيل ذلك بسبب الطعون القانونية التي رفعها أحد الطرفين.

وقال بلاتر: «كانت لدي رغبة قوية في التحدث بكل صراحة وشفافية عن ملف شركة (آي إس إل) (في 17 ديسمبر)، ولكني أتلقى نصائح الآن بأنه نتيجة لاعتراض طرف ثالث على هذه الشفافية، فسوف يستغرق الأمر مزيدا من الوقت حتى يتم التغلب على العقبات القانونية، وهذا لا يغير موقفي على الإطلاق، وما زلت ملتزما تماما بنشر تلك الملفات في أقرب وقت ممكن، باعتبار ذلك جزءا هاما من خططي لإصلاح الفيفا، التي تشمل التعامل مع الماضي، فضلا عن إعداد هيكل الاتحاد في المستقبل».