لندن تحتفل بالثقافة والفن العربي في 2011

عبر مهرجانات سينمائية وعروض راقصة وفعاليات أدبية

TT

يمكن القول بأن العاصمة البريطانية لندن تعد واحدة من ألمع وأفضل العواصم الثقافية في العالم، نظرا لأنها تعد منبرا للفن والفكر القادم من جميع أنحاء العالم. ولن يكون من قبيل المبالغة، على الرغم من أنه قد يحمل قليلا من العار، أن يكون الوصول إلى فنون الشرق الأوسط هنا في لندن أسهل من الوصول إليها في الشرق الأوسط نفسه، حيث استضافت لندن خلال العام الجاري وحده ثلاثة مهرجانات كبرى تمثل الثقافة العربية؛ وما لا يقل عن خمسة مهرجانات للسينما في الشرق الأوسط؛ وعددا وافرا من المؤتمرات والأحداث؛ بالإضافة إلى البرامج العادية التي تقدمها المؤسسات التي تركز على الفنون العربية والشرق أوسطية.

وكان المهرجان الذي أقيم تحت رعاية رئيس بلدية لندن بعنوان «شباك: نافذة على الثقافة العربية المعاصرة» هو المهرجان الذي أحدث دويا كبيرا في العاصمة البريطانية. وقد أقيم المهرجان على مستوى المدينة لمدة ثلاثة أسابيع في فصل الصيف، وقدم الكثير من المحاضرات والمعارض والعروض من جميع أنحاء المنطقة، فضلا عن أعمال أدبية وعروض نادرة. وقد تمكن المقيمون في لندن من مشاهدة عروض أفلام نادرة للشاعر المغربي محمد بوعنان في متحف «تيت مودرن» للفنون؛ والدخول في محادثات مع الملهمة نوال السعداوي في معرض «سيربينتين غاليري»، والتعرف على الأهمية الثقافية لمهرجان «كناوة» الذي أقيم في متحف «فيكتوريا وألبرت».

وعقد مؤتمر عن العمارة في الشرق الأوسط على مدار يومين، وكان من أكثر الأحداث الزاخرة بالمعلومات القيمة. وقد تم تنظيم المؤتمر من قبل شركة «نوس» للاستشارات الهندسية في المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين. وقدم المؤتمر نقاشات رائعة، ناهيك عن معرض للصور، وركز الجزء الأول من تلك المناقشات على استخدام الحيز العام في العالم العربي، وربط ذلك بالثورات الحالية، كما تركز هذه النقاشات على المناطق الحضرية التي تشهد هذه الثورات، فضلا عن المساحة الافتراضية التي تشهد عبور الأفكار والاتصالات. وقد ضمت هذه المناقشات العديد من الأسماء المعروفة في فن العمارة مثل برنارد خوري وشهيرة فهمي، وتوري مونتي، الرئيس التنفيذي لشركة ديموتيكس.

وركز الجزء الثاني من المناقشات على مستقبل البناء في الشرق الأوسط من حيث مفاهيم الحفاظ على الطاقة، والتراث المعماري والعودة إلى تخطيط المدن الملائم من الناحية الثقافية، وشملت هذه المناقشات شركة «سينتاكس» التي تتخذ من عمان مقرا لها وشركة «إكس أركتيكت» التي تتخذ من دبي مقرا لها.

وعلاوة على ذلك، عقد مهرجان «نور للفنون» السنوي في «متحف لايتون هاوس» على مدى شهرين خلال الخريف الماضي. وقد ارتفع عدد الأحداث التي استضافها المهرجان من 25 حدثا خلال العام الماضي إلى 40 حدثا خلال هذا العام في محيط هذا المتحف التاريخي الرائع. وبصرف النظر عن الأدب والحرف والموسيقى والأفلام، قام منظم المهرجان آلان كيروين بالتركيز بصورة كبيرة على المبادرات المجتمعية في البرنامج والتي ضمت مدرسة الأطفال التابعة لمستشفى تشيلسي والتي تربطها علاقة عمل بمدرسة جباليا الإعدادية في غزة. وبفضل هذا التواصل بين المدرستين، تمكن الأطفال من تبادل الأفكار حول بيئاتهم وثقافاتهم، وكان هناك مكالمة فيديو مباشرة بين المدرستين وكان متاحا للجمهور المشاركة فيها، وهو ما سمح للزوار بالمشاركة في هذا الحديث.

وقد شهد متحف «ناشيونال بورتريت غاليري» للفنون سلسلة من الأحداث التي تركز على مفهوم الهوية في الشرق الأوسط، وكان هناك حدث فني بعنوان «ردة اا» وشمل أاع ا ا ا عرض لأحدث ات وام، وإء ا وإ ارات ثقافية وأيضا اوض الراقصة واء، وكان هذا الحدث يمثل تتويج مشروع استمر لمدة ثلاث سنوات. وقد قدم هذا الحدث خلال عام 2011 الدعوة للفنان العراقي أثير للعمل مع ثلاث مجموعات شبابية في غرب لندن. وقد دخل المشاركون في الحدث في ورشات عمل إبداعية خلال العام، ودخلوا مع أثير في حوار حول صورة الذات، وما أدى إلى خلق صور مجردة من قبل الشباب وأثير نفسه. وقد عبرت هيلين وايتاوك، رئيسة قسم المشاركات في المعرض، عن سعادتها لأن البرنامج قد استقطب هذا الجمهور المتنوع للفعاليات التي شملت قراءات للشاعر العراقي عدنان الصائغ، وعرض راقص لفرقة الزيتونة الفلسطينية، ومناقشة حول أحدث رواية لمارينا وارنر بعنوان «السحر الغريب» عن ألف ليلة وليلة الساحرة الخالدة في الشرق والغرب معا.

وإلى جانب مهرجان لندن السينمائي، والذي عرض عددا كبيرا من الأفلام القوية في الشرق الأوسط، ومهرجان السينما التركية ومهرجان السينما الكردية، والتي قامت جريدة «الشرق الأوسط» بتغطيتها جميعا، ألقت مهرجانات أخرى الضوء على السياسة والفنون في منطقة الشرق الأوسط من خلال السينما، وقامت بعرض أفلام من جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط على الشاشات في جميع أنحاء لندن.

وقد افتتح مهرجان أفلام الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أعماله خلال العام الجاري، وقدم العديد من الأفلام من بينها فيلم بعنوان «لندن في عيون امرأة محجبة»، وهو فيلم مدته 22 دقيقة للمخرجة الإماراتية الشابة مريم السركال، وقد تم عرضه في مهرجان أفلام الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قبل أن يحظى برد فعل إيجابي عندما تم عرضه في مهرجان دبي السينمائي الدولي، كما تم عرض فيلم وثائقي بعنوان «مثلنا تماما» بالتعاون مع مؤسسة «ارسم الابتسامة» الخيرية. وقالت ياسمين الديربي، مديرة المهرجان: «كنا نريد ربط المغتربين من جنسيات مختلفة مع بعضهم البعض، وأن نجمع الناس من كافة أنحاء المنطقة معا، وهو ما نجحنا في القيام به بشكل جيد».

وقد حقق مهرجان فلسطين السينمائي السنوي نجاحا كبيرا هو الأخر، حيث نجح في دورته الثانية عشرة في عرض الأفلام التي تحدت التصورات بشأن فلسطين، من خلال قصص جديدة وقديمة عن النساء، بما في ذلك قصة «ليلى والذئاب» والتي تعود لعام 1974، و«مملكة النساء» لعام 2010 والتي تستكشف روح الدعابة في الضفة الغربية في موضوع (غير) مضحك بالمرة، والانفتاح على الأفكار العالمية فيما بتعلق بالمقاومة من خلال فيلم «أطفال الثورة» وفيلم «بعيدا عن فيتنام».

ومما لا شك فيه أن إيران قد قدمت عددا من الأفلام التي حظيت باهتمام الجمهور، سواء كان ذلك نتيجة للجدل الذي صاحب اعتقال عدد من المخرجين، أو بسبب سلسلة أخرى من الأفلام التي تمس موضوعات مثيرة للجدل مثل السياسة الداخلية وقضايا المرأة والأسرة أو انتخابات عام 2009 المثيرة للجدل. وقد قدم مهرجان إيران السينمائي مجموعة من الأفلام التي تناولت هذه القضايا، مثل «سيباريشن» وفيلم «هذا ليس فيلما».