وزير خارجية مصر: التحقيق مع منظمات للمجتمع المدني يجري وفقا للقانون

المجلس العسكري يخاطر بملاحقة المنظمات الداعمة للديمقراطية

TT

قال وزير الخارجية المصري، محمد عمرو، إن التحقيق مع منظمات للمجتمع المدني، التي أثارت مداهمات لعدد من مقراتها حفيظة جهات محلية ودولية، يجري وفقا للقانون، مشددا على أن بلاده تدرس الانتقادات الأميركية بشأن التحقيقات التي تجريها السلطات المصرية مع منظمات متهمة بتلقي تمويل مخالف للقانون من الخارج.

وأوضح عمرو أنه تم تشكيل لجنة للتحقيق في بعض الممارسات غير القانونية بالنسبة لتمويل منظمات المجتمع المدني، مشيرا إلى أن ما تم خلال اليومين الأخيرين هو امتداد للتحقيقات التي تتم من قبل جهات قضائية طبقا للقانون المصري. وأضاف أن ما يتم في الفترة الأخيرة هو استكمال لهذه التحقيقات.

وكان وزير الخارجية المصري يرد على أسئلة خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السوداني علي كرتي الذي كان يزور القاهرة أمس، وسئل الوزير عمرو عن الضغوط الأميركية التي تتم مؤخرا على مصر والتلويح بوقف المساعدات الأميركية للقاهرة بسبب التطورات المتعلقة بمنظمات المجتمع المدني.

وأشار عمرو إلى أنه تم تصوير الأمر بطريقة غير صحيحة على أساس أنه كانت هناك مداهمات من الشرطة وخلافه و«لكن هذا لم يكن صحيحا»، وأردف أن ما يجري هو «تحقيق تقوم به الجهات القضائية ويقوم به رجال قضاء.. والشرطة لم تكن أبدا مشاركة في هذا، لكنها ربما كانت موجودة في الخارج لتأمين عمل رجال القضاء». وأضاف وزير الخارجية المصري: إننا نوضح هذه الأمور حاليا ونوضح أن هذه الأمور تتم في إطار أنه «إذا كانت هناك أي جهة تخالف القانون المصري، فالتحقيق يريد أن يكتشف مدى هذه المخالفات»، مشيرا إلى أن هذه العملية «تتم كلها في إطار قانوني.. وليس للحكومة أو المجلس العسكري أي دخل في هذا الموضوع بل هو موضوع في يد القضاء وهو ما نقوم بتوضيحه حاليا للأطراف الأخرى».

ومن جانبه طالب بيان منسوب للمجلس الاستشاري الذي جرى استحداثه أخيرا لمعاونة المجلس العسكري الحاكم، بوقف حملات التفتيش وإغلاق مقار منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان، وأشار إلى أنه يلاحظ أن حملة التفتيش والإغلاق وتحريز المضبوطات، وإن كانت تستند إلى نصوص قانونية، يثور الجدل حول مدى توافقها مع التزامات مصر الدولية بشأن حماية حق تكوين الجمعيات وممارسة نشاطها في حرية وحماية نشطاء حقوق الإنسان.

وبمداهمة مكاتب منظمات دولية ومحلية داعمة للديمقراطية يوم الخميس، راهن الحكام العسكريون في مصر مراهنة خطيرة، من خلال قمع المعارضة قبل تحول حاسم لحكومة منتخبة معرضة، وذلك بتعريض أنفسهم لخطر خسارة المصدر الأساسي للمعونات: الولايات المتحدة.

لكن بعد مواجهة رد فعل حاد من جانب واشنطن، بدأ الجنرالات العسكريون يتراجعون عن موقفهم يوم الجمعة. فقد وعدوا السفيرة الأميركية لدى مصر، آن باترسون، بأنهم سيتوقفون عن مداهمة مقار المنظمات الدولية وأنه ستتم إعادة المقرات التي تمت مصادرتها على الفور، بحسب وزارة الخارجية. غير أن مكاتب ثلاث منظمات أميركية تمت مداهمتها ظلت مغلقة يوم الجمعة.

«نحن نتلقى رسائل مختلطة من السلطات»، قالت ليزلي كامبيل، المدير الإقليمي لبرامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الديمقراطي الوطني، إحدى أبرز المؤسسات الداعمة للديمقراطية التي تم إغلاقها يوم الخميس.

وتمثل المداهمات المنسقة وغير المسبوقة لما لا يقل عن 17 مكتبا تابعا لسبع منظمات مجتمع مدني، من بينها منظمات أميركية، تصعيدا لجهود الحكام العسكريين من أجل قمع المعارضة المتنامية. بيد أن الجهود تستهدف مواجهة حركة احتجاجية يخشى أن تتحول إلى ثورة ثانية، مع قرب احتفال المصريين بمرور عام على ذكرى 25 يناير (كانون الثاني)، تاريخ بداية الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.

«إنهم يصوغون خطابا حول ما يجري في الدولة من أجل دعم خطواتهم استعدادا لـ25 يناير وقمع أي معارضة خطيرة محتملة»، هذا ما قاله مايكل وحيد حنا، خبير مصري في مؤسسة «القرن» الكائنة في نيويورك. وأضاف: «إنهم يعتقدون أنه لا يمكن المساس بهم. لكن صبر المجتمع الدولي له حدود».

على مدار عقود، لم يواجه القادة العسكريون أي اعتراضات من قبل واشنطن والشعب المصري. ويحصل قادة الجيش المصري على 1.3 مليار دولار في صورة معونة أميركية سنوية، مع ضمان التزامهم باتفاقية السلام مع إسرائيل. ويشير محللون إلى أن الجنرالات يحدوهم القلق من فقدان السلطة والخضوع لمراقبة.

وقال خبير من واشنطن إن مداهمات مكاتب المنظمات الأميركية الداعمة للديمقراطية سجل «لحظة كشف للحقائق» بالنسبة لإدارة أوباما. يتصرف القادة العسكريون كما لو كان دعم الديمقراطية يمثل أكبر تهديد لحكمهم، هذا ما قالته ميشيل دون، عضو سابق بمجلس الأمن القومي، التي ترأس الآن مركز «رفيق الحريري» للشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي.

«إذا لم يكن المجلس العسكري المصري يسمح بتحول ديمقراطي حقيقي إلى حكم مدني وينكل بمنظمات المجتمع المدني ويحاول منع الولايات المتحدة من تمويلها، فقد حان الوقت لوقف المعونات العسكرية إلى أن تتحسن الأوضاع»، قالت ميشيل. وأضاف: «في النهاية، بوسع المجلس العسكري المصري أن يفعل ما يحلو له داخل البلاد - لكن على الأقل، يمكننا أن نوقف المعونات». لقد ركن الجنرالات إلى فكرة أن واشنطن ستستمر في النظر إلى مصر في المقام الأول من منظور واحد: أمن إسرائيل. وهم يعتقدون أيضا أن الغرب ينظر إليهم باعتبارهم عامل توازن في مواجهة الإسلاميين الذين حققوا فوزا كاسحا حتى الآن في الانتخابات البرلمانية متعددة المراحل، بحسب محللين.

* ساهم واريك في إعداد التقرير من واشنطن.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»