طهران تنفي تورطها في مذكرة اعتقال الهاشمي.. والمالكي يلمح لطرد خصومه «المتهمين بالإرهاب»

خبير قانوني لـ «الشرق الأوسط»: مجلس القضاء أصبح جزءا من الأزمة

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يتحدث في احتفال بـ«يوم العراق» بمناسبة رحيل القوات الأميركية في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

لمح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى إمكانية طرد خصومه السياسيين ممن وصفهم بأنهم «يضعون قدما في العملية السياسية وقدما أخرى مع التنظيمات الإرهابية» معتبرا أنه «لا مكان لهم بيننا» في إشارة إلى اخطر أزمة تواجه العراق اليوم والتي تمثلت باتهام نائب الرئيس العراقي والقيادي البارز في القائمة العراقية طارق الهاشمي بدعم الإرهاب.

ودعا المالكي الذي رعى أمس في بغداد أحد الاحتفالات المركزية بمناسبة «يوم الجلاء» والتي سوف تستمر حتى اليوم (الأحد) حيث من المقرر أن يرعى المالكي احتفالا مركزيا آخر فضلا عن تجمع جماهيري حاشد يقام في ساحة الفردوس «القيادات السياسية إلى التوحد استجابة لرغبة الشعب العراقي» معتبرا في الوقت نفسه أن «مشروع المصالحة الوطنية ساهم في دعم العملية السياسية وتثبيت الأمن والاستقرار» في البلاد. وفي محاولة منه لتجنب إشكالية «الاحتلال» و«التحرير» التي ظهرت عقب دخول القوات الأميركية العراق عام 2003 فإنه حمل النظام العراقي السابق مسؤولية انتهاك سيادة البلاد منذ عام 1990 عقب احتلال الكويت قائلا إن «هذا اليوم هو يوم العراق يوم السيادة الوطنية الحقيقية التي فقدها العراق ومنذ احتلال النظام البائد لدولة الكويت في عام 1990» موضحا أن العراق حصل «على سيادته الكاملة بهذا اليوم والذي سيكون عراقا جديدا بخروج قوات الاحتلال».

ويأتي خطاب المالكي الاحتفالي في ظل أزمة سياسية خانقة. وبينما يسعى الائتلاف الذي يتزعمه «دولة القانون» إلى فصل السياسي بالأزمة المتمثل في تعليق القائمة العراقية عضويتها في البرلمان والحكومة عن القضائي والمتمثل بالتهم الموجهة لنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بدعم الإرهاب بينما ترى العراقية أن المسالة متداخلة سياسيا وقضائيا.

العراقية من جانبها لمحت إلى أنها يمكن أن تعيد النظر في مشاركتها في المؤتمر الوطني المزمع عقده في غضون أسبوعين في حال لم تنفذ شروط القائمة. وقالت المتحدثة الرسمية باسم القائمة ميسون الدملوجي في تصريحات صحافية إن شروط العراقية هي «الأفراج عن المعتقلين وعدم تسيس القضاء وتحقيق الشراكة الوطنية الحقيقة في إدارة الدولة وصنع القرار» مشيرة إلى أن «نجاح المؤتمر مرهون بمدى التزام الأطراف السياسية المشاركة به في تنفيذ قراراته وتطبيقها على أرض الواقع».

العد التنازلي لجلسة البرلمان القادمة بدأ (الثالث من هذا الشهر) بينما لا تزال العراقية متمسكة بتعليق عضويتها في حين يتوقع بدء المشاورات الرسمية للإعداد للمؤتمر الوطني بعودة الرئيس العراقي جلال طالباني إلى بغداد في غضون اليومين المقبلين ومنها تشكيل اللجنة التحضيرية من قيادات الكتل للإعداد للمؤتمر بشكل دقيق. في هذه الأثناء لا تزال أزمة الهاشمي تراوح مكانها.

في الوقت نفسه دخلت إيران على الخط ولكن بشكل معكوس حين نفى سفيرها في بغداد حسن دنائي فر ما اعتبره «مزاعم الهاشمي» بأن بلاده طرف في إصدار مذكرة إلقاء القبض بحقه. السفير الإيراني وفي مؤتمر صحافي ببغداد قال «نحن نرفض المزاعم التي أطلقها الهاشمي ضد إيران وإن طرح مثل هذه المزاعم لن يساعد على تخفيف ملفه والتهم الموجهة إليه، وإن طرح هذه المزاعم سيؤدي إلى تعقيد ملف اتهاماته». وأضاف فر أن «إيران تؤكد أن التهم الموجهة ضد الهاشمي قضائية وعلى السلطات القضائية العراقية البت فيها وأن يتم حل ملف الهاشمي بالتعاون بين الأحزاب والمسؤولين العراقيين»، نافيا طلب الحكومة العراقية من إيران «التوسط لحل قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي».

من جانبه اعتبر الخبير القانوني إبراهيم الصميدعي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحل القانوني لقضية الهاشمي لا يحتاج إلى كل هذا التعقيد في حال حافظ رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود على استقلال القضاء». وأضاف أن «القضاء العراقي أصبح بكل أسف شاء أو لم يشأ طرفا في صناعة الأزمات في العراق والأمر الأكثر إيلاما أن القضاء الأعلى يبدو أنه لا يعرف حتى حدود ولايته لدولة يفترض أن تكون فيدرالية وفي هذه الحالة فإن السلطة التنفيذية لرئيس الوزراء الاتحادي تفوق السلطة التنفيذية لرئيس إقليم كردستان مثلما أن السلطة القضائية الاتحادية تفوق السلطة القضائية للإقليم».

واعتبر الصميدعي أن «بإمكان الهاشمي تقديم طلب بنقل قضيته إلى محكمة التمييز وبالتالي يحاكم في كردستان طبقا لقانون أصول المحاكمات الجزائية» متهما من سماهم بـ«فقهاء دولة القانون» في إشارة إلى القضاة والمحامين المقربين من دولة القانون بزعامة المالكي إلى «تسييس ما هو قضائي بموجب القانون».

وبشأن طلب الهاشمي تغيير مكان محاكمته من كردستان إلى المناطق المتنازع عليها مثل كركوك أو خانقين بدت «رسالة هامة للمالكي باحتمال تعاطي العرب السنة في العراق مع هذه المناطق التي كانوا حتى وقت قريب لا يعترفون بعائديتها إلى إقليم كردستان» فضلا عن كونها «أقوى مغازلة سنية للأكراد في هذا الوقت بالذات» على حد قوله.