مظاهرات حاشدة في حمص يفرقها الأمن السوري بالرصاص تحت أنظار البعثة العربية.. و7 قتلى في دير بعلبة

ناشط لـ «الشرق الأوسط»: أحد المراقبين بكى أمام هول الجثث.. وقال: لا أستطيع الاستمرار

متظاهرون سوريون يحملون جريحا بعد إطلاق الغازات المسيلة للدموع من القوات السورية في إدلب أول من أمس (رويترز)
TT

لا تزال مدينة حمص السورية تستقطب اهتمام بعثة المراقبين التابعة لجامعة الدول العربية، التي تتنقل بصعوبة بين منطقة وأخرى لاستطلاع الوضع ونقل مطالب الأهالي، في حين اعتبر ناشطون في حمص أن «مهمة المراقبين محفوفة بالمخاطر، وهم اليوم بحاجة إلى حماية أمنية». ويسأل هؤلاء عما «إذا كان المراقبون أتوا إلى سوريا لوقف القتل أم لتوثيق عمليات الإجرام فقط».

وكشفت مصادر ميدانية في حمص لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «وفد المراقبين تمكن اليوم (أمس) للمرة الأولى من الوصول إلى حي السلطانية الواقع ضمن بابا عمرو، بسبب الحصار المفروض عليه منذ أكثر من شهر». وأوضحت المصادر أن «حي السلطانية هو الأكثر دمارا في حمص، وسكانه منعزلون عن العالم الخارجي ويفتقدون إلى المواد الغذائية الأساسية، لا سيما حليب الأطفال والخبز»، مشيرا إلى أن «المحاصرين يقتاتون من المؤن القديمة المخزنة لديهم مثل البرغل والأرز». وأشارت إلى أن أبناء حي بابا عمرو «اغتنموا فرصة دخول المراقبين إلى المنطقة وخرجوا بمظاهرة يزيد عدد المشاركين فيها على الـ30 ألفا مطالبين بإسقاط النظام، لكن الأمن والجيش النظامي فتح النار عليهم رغم وجود المراقبين مما أدى إلى سقوط ثلاثة جرحى». ولفتت إلى أن «عددا مماثلا تظاهر في دير بعلبة أثناء تشييع شهداء سقطوا أمس (أول من أمس) منددين بالمجازر وعمليات القتل المتواصلة».

في هذا الوقت أعلن الناشط السياسي في حمص سليمان المحمود، أن «الكلمة في أحياء دير بعلبة وباب السباع والسلطانية والإنشاءات للقناصة وللمدفع، لأن لجنة المراقبين لم تغير شيئا على الأرض»، مشيرا إلى أن «سبعة قتلى سقطوا أمس في دير بعلبة رغم وجود المراقبين في هذه المنطقة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لقد شاهد المراقبون بأم العين كيف أن القناصة المتمركزة على حاجز كفرعايا الواقع على بعد 150 مترا من بابا عمرو، تطلق النار على كل من يتحرك في الطريق»، مؤكدا أن «الأحياء المنكوبة في حمص تعيش كارثة إنسانية حقيقية بسبب نفاد المواد الغذائية وتدمير المحلات التجارية التي تبيع هذه المواد ونهبها عن بكرة أبيها».

وأضاف الناشط السياسي «لقد ذهلت بعثة المراقبين عندما شاهدت الدمار، وقد قال أحدهم إن هذه المشاهد في هذا الحي تكفي لإسقاط أكبر نظام، كما أن أحد المراقبين أيضا لم يتمالك نفسه عند مشاهدته لجثث الضحايا، لا سيما الأطفال منهم، وقال إنه لا يستطيع أن يستمر في مهمته في هذا الجو». وسأل المحمود «هل جاء المراقبون ليوقفوا أعمال القتل أم ليوثقوا العمليات الإجرامية؟ وما نفع أن يستمروا في مهمتهم وكل يوم يسقط أكثر من 40 شهيدا؟!». وأضاف «إن هؤلاء المراقبين مجرد أسرى ورهائن في يد النظام السوري، إذ لا يمكنهم أن يخطو خطوة واحدة إلا بعد حصولهم على الإذن من الأمن السوري».

ولفت الناشط إلى أنه «لا يسمح لوفد المراقبين بدخول أي مشفى إلا بعد أن يخرج منه جماعة النظام الجثث والجرحى، كما أنه لا يستطيع دخول أي حي إلا بعد أن يسحب الجيش الدبابات والآليات العسكرية منه»، مشيرا إلى أن «الأيام الثلاثة الماضية وطيلة وجود أعضاء اللجنة في الأحياء يتوقف القصف والقناصة، لكن ما إن تخرج اللجنة عند غروب الشمس تعود مدفعية (الهاون) لتدك هذه الأحياء بالقصف، وتصطاد القناصة كل شيء يتحرك في الطريق»، موضحا أن «هؤلاء المراقبين باتوا بحاجة إلى الحماية من إطلاق النار ومن الاستهداف اليومي». وشدد على أن «انسحاب المدرعات من الأحياء هو انسحاب تكتيكي لأنه ما إن يخرج المراقبون من المنطقة التي يزورونها حتى تعود المدرعات إلى عملها، وإذا اتصلنا بالمراقبين ليعودوا ويشاهدوا هذه الآليات لا أحد يجيبنا».

وفي غضون ذلك، قال ناشطون إن محاولات نظام الرئيس السوري بشار الأسد وقواته لم تثن الزحف الشعبي للنزول إلى الساحات في مدينة إدلب السورية يوم الجمعة. وتزامنت المظاهرات مع زيارة ميدانية قام بها فريق من اللجنة العربية إلى المدينة ووقوفهم فوق أسطح الأبنية المجاورة للمساجد لمراقبة ما يجري، حيث استقبلهم سكان المدينة بلافتات تطالب «الجامعة العربية» بحسم فوري للأزمة السورية، فيما كان النظام لا يزال يفتح النار على المتظاهرين رغم وجود لجان المراقبة العربية، فسقط 3 قتلى من إدلب شيعتهم المدينة صباح أمس، حيث خرج المئات رغم «التضييق» الأمني من قبل قوات الأمن السورية لتشييع القتلى وهم يطالبون بـ«إعدام الرئيس» كما أظهرت مقاطع فيديو بثها الناشطون على موقع «يوتيوب».

ونقل معتز، أحد الناشطين، عبر «الشرق الأوسط» واقع المدينة «المأساوي»، إذ قال إن «المدينة بحاجة إلى مادة المازوت، ولا سيما في ريف إدلب، الذي يشهد في هذه الأوقات من العام برودة قاسية»، وأشار إلى أن «السكان يعانون أيضا من نقص بالمواد الغذائية»، متخوفا من أن «تتحول إدلب إلى مدينة حمص ثانية».

وأكد معتز أنه تم نقل ما يجري من مظاهرات صباح الجمعة في إدلب على الهواء مباشرة على أكثر من قناة عربية وعالمية من أمام مبنى المحافظة وعند قدوم حشود الريف من طرف دوار المحراب إلى ساحة هنانو، حيث قام النظام بقطع الإنترنت لإيقاف البث المباشر، وقام القناصة الذين كانوا يتمركزون فوق مبنى المحافظة «ملثمين بالأسود» بمراقبة عدسة البث بشكل دائم، وبعد قطع الإنترنت بدأ القمع بشكل وحشي بإطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز وسقط الشهداء والجرحى.

إلى ذلك، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات الأمن السورية أطلقت الرصاص الحي في الهواء لتفريق آلاف المتظاهرين الذين توافدوا إلى ساحة الجامع الكبير في مدينة دوما للمشاركة في تشييع «شهداء» قتلوا الخميس، كما أضاف المرصد أن «تشييع ثلاثة شهداء قتلوا الجمعة في إدلب برصاص قوات الأمن السورية تحول إلى مظاهرة حاشدة توعدت بالانتقام من النظام والقتلة».

وفي بلدة طيبة في محافظة حماه، توفيت شابة في الـ21 من العمر «متأثرة بجروح أصيبت بها خلال إطلاق رصاص الجمعة في مدينة حماه».

وتفيد الأمم المتحدة بأن أكثر من 5 آلاف شخص سقطوا حتى الآن نتيجة القمع في سوريا في حين اعتقل أكثر من 14 ألفا آخرين.