بث مفاجئ لقناة فضائية موالية للقذافي على «النايل سات» يهز العلاقات الليبية ـ المصرية

الكشف عن مخطط إرهابي جديد لأتباع القذافي لقطع الكهرباء عن طرابلس

العقيد الليبي الراحل يقرأ في الكتاب الأخضر
TT

أحدث تدشين مفاجئ لقناة فضائية لـ«المقاومة الليبية» باسم «الجماهيرية» على القمر الصناعي المصري النايل سات، جدلا كبيرا في العلاقات المصرية - الليبية.

وقال يوسف شاكير أبرز مقدمي البرامج التلفزيونية الليبية الموالين لنظام القذافي المتواجد حاليا في العاصمة السورية دمشق في تصريحات صوتية بثها عبر موقع الـ«يوتيوب» لتبادل لقطات الفيديو المصورة: إن القناة التي سينطلق بثها بصورة رسمية منتصف شهر يناير (كانون الثاني) الجاري ستفتح باب التبرع لقبول مساهمات مالية وشعبية من أجل استمرار صوت المقاومة ضد الأوضاع الحالية في ليبيا.

وعادت قناة «الجماهيرية» التي يطلق الليبيون عليها اسم قناة «القنفود» تندرا، للظهور المفاجئ للمرة الأولى في بث حي في وقت سابق على قمر النايل سات، حيث استهلت إرسالها بنشيد «الله أكبر» المعبر عن نظام القذافي السابق وآيات من القرآن الكريم قبل أن تعيد بث كلمة قصيرة مسجلة للقذافي قبل مصرعه سبق إذاعتها ويحث فيها الليبيين على القتال ويقول فيها: «حتى إذا مات القذافي فإن النظام الجماهيري باق والشعب الليبي سوف يواصل النضال والكفاح ضد حلف الناتو الصليبي الاستعماري».

وبثت القناة أيضا أغاني تحريضية تحث الليبيين على تحرير البلاد مما وصفته بالاحتلال الصليبي لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وفقد الموالون للقذافي الدعم الذي تقدمه لهم قناة «الرأي» الفضائية التي كانت تبث من دمشق، بعدما توقف بثها بشكل مفاجئ الشهر الماضي فيما عرض مالكها المعارض العراقي مشعان الجبوري على عائشة ابنة القذافي المتواجدة حاليا في الجزائر تسيير شؤون القناة أو نقلها إلى بلد ثالث.

لكن يوسف شاكير الهارب من قبضة الثوار، دشن قناة جديدة باسم «تلفزيون ليبيا» على شبكة الإنترنيت وأطلق موقعا إلكترونيا لها قبل أن يعلن عن اعتزامه بث القناة على القمر الصناعي المصري.

لكن محاولة البحث عن ترددات القناة على القمر المصري لم تفلح مساء أمس، فيما قال ناشطون ليبيون إن الشركة المصرية تعرضت لخدعة بعدما سمحت للقناة بالفعل بالبث على أساس أنها قناة للترفيه والأغاني ولا علاقة لها بليبيا مطلقا.

وأوضح المركز الإعلامي لقناة «العاصمة» وهي قناة فضائية ليبية تبث من تونس، أن إدارة شركة «نور سات» أوقفت بث قناة «الجماهيرية» بعد ظهورها المفاجئ، مؤكدا أن إدارة القمر المصري والحكومة المصرية ليس لهما أي علاقة من قريب أو بعيد بما سماه بهذه المؤامرة.

وطبقا لما أكده المركز وتطابق مع معلومات لناشطين ليبيين، فقد انطلق بث هذه القناة عبر قمر أتلانتك بيرد AB7 التابع لليوتل سات ضمن حزمة قمر «نور سات» عن طريق شركة بريطانية مقرها لندن على أساس موافقة قناة دعائية وترفيهية وليس لها أي علاقة بليبيا، مشيرا إلى أنه وبعد اكتشاف شركة «نور سات» للخدعة وتحققها من الموضوع أوقفت بث القناة فورا.

واتهم المركز كلا من يوسف شاكير وعبد الله عثمان وهما من الموالين للقذافي بالمسؤولية عما حدث، لكنه شدد على أن شركة «نور سات» لعبت دورا بارزا في مساندة الثورة الليبية من خلال إطلاق أكثر من 10 قنوات ضمن الحزمة المخصصة لها في الوقت الذي رفضت فيه إدارة النايل سات ذلك أثناء وجود القذافي.

ورفض مسؤولون مصريون التعليق على هذه المعلومات لكن مسؤولا بالشركة المختصة بالتعاقدات التي تسمح للقنوات بالبث على القمر الصناعي المصري قال لـ«الشرق الأوسط»: إنه لن يتم السماح لأي قناة موالية للقذافي بالعمل من خلال شبكة القمر الصناعي المصري.

ومع ذلك، ندد مجلس ثوار العاصمة الليبية طرابلس بما أقدمت عليه الشركة المصرية من السماح بإعادة بث قناة «الجماهيرية» التابعة لنظام الطاغية المقبور والتي يشرف عليها ويمولها ثلة من عبيد وأزلام الطاغية الذين سرقوا أموال الشعب الليبي هادفين إلى الإساءة إلى ثورة السابع عشر من فبراير (شباط) المظفرة.

ودعا المجلس في بيان لـ«الشرق الأوسط» إلى ضرورة الوقف الفوري لبث هذه القناة وعدم السماح لأي قنوات تحمل ذات التوجه بالبث على القمر الصناعي المصري أو غيره من الوسائط المسموعة أو المرئية.

وحمل البيان المجلس العسكري المصري المسؤولية السياسية والدبلوماسية والقانونية، مهددا باتخاذ كافة الإجراءات سواء بقفل الحدود وإنهاء إقامة كافة المصريين وإغلاق السفارة المصرية وقنصلياتها ردا على أي تصرف من شأنه الإساءة للثورة الليبية.

يشار إلى أن السلطات المصرية امتنعت عن الاستجابة لمطالب الثوار بوقف بث القنوات الفضائية الرسمية الموالية لنظام القذافي حتى تمكن الثوار من اجتياح معقله الحصين في ثكنة باب العزيزية في العاصمة طرابلس في شهر أغسطس (آب) الماضي.

واتخذت مصر موقفا محايدا إلى حد ما خلال الأزمة التي انتهت بعد 8 أشهر من المعارك الطاحنة بين قوات القذافي والثوار، لكنها رفضت في المقابل عروضا مغرية من القذافي قبل مقتله لتسليحه وتزويده بالعتاد العسكري وبمقاتلين.

وكانت العاصمة المصرية القاهرة هي أول عاصمة عربية يزورها المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي بعد إعلان تحرير ليبيا ومقتل القذافي، حيث التقى المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري وكبار المسؤولين في الحكومة لفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين.

وفي سياق آخر وبعد ساعات فقط من إعلان المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي عن وجود ما وصفه بعناصر مندسة تعمل بالتعاون مع عناصر من نظام العقيد الراحل معمر القذافي بهدف إثارة القلق والاضطرابات في ليبيا، كشفت مصادر حكومية ليبية النقاب عما سمته بمخطط إرهابي مدعوم ماليا من قبل أزلام النظام السابق المنهار يستهدف ضرب شبكات ومحطات إنتاج الكهرباء في العاصمة الليبية طرابلس.

وأكد مكتب الإعلام بقطاع الكهرباء والطاقات المتجددة أن «فرسان ليبيا الأشاوس» قد تمكنوا من إحباط المخطط قبل تنفيذه في اليوم الأول من بداية العام الجديد 2012، مشيرا إلى أنه كان يستهدف جعل طرابلس تغرق في الظلام ليتمكن الإرهابيون المحسوبون على نظام القذافي من القيام بعمليات تخريبية.

وأشار المكتب في بيان أصدره أمس وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إلى أن أتباع القذافي كانوا يحاولون عبر هذا المخطط نشر البلبلة بين الناس من خلال عمليات إطلاق النار العشوائي وتنفيذ تفجيرات إرهابية في مناطق مختلفة من مدينة طرابلس.

واستغرب البيان التوقيت الذي اختاره بعض موظفي قطاع الكهرباء والطاقات المتجددة للتظاهر السلمي بالتزامن مع نفس الموعد الذي حدده أزلام القذافي للقيام بعمليات تخريبية من خلال ضرب شبكات ومحطات إنتاج الكهرباء بطرابلس.

وتساءل المكتب عن مغزى اختيار بعض موظفي القطاع هذا التوقيت للتظاهر دون سواه، ودعا إلى عدم اتخاذ خطوات غير مدروسة قد يستغلها الحاقدون لتمرير أجنداتهم التخريبية من خلال استهدافهم الأماكن الحيوية والاستراتيجية والتي على رأسها محطات إنتاج الكهرباء.

وهذه هي أحدث محاولة تكتشفها السلطات الليبية الجديدة للقيام بعمليات إرهابية في الداخل، علما بأن جهاز الأمن الوقائي الليبي أحبط قبل نحو 10 أيام فقط عملية مماثلة كانت تحمل اسم «بابا نويل» لاستهداف السفارات والقنصليات والحقول النفطية العاملة في مختلف المناطق الليبية بالتزامن مع حلول رأس السنة الميلادية.

وكان المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الذي يتولى السلطة في ليبيا بعد الإطاحة بنظام القذافي في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قد جدد أمس التحذير من فلول القذافي، وقال في مقابلة بثتها مساء أول من أمس قناة «العربية» الفضائية إن هناك من هم على علاقة بالنظام السابق وعلى اتصال بالساعدي نجل القذافي المقيم حاليا في النيجر بعدما حصل على اللجوء السياسي، ويحاولون دس الفتن بين القبائل الليبية والسعي لإحداث انقسامات في المجتمع الليبي.

واعتبر عبد الجليل أن الدعوات والمظاهرات المطالبة برحيله والتي شهدتها بعض المناطق في ليبيا مثل بنغازي هي تعبير عن الديمقراطية، لكنه قال: إنه إذا طلب نصف الليبيين أو أكثر رحيله فسوف يرحل.

وأكد عبد الجليل الذي شغل في السابق منصب وزير العدل في الحكومة الليبية السابقة قبل أن ينشق على نظام القذافي وينضم للثورة الشعبية التي اندلعت في السابع عشر من شهر فبراير الماضي، أنه ليس حريصا على المنصب ويعلم أن رحيله ربما يؤدي لكارثة وأن بقاءه مهمة وطنية قبل كل شيء، واعترف بأن الكثير من مطالب المحتجين حقيقية ولها مبررات ولكن ليست بالحدة التي تدفع المتظاهرين لمطالبته بالرحيل.

وأكد عبد الجليل أن المجلس الانتقالي لم يصدر عنه أي التزام بتقديم أموال للمعارضة السورية، موضحا أن المجلس وعد فقط بمساعدات إنسانية ومواد عينية وإغاثة لبعض النازحين السوريين الذين وصل بعضهم لبنغازي.

وشدد على أن ليبيا ليست بصدد إرسال مقاتلين لسوريا أو لأي مكان، وقال: «الثوار الليبيون قاتلوا من أجل ليبيا والتخلص من نظام القذافي وكفى».

وعن دور قطر، قال عبد الجليل إنها قدمت الكثير لليبيا وهي دولة صغيرة وليس لها مطامع عسكرية أو سياسية في أي دولة في العالم العربي. ومع أنه أقر بأن لقطر اتصالاتها الوثيقة ببعض المقاتلين على الأرض من الثوار، إلا أنه شدد في المقابل على أن الليبيين الذين استطاعوا الإطاحة بنظام القذافي قادرون على حماية مصالحهم والسير بمستقبلهم للأفضل.

من جهة أخرى، قال مسؤولون أميركيون إن تنظيم القاعدة أرسل ناشطين إلى ليبيا في محاولة لتجنيد عناصر بعد سقوط نظام القذافي، لكنه لم يحرز أي تقدم كبير هناك. وقال مسؤول أميركي ردا على تقرير بثته شبكة «سي إن إن» الأميركية أول من أمس يتحدث عن إرسال ناشطين من التنظيم أحدهم بريطاني، كان يشتبه بتورطه بالإرهاب، إلى ليبيا حيث قاموا بتجنيد عناصر: إن «(القاعدة) أرسلت بضعة عناصر وتشجع أعضاءها المحليين في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على التسلل إلى ليبيا للقيام بأنشطة متشددة». إلا أنه أضاف أن (القاعدة) تضررت إلى حد كبير بالحملة الأميركية ضدها طوال عقد كامل وأصبحت مهمشة بفعل الانتفاضات الشعبية في ليبيا والعالم العربي.

وقال المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه في رسالة إلكترونية لوكالة الصحافة الفرنسية إنه «في ما يتعلق بالإطاحة بالقذافي وبالربيع العربي عموما، وصلت (القاعدة) متأخرة إلى المعادلة».

وكان مصدر ليبي قد أعلن أن زعيم تنظيم القاعدة المتشدد أيمن الظواهري هو من أمر شخصيا بإرسال البريطاني الذي كان موقوفا إلى ليبيا، إلا أن المسؤولين الأميركيين لم يتمكنوا من تأكيد تورط الظواهري أو عدد الأشخاص المتورطين.

وبعد سقوط القذافي أبدت الحكومات الغربية قلقها من احتمال أن تستغل «القاعدة» أو مجموعة أصولية أخرى عدم الاستقرار في ليبيا أو أن تستولي على صواريخ أرض - جو قام النظام السابق بتخزينها.