الصدر يصعد هجومه على «عصائب أهل الحق» وزعيمها يرد بالدعوة إلى «فتح صفحة جديدة»

أقر لأول مرة بتبعية المجموعة المنشقة عن تياره لإيران.. واتهمها بقتل نائب صدري عام 2008

قيس الخزعلي يتحدث في إحدى المناسبات ووراءه صورة كبيرة لمقتدى الصدر قبل انشقاقه عن الأخير
TT

قطع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر كل خطوط الرجعة مع جماعة «عصائب أهل الحق» المنشقة عن تياره عندما اتهمها بقتل النائب في البرلمان العراقي عن التيار الصدري صالح العكيلي. وكان العكيلي قتل بانفجار عبوة ناسفة استهدفت موكبه خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2008 في مدينة الصدر، معقل التيار، شرق بغداد.

ومثل سواها من حوادث العنف فإنه ورغم قيام الحكومة وبأمر من رئيس الوزراء نوري المالكي بتشكيل لجنة تحقيق في الحادث واعتقال 13 فردا من عناصر الحماية الأمنية التي كانت ترابط بالقرب من مكان انفجار العبوة الناسفة فإن ملف العكيلي أغلق منذ ذلك التاريخ.

وفي ثاني أقوى هجوم لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر منذ الإعلان عن دخول «عصائب أهل الحق» العملية السياسية وإلقائهم السلاح، قال الصدر إنه سبق أن طلب منهم في وقت سابق عندما كان مقيما في إيران تغيير اسمهم لكنهم أعلنوا رفضهم لمقترحه. وأضاف الصدر في بيان له حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه وجاء على شكل رد لسؤال أحد أنصاره بشأن موقفه النهائي من العصائب «اليوم حيث جاءت فرصة الانتخابات بانت نواياهم وبان مدى عشقهم للسياسة الدنيوية وكراسيها». وأضاف «لقد طلبت من مسؤوليهم في الجمهورية الإسلامية أن يغيروا اسم العصائب وأن يغيروا القيادة الثنائية ليكون بابا لرجوعهم لأبيهم الصدر والمكتب الشريف فأبت كل الأطراف ومنهم العصائب ذلك». وهذه المرة الأولى التي يشير فيها الصدر إلى أن إيران تدعم هذه المجموعة التي كانت واشنطن تتهمها باستمرار بدعمها، فيما كانت طهران تنفي علاقتها بها. وبينما لم يحدد الصدر في بيانه القيادة الثنائية، لكن المجموعة يقودها قيس الخزعلي وشقيقه ليث.

ووجه الصدر اتهاما صريحا لـ«عصائب أهل الحق» بالقتل قائلا «إنهم سلموا أسلحتهم لينخرطوا في العملية السياسية التي كانوا يقتلون أفرادها ابتداء بالشهيد صالح العكيلي». ومضى في سرد اتهاماته لهم قائلا «واستمروا في قتل أفراد الجيش العراقي وشرطته مدعين عمالتهم»، متسائلا «فلماذا تنخرطون بالعملاء». وكان الصدر قد أصدر قبل يومين هجوما عنيفا آخر عندما اتهمهم بأنهم «مجموعة من القتلة ولا دين لهم»، مؤكدا أن «هؤلاء هم عشاق الكراسي ومن تبعهم فهو منهم».

من جهته، أعلن الخزعلي خلال مهرجان حضره أمس مئات من أنصاره في ساحة الحرية وسط بغداد بمناسبة «النصر والتحرير»، أن الجماعة تخلت عن «المناصب والكراسي» واختارت أن تبقى في المعارضة «لمراقبة عمل الحكومة». وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قال الخزعلي في ما بدا ردا على مقتدى الصدر: «نعتقد أن من الضروري التصدي لمعالجة النقص الرئيسي الذي تعاني منه العملية السياسية، وهو عدم وجود معارضة سياسية حقيقية صحيحة تقوم بمراقبة عمل الحكومة». وأضاف: «لذلك أبناء المقاومة أخذوا على عاتقهم هذه المسؤولية، وارتضوا أن يضحوا بالمناصب والكراسي التي عرضت عليهم أو التي يمكن أن تعرض عليهم في المستقبل، لأن هذا هو ديدن أبناء المقاومة في التضحية والإيثار من أجل وطنهم وأبناء شعبهم».

ودعا الخزعلي خصومه وفي مقدمتهم الصدر إلى عدم سوق الاتهامات، وقال: «العراق يشهد مرحلة حساسة ومهمة في تاريخه (...) والشعب العراقي يتطلع الآن إلى مرحلة جديدة يبني فيها بلده ويعوض الخسائر وينسى فيها ألمه.. يتطلع إلى مستقبل مفرح ينعم أبناؤه فيه بالرفاه والأمان، وهنا مسؤولية الجميع». وأضاف: «نعتقد أن وجود أبناء المقاومة في العملية السياسية والمشاركة في بناء البلد عنصر قوة وصمام»، داعيا الجميع إلى «فتح صفحة جديدة تتناسب والمرحلة المقبلة».

تزايد حدة الخلافات بين الطرفين بات يعكس قلقا متصاعدا لاحتمال تحوله إلى أعمال عنف بينهما، لا سيما في المناطق والأحياء الشيعية من بغداد خصوصا مدن الصدر والحرية والشعلة وأحياء حي العامل والبياع وغيرها من المناطق التي لكليهما نفوذ فيها. وبينما يحتل التيار الصدري من خلال «كتلة الأحرار» 40 مقعدا في البرلمان العراقي بالإضافة إلى 6 وزراء تابعين للتيار الصدري في الحكومة الحالية فإنه لم يعرف حتى الآن في الأوساط السياسية كما في أوساط المراقبين السياسيين السبب الذي يجعل الصدر يعلن رفضه لانضمام العصائب إلى العملية السياسية. من جهته اعتبر مصدر مقرب من التيار الصدري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المسائل التي تطرق لها السيد مقتدى الصدر تعد من الشؤون الداخلية غير القابلة للتداول الإعلامي، وأن الصدر هو الوحيد المخول بالبت فيها»، على حد قوله.