محركات خارقة ترفع سرعة الإنسان إلى 12 مرة سرعة الصوت

الصورة من وكالة الفضاء الألمانية
TT

إلى أن يصل الإنسان إلى سرعة الضوء، التي قد تؤهله لغزو العوالم الأخرى من المجرات، يمكن لسرعة عالية تتجاوز سرعة الصوت أن تحدث ثورة في عالم الفضاء والنقل الجوي.

وبدلا من التقنيات التي تحاول رفع سرعة المركبة الفضائية عن طريق هندسة الشكل والديناميكية الهوائية، يعول العلماء الألمان والأستراليون على محركات جديدة يمكن أن تحدث الثورة المنتظرة في عالم الفضاء. ويتحدث علماء البلدين عن محركات جديدة، أو لنقل عن نظام تشغيل جديد، يمكن أن يرفع سرعة المركبات الفضائية إلى 15 ماخ، أي 15 مرة سرعة الصوت.

وكالة الفضاء الألمانيةDLR قالت قبل فترة قصيرة إنها نجحت، بالتعاون مع علماء أستراليين، في تجربة نظام تشغيل جديد يمكن أن يقلص المسافات الفضائية الشاسعة بفضل سرعته الخارقة. وتم تزويد المركبات الفضائية الأسترالية من نوع «سكرام سبيس» بهذا النوع الجديد من المحركات المصغرة. وأطلق العلماء على هذه المحركات اسم «سكرام جيت Super Sonic Combustion Ramjets» بالنظر لتوافقها مع أنظمة مركبات الفضاء الاسترالية المصغرة التي تحمل اسما مقاربا.

وذكر رئيس المشروع كلاوس هانمان، من وكالة الفضاء الألمانية، أن أنظمة تشغيل «سكرام جيت» لا تحتوي على أجزاء متحركة كما هي الحال في المحركات النفاثة التقليدية، وهذا يمنحها متانة أكبر أمام عوامل الاحتكاك. كما أنها تستمد ما تحتاجه من الأوكسجين من جو الأرض، وتتخلى من ثمة عن خزانات الأوكسجين التقليدية التي تزود بها الصواريخ التقليدية، وهذا يقلل وزنها مرة أخرى. وعليه فهي قادرة على بلوغ سرعة 15 ماخ بالتدريج دون أن تتأثر خارجيا.

ومن المنتظر أن يجري في مارس (آذار) 2013، إذا تم التحقق من كافة النتائج إيجابيا، إطلاق أول مركبة تجريبية مصغرة تحمل اسم «سكرام سبيس 1» تعمل بنظام التشغيل الجديد. وهي مركبة طولها 180 سم ويرفعها إلى مسافة 340 كم فوق سطح الأرض صاروخان ينفصلان عنها عند خروجها من منطقة الجاذبية. وتعود المركبة لاحقا إلى الأرض بفضل نظام التشغيل الجديد «سكرام جيت» الذي ينطلق بها إلى جو الأرض بسرعة 8 ماخ أو 8600 كم في الساعة.

بدأت التجارب في استراليا في مختبرات جامعة كوينزلاند، ثم تمت المواصلة في مختبرات وكالة الفضاء الألمانية في مدينة غوتنغن لعدم وجود بعض التجهيزات المختبرية في استراليا. ففي غوتنغن تمكن العلماء من تجربة المحركات الجديدة في قنوات هوائية خاصة هي الأفضل على المستوى العالمي، حسب رأي هاينمان. في غوتنغن أجريت التجارب داخل قناة هوائية متينة طولها 62 مترا، واستخدم العلماء غاز الهيليوم كوقود لتشغيل المحرك. ويقول هاينمان إن القناة تحولت بأكملها إلى «مضخة هوائية» هائلة، فأصيب غلافها الخارجي بالعطب بسبب ضغط المحرك السريع «سكرام جيت»، ثم إن الهواء داخل القناة ارتفعت حرارته إلى 3 آلاف درجة مئوية، لكن المركبة انطلقت بسرعة بالغة وصلت إلى 8 ماخ (900 كم/ساعة).

وأضاف هاينمان أن ما حدث في مختبرات غوتنغن يشبه ما يحدث في تقنيات الفضاء عند إطلاق الصواريخ الناقلة للمركبات الفضائية على بعد 30 كم عن سطح الأرض، وهذا ما يعبر عن متانة وصلاحية القناة التي أجريت فيها التجربة. ويجري الآن التأكد من المعطيات، كما ستجري محاكاة العملية مجددا على الكومبيوتر، بهدف التأكد من النتائج، قبل منح الضوء الأخضر لإطلاق مركبة «سكرام جيت» من أستراليا. روسل بويس من جامعة كوينزلاند قال إن بلاده تعول كثيرا على برنامج «سكرام سبيس» في تطوير برنامجها الفضائي. وسيجري إطلاق مركبة «سكرام جيت1» في مارس 2013 من قاعدة ووميرا الأسترالية، وتعود إلى الأرض لتسقط في الصحراء الأسترالية أيضا. ومن المتوقع أن تشتعل المركبة في الفضاء وتتحطم قبل بلوغ الأرض، لكن العلماء يكونون حينها قد سجلوا كل شيء عن المحرك، الذي هو قلب هذه التجربة بالطبع. ومن المؤمل أن يتوصل العلماء إلى تفاصيل رقمية أكبر عن المحرك من خلال عدة تجارب أخرى يجري خلالها بالتدريج، وخطوة خطوة، الانتقال من سرعة 5 إلى 15 ماخ.