العاصمة النمساوية تودع «الملكة» وتحولها إلى فنادق للحشرات

جريا على تقليد للاستفادة من مخلفات أشجار عيد الميلاد بعد انقضاء الموسم

شجرة عيد الميلاد في فيينا قبل تقطيعها
TT

جرت صبيحة أول من أمس بالعاصمة النمساوية فيينا، مراسم إزاحة «الملكة» من أمام مقر العمدة (الرات هاوس)، وذلك بتجريدها تقطيعا وتجزئة باستخدام مناشير كهربية ضخمة، ومن ثم جمعها في شاحنات رحّلتها بعيدا، فيما ظل حشد من المعجبين يتابع رحيلها بعيون حزينة وهم يتخيلون كيف كانت جميلة وطويلة ورفيعة وحلوة الزينة.

«الملكة» التي تم نزعها هي أشهر شجرة عيد ميلاد تم تزيينها في كل أنحاء النمسا للاحتفال بعيد الميلاد لعام 2011، وكانت قد وصلت العاصمة معززة مكرمة من إقليم بورقندلاند الواقع شرق النمسا عقب فوزها باللقب الملوكي بعد منافسة قوية شاركت فيها أشجار الأقاليم التسعة. وعلى عكس المؤهلات المطلوبة في مثل هكذا مسابقات جمالية، أهلها للفوز كبر عمرها الذي تجاوز الـ80 عاما، بالإضافة لاستقامتها رغم ارتفاعها الذي وصل إلى 29 مترا، إذ تستبعد لجنة الاختيار الأشجار الصغيرة اليافعة، كما تستبعد الأشجار شديدة الضخامة.

وكانت الشجرة قد قطعت بعد فوزها بتاريخ 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ووصلت إلى فيينا في نهار الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) بصحبة ركب رسمي يتقدمه عمدة بورقندلاند وفرقة موسيقية، وفي معيتهم جوقة مشجعين بالزي الإقليمي المميز. وبعد نصبها في وسط ساحة الرات هاوس التاريخية الأنيقة، تمت إضاءتها في حفل فخم استضافه عمدة فيينا وحضره حشد من الضيوف والدبلوماسيين يوم 12 ديسمبر (كانون الأول)، معلنين افتتاح أكبر سوق شعبية توفر معدات زينة ومأكولات الأعياد، بالإضافة لما تشيعه في المدينة من أجواء وطقوس موسمية محبوبة ومشهورة.

وحسب التقليد يتم اختيار شجر معمرة نمت نموا طبيعيا على نحو سلس، وتنصب بالعاصمة كملكة جميلات أشجار الجمهورية النمساوية الثانية، حيث تحتدم المنافسة بشدة بين الأقاليم وكل يزهو بصلاحية تربته وعظيم عنايته بغطائه النباتي واعتزازه بغاباته آملا أن تحتفل البلاد قاطبة باختيار شجرة من أشجاره.

وتقول الفكرة إن قطع شجرة معمرة يفسح المجال لنمو أخريات جديدات، مما يسمح بتجديد دورة الحياة ويمنح التربة مجالا للراحة والتهوية.

من ناحية أخرى، يشدد التقليد على ضرورة الاستفادة من الشجرة المقطوعة بصورة أو أخرى بعد انتهاء فترة الأعياد، كتصنيعها في شكل مقاعد أو أدراج مدرسية وأثاثات توزع على ملاجئ، بل تقدم أحيانا كهدايا من النمسا.

وقد تمت الاستعدادات للاستفادة من شجرة 2011 في صنع 30 «فندقا» تخصص للحشرات كتلك التي خصصت عام 2010 للخفافيش والوطاويط سيجري توزيعها على 10 مواقع، من بينها 8 حدائق عامة بفيينا، بالإضافة لفندق بغابة أوتكرينق، وآخر بغابة لوباو. وتجيء هذه الفنادق (وهذه هي التسمية الرسمية التي يطلقونها عليها) كما بدا في نموذج تم عرضه في هيئة أشبه ببيت من الخشب ليست له أبواب، مقسم لحجرات وضعت في كل منها بدلا عن الأثاثات بالطبع كميات من العيدان المجوفة التي تضم ثغرات في أكثر من موقع بحيث يمكن للحشرات أن تدخل وتخرج كلما شاءت تماما كما تعيش في الطبيعة. ويذكر أن النحل والخنافس والفراش هي الأكثر تفضيلا لهذه المرافئ الآمنة، خاصة في فصل الشتاء.

إلى ذلك، نظمت معتمدية فيينا 19 نقطة لتسلم مخلفات أشجار عيد الميلاد من الأهالي بدءا من يوم 14 الحالي، لحصرها ومن ثم تحويلها إلى كتل نباتية حيوية لتوليد حرارة صديقة للبيئة بدلا من مجرد حرقها أو رميها في صناديق الزبالة.

ومن جانبه، يهدف مشروع تحويل الشجرة الأكبر أو الملكة إلى فنادق لتسليط الضوء على برامج مكافحة الآفات وفق أسلوب يعمل على الحفاظ على التوازن البيئي.

وفي سياق مواز، كان بعض النشطاء البيئيين والسياسيين الخضر قد دشنوا مشروعا بالتعاون مع نقابة بائعي أشجار عيد الميلاد لتأجير أشجارهم بدلا من بيعها، بحيث يتسلمها الراغبون من المواطنين صبيحة يوم الميلاد نفسه لتزيينها والاحتفاء بها، مع الالتزام بالحفاظ على قنان صغيرة تعمل على تغذيتها بالماء، ومن ثم تعاد بعد ثلاثة أو أربعة أيام على الأكثر لتتم إعادة زراعتها مرة أخرى.