«الأرصاد» تقود أكبر مشروع تنظيف للشواطئ والمناطق الشمالية من آثار حرب الخليج

تكلفت في الجزء الأول 400 مليون دولار.. ويجري صرف 800 مليون أخرى

الأمير تركي بن ناصر خلال المؤتمر الصحافي أمس («الشرق الأوسط»)
TT

تقود الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة مشروع تنظيف يعد الأكبر على مستوى العالم، والمتمثل في تنظيف الشواطئ السعودية الملوثة، التي بلغ مجموع طول ما تم تنظيفه منها نحو 800 كيلومتر خلال منتصف المشروع، وهو ما يشكل نسبة 50 في المائة من إجمالي شواطئ المملكة في الخليج العربي، عدا عن الانتهاء من تنظيف مساحة 350 مليون متر مربع واقعة شمال السعودية، وتخليصها من آثار حرب الخليج، في حين تبقى منها ما يقارب 6 آلاف كيلومتر مربع منها.

وأعلن الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة رئيس الجمعية السعودية للبيئة، عن بلوغ ميزانية ذلك المشروع الذي يعمل عليه 40 مقاولا حتى الآن نحو 400 مليون دولار، إلى جانب استمرار صرف 800 مليون دولار أخرى، مؤكدا على مواجهة الأرصاد صعوبات كثيرة خلال تنفيذ ذلك المشروع.

وقال في مؤتمر صحافي عقد بمقر الأرصاد في جدة: «ستتسلم الرئاسة بعد الانتهاء من هذا المشروع مشروعا متكاملا آخر يتضمن زراعة المناطق الصحراوية وإنشاء بنوك للبدء في إعداد دراسات حول بذور كل أنواع النباتات الموجودة بالسعودية، واستزراعها في تلك المناطق لمدة 4 سنوات بفعل مياه الأمطار»، لافتا إلى أن ذلك من شأنه أن يزيد الرقعة الخضراء في المملكة.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي نظمته الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أمس للإعلان عن انطلاق المنتدى الدولي للبنية التحتية وتأثيرها على البيئة تحت شعار «عرض البناء الأخضر ومشاريع البنية التحتية والنقل في دول مجلس التعاون»، والمزمع انعقاده برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال الفترة 15 إلى 17 يناير (كانون الثاني) الحالي بفندق بارك حياة في جدة.

وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط» كشف الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز عن بدء الرئاسة في التعاقد مع مقاول أجنبي بهدف إعادة تصميم مبنى الأرصاد وحماية البيئة الجديد الذي سيتم تسليمه بعد 6 أشهر من الآن، كي يكون أول بناء أخضر في المملكة، مشيرا إلى أنه سيكون بمثابة معرض لمن يرغب في مشاهدة المباني الخضراء على حقيقتها. وأضاف: «يعد البناء الأخضر مهما جدا على مستوى العالم، الأمر الذي دفع بنا إلى اتخاذ خطوات كبيرة بالنسبة لذلك التوجه، وهو ما سيتم شرحه خلال أيام المنتدى، خصوصا أن تنفيذه بشكل فعلي سيوفر استخدام مواد البناء والكهرباء والصيانة والتشغيل وغيرها»، مرجعا سبب التأخر في تسلم المقر الجديد للأرصاد إلى تحويله لمبنى بيئي.

وبيّن أن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بصدد تعيين نحو 300 موظفة للعمل فيها، وهن اللاتي ينتظر مجلس الإدارة صدور الأوامر لتعيينهن رسميا، مؤكدا أن ذلك ناتج عن النقلة النوعية التي شهدها واقع المرأة في المجتمع السعودي، عدا عن وجود أرقام مشابهة لموظفات داخل الوزارات الحكومية. وانتقد الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة ورئيس الجمعية السعودية للبيئة واقع الصناعة في السعودية من ناحية تعدد أماكن المصانع وعدم وجودها في مكان واحد، وذلك نتيجة عدم وجود رؤية مستقبلية سليمة خلال إنشائها، حيث إنه تم بناؤها قبل 60 عاما في أماكن صحراوية وصل إليها الزحف العمراني لتصبح في ما بعد داخل المدن.

ولكنه استدرك قائلا: «إن المصانع الخطرة يتم إغلاقها فورا، وهناك دوريات تفتيشية تقوم بعملها حاليا، إلى جانب تعيين 6 آلاف مفتش سعودي يحملون الشهادة الجامعية وتم تدريبهم بشكل متكامل للعمل على مستوى مناطق المملكة ككل خلال الفترة القريبة المقبلة»، معلنا في الوقت نفسه عن إطلاق قناة تلفزيونية تابعة لوزارة الثقافة والإعلام خاصة بالأرصاد والتوعية البيئية، وستعمل على نقل كل الأحداث والكوارث البيئية من مختلف دول العالم بشكل مباشر.

وأفاد بصدور النظام العام للبيئة في دول الخليج، الذي تخضع حاليا لوائحه التنظيمية والنظم البيئية المتعلقة به للدراسة، موضحا أن ذلك النظام سيكون غطاء لكل أنظمة دول الخليج المطبقة لحماية البيئة في ظل وجود لجان تعقد اجتماعاتها السنوية من أجل ذلك الغرض.

وفي ما يتعلق بمدى تأثر مناطق المملكة بمشاريع البنى التحتية، أكد الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز على وجود سوء في التنفيذ لتلك المشاريع، الأمر الذي يستدعي إيجاد كادر كامل لمراقبة المقاولين العاملين عليها، مضيفا: «ستتم مناقشة إنشاء إدارة كاملة للمراقبة على كل مشروع منها خلال أيام المنتدى مع أمناء المناطق الذين يجتمعون لأول مرة في هذا المنتدى».

المنتدى الدولي للبنية التحتية وتأثيرها على البيئة الذي سيفتتح أعماله مساء يوم الأحد المقبل، سيشهد توقيع مذكرة تفاهم مع كل أمانات مناطق المملكة لتنفيذ الفعاليات الخاصة بالبرنامج الوطني للتوعية البيئية والتنمية المستدامة، إلى جانب 7 جلسات عمل موزعة على مدار يومين تتضمن نظرة عامة على تقييم الأثر البيئي وتنمية البنية التحتية المستدامة، وكفاءة النقل والبناء والتخطيط، وتطوير أنظمة النقل المتكاملة والمراكز الحضارية، والاعتبارات البيئية للتنمية في البنية التحتية لمياه الشرب والصرف الصحي، والاستثمار في توسيع البنية التحتية البيئية بالسعودية، وطرح حلول بيئية مبتكرة للتحديات الصناعية والبنية التحتية.

وهنا، علق الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز قائلا: «يصبو المنتدى دائما إلى النقاش الكامل بين المواطنين والمؤهلين في هذا المجال وبين أمناء المدن، ونأمل أن يكون هذا المنتدى الأول الذي يرفع بالأمور المهمة للبيئة في ما يتعلق بالبنية التحتية للمملكة إلى مقام خادم الحرمين الشريفين ومن ثم إصدار توجيهات بتفعيلها».

إلى ذلك، تشارك الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في الملتقى الخليجي السابع للزلازل الذي تستضيفه مدينة جدة خلال الفترة من 22 حتى 25 من الشهر الحالي، بورقة عمل تحمل عنوان «تأثير التغيرات المناخية على السيول في المملكة العربية السعودية»، وتناقش تأثير التغيرات المناخية في الآونة الأخيرة على السعودية باعتبارها تشير إلى زيادة في درجات الحرارة وزيادة كثافة السيول، عدا عن الآثار المحتملة لمناخ السعودية على جريان الماء السطحي في المستقبل.

وتبين الورقة موضوع البحث الذي قسم المملكة إلى 6 مناطق، حيث تم اختيار 37 موقعا فيها لدراسة معدلات التغيرات اليومية من حيث درجات الحرارة والأمطار وسرعة الرياح السطحية والتبخر السطحي والجريان المائي، إضافة إلى اتزان رطوبة التربة.