اتصالات مع «حماس الخارج» لتجاوز الأزمة مع «حماس الداخل»

شعث: قادة حماس في غزة أكدوا لي وجود جيوب في الحركة ضد الوحدة الوطنية

مؤيدون لحماس يتظاهرون في نابلس رافعين لافتات تحمل صور معتقلين لدى السلطة في رام الله وشعارات تطالب بإطلاق سراحهم (أ.ب)
TT

قال نبيل شعث، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، إن عددا من قيادات حركة حماس، كانوا أكدوا له خلال اجتماعه معهم في غزة قبل أيام، وجود «جيوب داخل حركة حماس في قطاع غزة لا تريد للوحدة الوطنية أن تتحقق».

وكان شعث يعلق في حديث للإذاعة الرسمية، على التوتر الذي تصاعد مؤخرا، في العلاقة مع حماس، بسبب منعها قبل أيام، وفدا رفيعا من فتح من دخول القطاع، مما أثار ردود فعل غاضبة في أوساط فتح وفجر اتهامات متبادلة مع حماس، عطلت مؤقتا مشروع المصالحة.

ووصف شعث هذا التصرف بغير المقبول، قائلا إنه لا يمكن منع قيادات من فتح أو مواطنين من دخول وطنهم. وتساءل القيادي الفتحاوي الكبير: «كيف تطالب حماس بمنح المواطنين جواز السفر وتمنعهم من دخول أوطانهم؟». ومع ذلك أكد شعث، أن القيادة الفلسطينية مصممة على الاستمرار في المصالحة رغم تصرف بعض الأطراف للتخريب عليها.

إلى ذلك، أكدت مصادر في فتح لـ«الشرق الأوسط» أن اتصالات مع مسؤولي حماس تجرى في الخارج، وليس في غزة، لتجاوز الأزمة الحالية. واتهمت فتح متنفذين في غزة، بمحاولة تخريب جهود المصالحة التي اتفق عليها مع حماس الخارج.

وردت حماس في غزة فورا على تصريحات شعث، واعتبرتها غير مسؤولة. وأكدت الحركة على لسان سامي أبو زهري، أحد الناطقين باسمها، أن «هذه التصريحات هي مثال للدور الذي تمارسه وفود حركة فتح الزائرة لغزة بتعكير أجواء المصالحة، مع العلم بأن حركة حماس استقبلت شعث في غزة رغم علمها المسبق بأن زيارته تنظيمية وأنه ليس له أي علاقة بملف المصالحة لا من قريب ولا من بعيد». وأضافت حماس: «لن نلتفت لمثل هذه التصريحات وسنبقى ماضين في مشروعنا لتحقيق المصالحة».

وأوضح محمود الزهار، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، في تصريح صحافي، أن قدوم وفد فتح إلى قطاع غزة كان خاطئا، مشيرا إلى أنهم قدموا يوم الجمعة وفي وقت الصلاة، ودون تنسيق مع أحد، معتبرا أن ذلك يدلل على نية لافتعال التوتر. وشدد الزهار على أن حركته ملتزمة بتطبيق ما يتم التوافق عليه في لجان المصالحة المختلفة بقدر التزام حركة فتح بذلك. واستبعد الزهار إجراء انتخابات تشريعية رئاسية وتشريعية في ظل وجود حكومتين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

من ناحيته، طالب جميل المجدلاوي، أحد أبرز قادة الجبهة الشعبية، حركة حماس بالإعلان صراحة، بأن «ما وقع من أفراد الأمن تجاه وفد حركة فتح، الذي كان يفترض أن يدخل غزة الجمعة الماضية، كان خطأ ميدانيا سيحرصون على عدم تكراره، وأنهم يرحبون بالإخوة أعضاء قيادة فتح في أي وقت يقررون فيه دخول القطاع».

وفي بيان صادر عنه، قال المجدلاوي: «لقد دخلنا من جديد في مربعات التراشق السلبي الذي يعيدنا إلى أجواء الانقسام البغيضة، وظهر بوضوح أن بعض المستفيدين من الانقسام يبحثون عن أية فرصة أو مناسبة لوقف مسيرتنا نحو استعادة الوحدة السياسية والجغرافية للشعب وللسلطة، وأنهم ما زالوا قادرين على العبث والتخريب»، وأضاف: «كنت أنتظر من الإخوة في قيادة حماس، الإعلان الجريء الواضح والصريح، بأن ما حدث على معبر بيت حانون كان سلوكا واجتهادا خاطئا من الذين أقدموا على تأخير قادة فتح، والتأكيد على أن غزة مفتوحة لهم، وتبادر قيادة حماس إلى ترتيب دخول لائق بهم وبمواقعهم القيادية في حركة فتح والحركة والمؤسسة الوطنية الفلسطينية عموما بدلا مما قرأناه وسمعناه منهم حتى الآن».

وكانت اللجنة المركزية لفتح، أكدت إصرارها وجميع قيادات الحركة وكوادرها، على الذهاب إلى قطاع غزة «دون الإذن من أحد، لأن غزة ليست ملكا لأحد، وليست مزرعة مملوكة لهؤلاء الذين يخطفونها بقوة السلاح». ووصفت فتح بعض قيادات حماس «بالفئة الضالة» التي «استمرأت القتل والنهب والمتاجرة بمعاناة شعبنا»، وقالت إنها «تصر أن تبقينا في مربع الانقسام الذي استبشرنا وشعبنا أننا قد غادرناه إلى غير رجعة بعد لقاءات القاهرة الأخيرة».

وتساءلت اللجنة المركزية عن «موقف المكتب السياسي لحركة حماس من الإهانة التي تعرض لها وفد قيادة حركة فتح من حيث الألفاظ النابية والشتائم، والمنع من مغادرة المركبة تحت تهديد السلاح، والأوامر الوقحة من صبية لا يتورعون عن تلفيق التهم بممارساتهم اللاأخلاقية التي تربوا عليها في كراهية الآخرين وغيرها من الممارسات».

وطلبت فتح من حماس تقديم اعتذار لها وللشعب الفلسطيني عن هذه الممارسات المهينة وغير اللائقة، وقالت إنه «على ضوء ذلك، فإن حركة فتح ستعيد تقييم الموقف ونوايا حماس تجاه تحقيق المصالحة».

وردت حركة حماس، باستنكارها بيان «مركزية فتح»، مشددة أنه يتناقض مع ما نتج عن لقاءات لجنة الحريات التي اجتمعت بعد تعذر زيارة حركة فتح والتي أعلن خلالها عن إنجاز عدد من الملفات المهمة.

وقالت الحركة في بيان: «لا داعي لهذا التوتير والتصعيد الذي تمارسه قيادة حركة فتح، والمطلوب هو الالتفات إلى تطبيق بنود المصالحة وليس التفلت منها».

وفي الوقت الذي تواصل فيه التلاسن بين ممثلي الفصيلين الفلسطينيين الأكبر، كشف عضو اللجنة المركزية في حركة فتح جمال محيسن عن اتصالات تجرى بين حركته وقادة حركة حماس في دمشق لتجاوز الأزمة. وقال في تصريح صحافي صادر عنه، إن الاتصالات تجرى في دمشق، بين قادة الحركتين المسؤولين عن توقيع المصالحة، وليس مع أعضاء الحركة في غزة. وأكد أن حركته ملتزمة بالعمل على تجاوز كل العقبات و«ستسعى وبكل جهد وبالتعاون مع كل الفصائل الفلسطينية في غزة والضفة لإنجاح عمل اللجان التي انبثقت عن اتفاق القاهرة، وتوفير الأجواء المناسبة لإنجاح عملها». ودعا محيسن إلى إلزام كل الفصائل بتطبيق بنود اتفاق القاهرة، و«عدم البحث عن عراقيل تساعد في إفشال المصالحة وتقوي استمرار حالة الانقسام الحاصلة بين الضفة وغزة».