تحركات دبلوماسية أوروبية لافتة نحو تونس وتعهدات بمساعدتها

مسؤول أميركي: كارثة ستحل بالمنطقة العربية والعالم إن فشلت الثورة التونسية

وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله يلتقي مع رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي في تونس أمس (إ.ب.أ)
TT

في تحرك دبلوماسي لافت منذ تشكيل الحكومة المؤقتة الجديدة، برئاسة حمادي الجبالي، أمين حركة النهضة, زار تونس هذا الأسبوع وزيرا خارجية فرنسا وإيطاليا، ويزورها نهاية الأسبوع وزير الخارجية الألماني.

وأوضح وزير الخارجية الفرنسي لدى استقباله من قبل المرزوقي، أول من أمس، بقصر قرطاج، أن هذه الشراكة تكتسب أبعادا سياسية مهمة، على اعتبار أن تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس يمكن أن تكون نموذجا في المنطقة، إضافة إلى بعدها الاقتصادي، ملاحظا أن بلاده تعمل على مساعدة تونس على تحقيق نموها الاقتصادي.

وأشار جوبيه إلى استعداد مستثمرين فرنسيين جدد للاستثمار في تونس قائلا: «نحن نحث الفرنسيين على التوجه إلى تونس كوجهة سياحية».

كما أبرز ارتياح فرنسا لتقدم مسار الانتقال الديمقراطي في تونس بعد إجراء انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، التي كانت بلاده رحبت بنتائجها.

ووصف جوبيه محادثته مع رئيس الجمهورية بـ«الحميمية جدا والمهمة» موضحا أنها مكنت من التطرق إلى مواضيع وأهداف مشتركة بين فرنسا وتونس، حسب ما جاء على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية التونسية. والتقى آلان جوبيه خلال هذه الزيارة، التي تعتبر الأولى لمسؤول أوروبي إلى تونس منذ تشكيل الحكومة التونسية، مع نظيره التونسي رفيق بن عبد السلام، كما اجتمع خلالها مع الرئيس المؤقت، منصف المرزوقي، ورئيس الحكومة، حمادي الجبالي.

وبحث جوبيه مع المسؤولين التونسيين سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مجالات التعاون المالي والثقافي والعلمي، وفي مجال التصرف في الهجرة والتنمية المتضامنة. وصرح بأن بلاده تأمل في إرساء شراكة جديدة مع تونس، تقوم على «الندية والاحترام المتبادل لخيارات البلدين». وأتت هذه التصريحات بعد إعراب المرزوقي عن أمله في أن لا يستخدم السياسيون الفرنسيون «ورقة التخويف من الإسلام»، في إطار الحملات الانتخابية الرئاسية المقررة هذا العام في فرنسا.

ويُذكر أن فرنسا كانت قد أعلنت في وقت سابق عن منح تونس اعتمادا بقيمة 350 مليون يورو (نحو 675 مليون دينار)، جزء منها في شكل قرض من الوكالة الفرنسية للتنمية.

وتناول وزير الخارجية الإيطالي في محادثاته مع نظيره التونسي، رفيق بن عبد السلام، تطورات الأوضاع في المنطقة الأورومتوسطية، والاجتماع الوزاري لدول مجموعة 5 زائد 5، واجتماع المنتدى المتوسطي اللذين سيعقدان بمدينة نابولي الإيطالية تحت الرئاسة المشتركة بين تونس وإيطاليا.

كما بحث جوليو تيرسي سانتاغاتا مع عدد من المسؤولين التونسيين القضايا الثنائية وملف الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، والسبل الكفيلة بمزيد تطوير العلاقات الثنائية التونسية - الإيطالية.

يشار إلى أن إيطاليا تعتبر ثاني شريك اقتصادي لتونس بحجم مبادلات يبلغ 11 مليار دينار تونسي. ويذكر أن هناك أربعة قطاعات ينظر إليها على أنها ذات أولوية وذات مصلحة مشتركة تمثل محور التعاون المالي والفني التونسي - الإيطالي, ويتعلق الأمر بمساندة القطاع الخاص وحماية البيئة, صيانة التراث الثقافي، وتثمين الموارد البشرية، إضافة إلى دعم القطاعين الاجتماعي والصحي.

ومن جهة أخرى، أعلنت الخارجية التونسية أن وزير الخارجية الألماني، غيدو فيسترفيله سيصل هو الآخر إلى تونس اليوم (الأحد)، في زيارة رسمية تستغرق يومين، ليكون بذلك ثالث وزير خارجية أوروبي يزور تونس في أقل من أسبوع. وأشارت الخارجية التونسية في بيان لها إلى أن هذه الزيارة الثانية للوزير الألماني لتونس بعد الثورة.

ومن المتوقع أن يلتقي وزير الخارجية الألماني خلال هذه الزيارة مع الرئيس التونسي، ورئيس الحكومة، ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، إلى جانب اجتماعه مع نظيره، رفيق بن عبد السلام.

وسيرافق رئيس الدبلوماسية الألمانية، في زيارته لتونس، وفد رفيع يتألف من سياسيين ورجال أعمال ينشطون في مجالات الصحة والطاقات المتجددة.

ومن جهته، أكد السيناتور الديمقراطي الأميركي دانيال إينوي رئيس لجنتي الاعتمادات المالية والدفاع في مجلس الشيوخ الأميركي، أن «كارثة» ستحل بالمنطقة العربية و«العالم بأكمله» إن «فشلت» الثورة التونسية. وجاء تأكيد إينوي، خلال إجراء محادثات مساء أول من أمس في تونس مع وزير الخارجية التونسي، رفيق عبد السلام.

ونقلت وزارة الخارجية التونسية على صفحتها الرسمية في شبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك» عن السيناتور الأميركي قوله: «لا يجب أن تفشل الثورة التونسية أبدا، بل يجب أن تنجح، وإن فشلت فسيكون الأمر كارثيا؛ ليس فقط للمنطقة (العربية)، بل للعالم بأكمله»، حسب وكالة الصحافة الألمانية.

وأضافت الوزارة أن المسؤول الأميركي قال: «بعد أن أجريت محادثات مع المسؤولين التونسيين، أنا مقتنع بأن الثورة التونسية ستحقق أهدافها».

كما أجرى السيناتور الأميركي خلال زيارته لتونس محادثات مع الرئيس التونسي المرزوقي، ومع وزير الدفاع، عبد الكريم الزبيدي.

وذكرت الوزارة أنه تعهد، بوصفه رئيسا للجنة الاعتمادات المالية بمجلس الشيوخ الأميركي، بـ«العمل على تجسيم كل الوعود (الأميركية) بتقديم المساعدة» إلى تونس.

ومن جانبه، دعا رفيق عبد السلام، وزير الخارجية التونسي، واشنطن إلى «حث كل الأطراف الأميركية على تجسيم هذا الالتزام» (تقديم المساعدة إلى تونس).

إلى ذلك، شبه وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي الأحزاب الديمقراطية الإسلامية في العالم العربي بالأحزاب المسيحية الديمقراطية في أوروبا مثل الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي الألمانيين. وقال فسترفيلي، خلال زيارته الرسمية لتونس، أمس: «التوجه الإسلامي للآراء السياسية لا يمثل مشكلة، تماما كما هو الحال بالنسبة للتوجه المسيحي في الآراء السياسية، المهم هو الروح الديمقراطية».