بعد مرور عام على الثورة.. القوائم السوداء للفنانين المصريين لا تزال تلقى رواجا

نقاد وجمهور لـ «الشرق الأوسط»: لن تمحى من ذاكرة الثورة والتاريخ لا ينسى

عادل إمام
TT

بعد مضي عام على ثوره 25 يناير واحتفال المصريين بذكراها الأولى، لا تزال القوائم السوداء والبيضاء، التي صنفت الفنانين المصريين تحت مظلة الثورة تلقى رواجا لدى الجمهور، خاصة أنها كشفت مواقف الفنانين من الثورة، فمن هم «معها» احتفى بهم الثوار في ميادين مصر، ومن هم ضدها أدرجوا في خانة «الفلول» من أتباع النظام الحاكم السابق الذي أطاحت به الثورة، والمفارقة أن الكثير من هؤلاء كانوا من الفنانين المحبوبين لدى قطاع كبير من شباب الثوار، وكانوا يأملون أن يساندوا ثورتهم، أو حتى يكتفوا بالصمت، بدلا من مهاجمة الثورة، مثلما فعل البعض منهم.

في معسكر القوائم السوداء فقد الكثير من الفنانين شعبيتهم وخسر العديد منهم أسهمه عند الجمهور العربي، ورغم أن آخرين منهم يحاولون تحسين صورتهم، ما زالت الدعوات مستمرة لمقاطعه أعمال هؤلاء، وقد نجحت بعض هذه الدعوات في التأثير على الجمهور. خاصة أنه تصدر القائمة السوداء عادل إمام وعمرو دياب ويسرا وتامر حسني وحسن يوسف وإلهام شاهين وعفاف شعيب وغادة عبد الرازق. أما القوائم البيضاء فتصدرها خالد الصاوي وعمرو واكد وتيسير فهمي وجيهان فاضل وخالد أبو النجا وغيرهم ممن علت أسهمهم عند الجمهور.

«الشرق الأوسط» استطلعت آراء كوكبة من المتخصصين في الفن، وسألتهم كيف يرون هذه القوائم، وهل ما زالت مؤثرة لدى الجمهور، بعد مرور عام على الثورة؟

الناقدة ماجدة موريس تجيب قائلة: «إن الجمهور لم ولن ينسى أن نجومه المفضلين خذلوه بآرائهم غير المتوقعة؛ بل كانت سببا في تضليلهم للوصول إلى الحقيقة أثناء اندلاع الثورة، وعلى سبيل المثال كيف ينسى الجمهور ما قالته سماح أنور مطالبه بحرق المتظاهرين، وأيضا آراء تامر حسني، مستندا على أن لديه جماهير وطالب الناس بالرجوع إلى بيوتهم وترك الميدان. الجمهور لا يرحم هؤلاء مهما مرت السنين، القوائم السوداء ما زالت قائمه ولم تنته ولم تتجاوب معهم الجماهير، حتى مهما يفعلواحد من هؤلاء لتحسين صورته».

وأوضحت موريس أن ثوره 25 يناير، جعلت الجمهور يعيد تقييمه للفنان مرة أخرى، وجعلتنا ننظر نظرة أخرى إلى شكل الفن بشكل عام وهذا كان واضحا في الأعمال التي قدمت في الفترة الماضية، فظهرت على السطح أعمال درامية مميزه كشفت عن وجوه جديدة لم تحظ بشعبية من قبل، وأن المعايير القادمة للفنان ستتغير شكلا ومضمونا.

اتفقت مع موريس الناقدة ماجدة خير الله وأضافت قائلة: «القائمة السوداء تعتبرها معنوية ولا توجد على أرض الواقع، بمعنى أن شركات الإنتاج ما زالت تتعاون معهم، فالمنتج له مقاييس أخرى مع هؤلاء، وعلى المستوى الشخصي مررت بذلك فلدي عمل من تأليفي سيتم إنتاجه قريبا، ورفضت ترشيح روجينا لموقفها السلبي من الثورة؛ لكن المنتج أصر على ترشيحها فوافقت في النهاية».

أما بالنسبة للجمهور فتقول خير الله: «الجمهور أطاح بهؤلاء الفنانين من حساباته للأبد وقلت أسهمهم وهذا كان واضحا خلال الفترة الماضية، فعلى سبيل المثال عمرو دياب الذي طرح ألبومه (بناديك) مؤخرا، لم يلق رواجا جماهيريا وهذا غير طبيعي لأعمال دياب؛ بل تفوق عليه حمزة نمرة بألبوم (إنسان) ونمرة ليست له جماهيرية بحجم دياب. وأيضا تامر حسني الذي لم يحقق فيلمه الإيرادات المرجوة منه نتيجة مقاطعة الجمهور له؛ بل تفوق عليه فيلم حمادة هلال «أمن دولت» رغم أن السيناريو ضعيف، ومن ثم، أنا أستعجب من حسن يوسف وإلهام شاهين وعفاف شعيب، كيف يطلون بكل جرأة على الجمهور مره أخرى، فالنظام لا يصنع نجومية».

وخالف الناقد محمود قاسم رأي موريس وخير الله، قائلا: «إن الجمهور سينسى مع الوقت أخطاء هؤلاء الفنانين، مؤكدا أن مرور عام لا يكفي على تقييم ذلك، وأوضح أن الشارع ما زال متذكرا أفعال هؤلاء الفنانين ولديه حاله احتقان منهم، لا تمحى بسهولة من الذاكرة؛ لكن الزمن كفيل لكي ينسي الجمهور، وأعطي مثالا، فمنذ زمن بعيد كان يوجد قائمة سوداء لدى العرب للفنانين العالميين الذي يتعاملون مع إسرائيل وأبرزهم صوفيا لورين، وبعد معاهدة كامب ديفيد تلاشى كل ذلك بل استقبلوا هؤلاء أحسن استقبال فيما بعد».

وتابع قاسم: «أعلم أن الموقفين مختلفين، وثورة يناير مختلفة عن كل الثورات السابقة؛ لكن حال النسيان طبيعة الإنسان، فالشعب لديه هموم أكبر من انشغاله بأمور الفنان».

ومن الجمهور تقول ماجدة محمود (موظفة بأحد البنوك): «التاريخ لا ينسى أخطاء هؤلاء النجوم وسيسجل التاريخ ذلك وتكتب كشهادة على مر الزمن، خاصة أننا كجمهور نعتبر الفنان ليس شخصا عاديا بل هو رمز نتأثر بآرائه، وحينما نشاهده سلبيا تجاه مستقبل البلد، بالطبع سنبادله نفس الشعور، نعم هم سيظلون موجودين على الساحة، لكن الجمهور سيتذكر ما فعلوه».

ويرى نور الدين أحمد (مهندس شاب) أن هؤلاء الفنانين سيظلون في القائمة السوداء ولن يمحى من ذاكرة التاريخ ما صدر منهم، ولن ينسى الجمهور أنهم كانوا المستفيدين من النظام السابق؛ بل كان منهم من هو صوت النظام سواء من مطربين أو فنانين. وعلى العكس يتوقع نور الدين أن الفترة المقبلة ستمحو اسماء هؤلاء الفنانين من على الساحة وستقل أعمالهم الفنية حتى تنقرض.