بعد 500 عام من افتراقهما.. الموناليزا ولوحة منسوخة عنها تعرضان جنبا إلى جنب

متحف برادو يعلن اكتشاف «أول نسخة معروفة» للوحة دافنشي

لوحة الموناليزا لليوناردو دافنشي واللوحة المنسوخة عنها والتي تعرض في متحف البرادو في مدريد (رويترز) و ميغيل فالومير أمين الفن الإيطالي في متحف برادو بإسبانيا أثناء المؤتمر الصحافي الذي عقد لتقديم اللوحة المنسوخة للموناليزا (أ.ب)
TT

تظل لوحة الموناليزا تشغل العالم بغموض هوية ساكنتها وبابتسامتها الغامضة، وعلى مدى 500 عام منذ أنجز ليوناردو دافنشي لوحته التي تحولت إلى أهم لوحة فنية في العالم، لم تتوقف التكهنات والأبحاث حول أصل اللوحة وتاريخها. وأخيرا أعلن متحف برادو في مدريد أنه تعرف على نسخة من لوحة موناليزا وقدمها على أنها «الأولى المعروفة» نفذت في الفترة ذاتها من اللوحة الأصلية وفي مشغل الرسام من قبل أحد تلاميذه.

الاكتشاف الذي وصفه البعض بأنه أهم حدث فني في السنوات الأخيرة حدث خلال قيام خبراء متحف البرادو بعمليات ترميم روتينية على الأعمال التي يملكها المتحف. ولم تتجل القيمة الحقيقية للوحة التي ظلت حبيسة مخازن المتحف حتى قام أمناء المتحف بعملية ترميم روتينية استعدادا لإقامة معرض ضخم عن دافنشي وهو المعرض الذي يحتضنه المتحف حاليا.

وحسب تقرير لصحيفة «ديلي تلغراف» فقد ظل الاعتقاد لسنوات طويلة أن اللوحة هي واحدة من عشرات النسخ للوحة الشهيرة رسمت بعد وفاة دافنشي، ولكن مع الاكتشافات الأخيرة اتضح أن اللوحة قد رسمها أحد تلاميذ دافنشي في الوقت نفسه التي رسمت فيه لوحة الموناليزا الأصلية، بل ويظن الخبراء أن دافنشي وتلميذه رسما اللوحتين معا وفي ذات الجلسات وبحضور الموديل ليزا جيرارديني زوجة تاجر القماش الفلورنسي فرانشيسكو ديل جيوكوندو. وتوصل الخبراء إلى ذلك الظن عبر مقارنة اللوحتين باستخدام الأشعة تحت الحمراء والتي أظهرت تماثل الخطوط الأولية للوحة قبل تلوينها. ويعتقد الخبراء أن ذلك يرجح أن تكون اللوحة الأصلية التي نفذها دافنشي والنسخة المكتشفة قد بدأ العمل فيهما في الوقت نفسه.

وحسب النظريات المطروحة حاليا فمن المرجح أن يكون الشخص الذي رسم اللوحة المنسوخة هو أحد تلاميذ دافنشي المفضلين، إما أندريا سالاي أو فرانشيسكو ميلزي.

وهذا العمل الذي يحمل اسم «موناليزا متحف برادو» كان معروفا من المتحف إلا أن خلفية سوداء كانت تحجب المنظر الخلفي الشبيه جدا باللوحة الأصلية. وعبر عملية ترميم قام فيها خبراء المتحف بإزالة طبقات اللون الداكن ظهرت تفاصيل لخلفية اللوحة تمثل منظرا طبيعيا من منطقة توسكاني الإيطالية يشبه ذلك الموجود في لوحة دافنشي وهو ما أطلق عملية البحث في أصل اللوحة المنسوخة.

وتقدم النسخة تفاصيل أكثر وضوحا لشخص الموناليزا وردائها مثل أعلى الفستان والشال الرقيق المنسدل على كتفها اليسرى وذراعها، وهي تفاصيل لا تظهر في اللوحة الأصلية المعروضة في متحف اللوفر. ويرى خبراء متحف البرادو أن اللوحة المنسوخة تظهر الموناليزا كما كانت في الحقيقة، امرأة في العشرينات من عمرها مشرقة الطلة.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أمين الفن الإيطالي في المتحف ميغيل فالومير تصريحه خلال مؤتمر صحافي «إنها على الأرجح النسخة الأولى المعروفة للوحة الجيوكوندا».

وأوضح فالومير أن التحاليل التي أجريت تشير إلى أن اللوحة «أنجزت في مشغل الرسام. وهي تتطابق كليا مع طريقة عمل ليوناردو دافنشي. لكن ليوناردو لم يتدخل بتاتا في هذا العمل».

وأضاف غابرييله فينالدي المدير المساعد لمتحف برادو المكلف بالأبحاث «اللوحة كانت معروفة جدا وعرضت لسنوات طويلة في إحدى القاعات. ولم نكن نعرف ما كان موجودا تحت الطلاء الأسود».

وأوضح: «اللوحة في حالة ممتازة من الحفظ ولا نعرف لماذا قرر أحدهم في القرن الثامن عشر تغطية المشهد الخلفي للوحة. ربما كان ذلك عائدا إلى الأذواق الفنية السائدة في تلك المرحلة».

وأكد «إنها قريبة جدا جدا من طرق الرسم التي كانت قائمة في 1505» عندما أنهى ليوناردو دافنشي رائعته هذه. ومع ترميم اللوحة كذلك كشف عن عناصر أخرى تلقي الضوء على طريقة إنجاز لوحتي البورتريه الأصلية والنسخة.

وأضاف فينالدي: «زملاؤنا في اللوفر بات لديهم معلومات أكثر يمكنهم استخدامها في أبحاثهم».

وأوضح أن موناليزا متحف برادو تبدو أكثر شبابا لأن اللوحة الأصلية «متسخة جدا. وعندما تكون اللوحات متسخة تبدو الشخصيات فيها أكبر في السن». وكانت آنا غونزاليس موزو خبيرة بمتحف البرادو قد أعلنت خلال افتتاح معرض «ليوناردو دافنشي» في الناشيونال غاليري بلندن الشهر الماضي عن نتائج الأبحاث الجديدة وقالت إن أهم ما يميز اللوحة المنسوخة أنها كشفت الكثير عن لوحة دافنشي.

ومن المتوقع أن تعلق اللوحة في اللوفر اعتبارا من 26 مارس (آذار) إلى جانب اللوحة الأصلية في إطار معرض مؤقت وبهذا توجد اللوحتان مرة أخرى في مكان واحد بعد 500 عام من افتراقهما.

والموناليزا لوحة زيتية أنجزت على لوح من خشب الحور بين عامي 1503 و1506 وهي من اللوحات القليلة المنسوبة بشكل مؤكد إلى ليوناردو دافنشي.