«المجلس الوطني» ينظم المقاومة المسلحة ضد الأسد

شكل مكتبا عسكريا مهمته إدارة تمويلها وعملياتها.. بعد اعتراف الاتحاد الأوروبي

TT

أعلن «المجلس الوطني السوري»، أمس، عن تشكيل مكتب عسكري مهمته «متابعة شؤون المقاومة المسلحة وتنظيمها»، ومن مهام المكتب المؤلف من ضباط منشقين ومدنيين معارضين «إدارة تمويل المقاومة وعملياتها».

وقال بيان للمجلس تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إنه «في ضوء التطورات الميدانية المتسارعة في سوريا، وإيمانا بأهمية ضبط المقاومة المسلحة في سوريا، ودعما للجيش الحر، فقد قرر المجلس الوطني السوري إنشاء مكتب عسكري مؤلف من ضباط ومدنيين، يكون هذا المكتب مسؤولا عن متابعة شؤون قوى المقاومة المسلحة وتنظيم صفوفها ودراسة احتياجاتها وإدارة تمويلها وعملياتها، ووضعها تحت الإشراف السياسي للمجلس الوطني. ويستعين أعضاء المكتب بمن يرونه مناسبا من الخبراء والمساعدين، ويخصص له موازنة معتمدة».

وسيعقد رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون، مؤتمرا صحافيا اليوم بنادي الصحافة الدولية في باريس يشرح فيه أبعاد الخطوة وأهدافها.

وفي الوقت الذي يستمر فيه الملف السوري في فرض أهميته على دول الاتحاد الأوروبي، وفيما يلتقي رئيس الوزراء القطري اليوم مع رئيس البرلمان الأوروبي على هامش اجتماعات قادة دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، ويشمل اللقاء استعراض تطورات الملف السوري.. رحب المجلس الوطني السوري بإعلان الاتحاد الأوروبي الاعتراف به وتجديد الدعم لمطالب الشعب السوري في وجه القمع والمجازر الشرسة.. ودعا رئيس المجلس برهان غليون «من بقي من فصائل المعارضة السورية الأخرى، للعمل مع المجلس الوطني السوري»، قائلا: «علينا ألا ننسى أننا جميعا كسوريين لدينا هدف مشترك واحد، وهو إسقاط نظام الأسد المجرم وإعادة بناء سوريا الديمقراطية والمدنية».

وأعلن غليون أن المجلس الوطني السوري اتخذ مؤخرا عددا من الخطوات الملموسة تعكس صوت الشارع السوري، بما في ذلك تكثيف الدعوات للتدخل الدولي لضمان وصول الإغاثة الإنسانية للمدنيين المحاصرين في سوريا. وأضاف: «نحن نستخدم كل الوسائل السياسية والدبلوماسية الممكنة لضمان اتخاذ إجراءات سريعة وملموسة بما في ذلك تقديم الدعم للجيش السوري الحر. وسيسهم الاعتراف الرسمي للاتحاد الأوروبي بالمجلس الوطني السوري في إعطائه زخما إضافيا لمواصلة العمل».

واعتبر عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني أحمد رمضان، أن «اعتراف الاتحاد الأوروبي رسميا بالمجلس، يأتي تكملة للاعتراف الذي أعلن عنه في مؤتمر (أصدقاء سوريا) في تونس». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أننا في المجلس الوطني ومن خلال تواصلنا مع الاتحاد الأوروبي كمنظومة دولية، ومن خلال تواصلنا مع الدول الأوروبية بشكل ثنائي، نعتبر أن هذا الاعتراف جاء ليشكل خطوة إيجابية نحو الأمام تؤسس لإقامة علاقات رسمية أكثر وضوحا كبديل للسلطة القائمة في سوريا، وكإطار تمثيلي للشعب السوري، ونقلة إضافية ستكون بصورة أوضح في مؤتمر (أصدقاء سوريا الثاني) الذي سيعقد في إسطنبول خلال شهر مارس (آذار) الحالي وفي غضون الأسبوعين المقبلين».

وردا على سؤال عن تفسيره للاعتراف الأوروبي بالمجلس الوطني حتى قبل أن تعترف به الدول العربية، أجاب رمضان «الاعتراف الذي حصل عليه المجلس الوطني من الدول المشاركة في مؤتمر تونس، كان بإقرار كافة الدول العربية وباعتراف الجامعة العربية ومنظمة العمل الإسلامية». مؤكدا أن «الاعتراف الأوروبي يؤسس لانتقال الآلية الدبلوماسية لتلك الدول من النظام الذي بات معزولا سياسيا ودبلوماسيا وحتى اقتصاديا، إلى المجلس الوطني كإطار بديل، وهذا سيتجلى في مرحلة انتقالية لن تأخذ أكثر من ثلاثة أسابيع»، مشددا على أن «المؤتمر الثاني لأصدقاء سوريا المقرر في إسطنبول سيليه مؤتمر ثالث في باريس وسنشهد خطوات عملية تشعر النظام السوري أنه بات بحكم المنتهي، ولا شك أن شعور النظام بالعزلة يدفعه إلى ارتكاب المزيد من المجازر».

وأعلن رمضان أنه «في ضوء التطورات الجارية وجهنا دعوة لكل دول العالم، وطالبنا باتخاذ قرار على مستوى مجلس الأمن الدولي لوقف تزويد النظام السوري بالأسلحة التي يرتكب بها المجازر». وقال «نحن نعتبر الدول التي تزود النظام بهذه الأسلحة شريكة مع النظام في هذه المجازر، وستكون موضع مساءلة أمام المحاكم الدولية».

وفي غضون ذلك، أعلن البرلمان الأوروبي أن حمد بن جاسم بن جبر رئيس وزراء قطر سيلتقي اليوم مع رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، على هامش اجتماعات قادة دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل. وأفادت مصادر بروكسل بأن تطوير العلاقات الثنائية بين الاتحاد الأوروبي وقطر بشكل خاص ومع مجلس التعاون الخليجي بشكل عام ستكون في أجندة المحادثات، إلى جانب استعراض تطورات الملف السوري والأوضاع التي تشهدها المنطقة في أعقاب الربيع العربي. وقالت مصادر خليجية إن الشيخ حمد سيجتمع إلى عدد من مسؤولي الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية كما سيعقد لقاءات مع عدد من مسؤولي حلف شمال الأطلسي (ناتو) وسيجتمع كذلك إلى مسؤولين بلجيكيين. ومن المقرر أن يلقي الشيخ حمد كلمة مهمة أمام مجلس العلاقات الأوروبية الخليجية اليوم.

وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية النمساوي ميشائيل شبندليغر أمس «يجب تمكين المنظمات الإنسانية من الوصول الفوري والكامل إلى المناطق المتضررة»، وأوضح شبندليغر في تصريحاته أن وفد بلاده في مجلس حقوق الإنسان بجنيف طلب إدراج قرار أممي يطالب بوقف فوري للعنف والسماح للمنظمات الإنسانية بالعمل، وأضاف «إن عيون العالم على سوريا، كما أن انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة من قبل النظام السوري لن تمر دون عقاب، وقد شددت النمسا على ضرورة أن يذكر بوضوح في هذا القرار عدم الإفلات من العقاب لمرتكبي الجرائم».

إلى ذلك، أقر مجلس الأمة الكويتي أمس بأغلبية كبيرة توصية تدعو الحكومة إلى الاعتراف بالمجلس الوطني السوري ممثلا شرعيا للشعب السوري، وقال النائب المعارض مسلم البراك: «إنه نظام جزار (في سوريا) يقتل شعبه وقد فقد كل شرعية»، كما تقدم 33 نائبا بطلب لمناقشة المسألة السورية اليوم بهدف تقديم «الدعم المعنوي والمادي» للشعب السوري.

من جهة أخرى، نفت الحكومة العراقية صحة تقارير أشارت إلى اعترافها بالمجلس الوطني الانتقالي السوري وبدئها بتقديم المساعدات والأسلحة الخفيفة للثوار. وقال تحسين الشيخلي نائب الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الموقف العراقي لم يطرأ عليه تغيير بشأن ما يجري في سوريا»، مشيرا إلى أنه «لا صحة لأي أنباء بشأن اعتراف العراق بالمعارضة السورية أو تقديم أي مساعدات من أي نوع».

من جهته، أكد القيادي في دولة القانون عدنان السراج والمقرب من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن «هذا الأمر لا صحة له على الإطلاق، وأن قضية من هذا النوع لا تقرر من طرف واحد، وإنما تعرض على مجلس الوزراء وتأخذ سياقات أصولية وهو ما لم يحصل».

ومن جانبه دعا رئيس وفد المجلس الوطني السوري لليبيا عماد الدين الرشيد، المجتمع الدولي إلى «اتخاذ إجراءات لحماية المدنيين في سوريا»، وقال: «سئمنا من التصريحات.. نحن بحاجة إلى أفعال»، مشيرا إلى أن «الوضع المعقد في سوريا يفرض اتخاذ خطوات مدروسة».

كما أعلن الرشيد عن افتتاح مكتب لـ«المجلس الوطني» في العاصمة الليبية طرابلس.

وفي السياق ذاته، قال المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، في تصريح صحافي، عقب اجتماع له مع أعضاء من المجلس الوطني السوري المعارض، نقلته قناة «روسيا اليوم» على موقعها الإلكتروني إن «المجلس الانتقالي سيقدم إلى إخواننا في سوريا كل ما هم بحاجة إليه، في المجالات الإنسانية والطبية، دون الإشارة إلى أي مساعدة عسكرية»، معتبرا أن «مأساة إخواننا السوريين تفوق ما عانينا منه في ليبيا».