مصر: السماح بسفر أميركيين متهمين في قضية «التمويل الأجنبي» عقب يوم من تنحي قاضيها

كلينتون استبقت القرار بتأكيد قرب انفراج الأزمة

المستشار محمد شكري رئيس محكمة جنايات القاهرة التي تنظر قضية «التمويل الأجنبي» قبل تنحيه عن القضية، أمس (أ.ب)
TT

في تلاحق غير متوقع لوقائع قضية «التمويل الأجنبي» المتهم فيها 5 من منظمات المجتمع المدني الأجنبية العاملة في مصر، التي بدأت جلستها الإجرائية مطلع الأسبوع الماضي، قالت مصادر قضائية مصرية وفقا لـ «رويترز» و«أ. ب» إن السلطات المصرية قررت، أمس، رفع حظر سفر أميركيين ضمن قائمة المتهمين في القضية البالغ عددهم 43 متهما.

تأتي هذه التطورات عقب يوم واحد من إعلان هيئة المحكمة التي تنظر القضية عن نظرها لاستشعارها «الحرج». وربط مراقبون وحقوقيون بين قرار التنحي والحساسية السياسية التي تحيط بالقضية التي تسببت في توتر العلاقات بين القاهرة وواشنطن، مؤكدين أنه «من الممكن قانونا أن يتخذ النائب العام قرارا بحفظ القضية قبل إحالتها لدائرة أخرى».

ونقلت وكالة «أ.ب» عن مصادر مصرية، لم تسمها، أن السلطات المصرية قررت رفع حظر سفر 16 أميركيا ضمن قائمة المتهمين في القضية، من دون إسقاط التهم الموجهة إليهم.

وأعلن المستشار عبد المعز إبراهيم، رئيس محكمة استئناف القاهرة، مساء أول من أمس، أن المستشار محمد شكري، رئيس محكمة جنايات القاهرة التي تنظر القضية، تنحى عن نظرها لاستشعاره الحرج دون أن يذكر سبب استشعاره الحرج، مضيفا أن محكمة استئناف القاهرة ستحدد دائرة أخرى بمحكمة جنايات القاهرة لنظر القضية المؤجلة إلى جلسة 26 أبريل (نيسان). لكن مصادر قضائية قالت إن قرار المستشار شكري جاء بعد تلقيه اتصالا هاتفيا من مصدر قضائي رفيع يطلب منه رفع حظر السفر عن المتهمين الأميركيين، بحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة «الأهرام» المملوكة للدولة «بوابة الأهرام».

وكانت السلطات القضائية المصرية قد أحالت إلى المحكمة 43 متهما من جنسيات مختلفة ينتمون إلى 5 منظمات أجنبية هي: المعهد الجمهوري الدولي، والمعهد الديمقراطي الأميركي، ومنظمة فريدوم هاوس (بيت الحرية)، ومؤسسة كونراد الألمانية، والمركز الدولي الأميركي للصحافيين، بينهم 27 مصريا، و16 أميركيا، على رأسهم مدير المعهد الجمهوري الدولي صاموئيل آدم لحود، نجل وزير النقل الأميركي. وبدأت المحكمة أولى جلسات نظر القضية الأربعاء الماضي.

يأتي هذا التطور في مجريات القضية في وقت أكدت فيه هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية، إنها تعتقد أن الولايات المتحدة ومصر ستحلان قريبا النزاع بشأن قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، بعد يوم واحد من جلسة استماع أمام لجنة العمليات الخارجية الفرعية بلجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ الأميركي، قالت فيها إن الولايات المتحدة ومصر تمضيان نحو حل أزمة منظمات المجتمع المدني التي تحصل على تمويل من الولايات المتحدة وهي الأزمة التي ألقت بظلالها على علاقات واشنطن مع القاهرة.

وتابعت كلينتون خلال جلسة الاستماع قائلة: «أجرينا كثيرا من المحادثات الشاقة، وأعتقد أننا نتحرك باتجاه التوصل إلى حل»، لكنها أضافت أنها غير راغبة في مناقشة التفاصيل بينما لا تزال المحادثات مستمرة، متابعة: «من الضروري أن يدركوا (تقصد المصريين) أننا سنواصل الضغط عليهم».

وأثارت قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني توترا في العلاقات المصرية الأميركية، حيث قام عدد من نواب الكونغرس الأميركي بربط التوصل لحل في القضية بالمساعدات العسكرية الأميركية لمصر والبالغة 1.3 مليار دولار سنويا.

وفي إجابتها عن أسئلة السيناتور لينزسي غراهام، رئيس الفريق الجمهوري باللجنة، قالت كلينتون إنها لا تعتقد أن قضية المنظمات شرعية، لكنها رفضت الإجابة عن سؤال يتعلق بمدى توافق مصر حاليا مع شروط تلقي المساعدات المالية السنوية قائلة: «لن أجيب عن السؤال الآن».

وحول قرار تنحي هيئة المحكمة التي تنظر قضية المنظمات الـ5، قال المحامي المصري محمد منيب الذي يتولى الدفاع عن اثنين من المتهمين المصريين العاملين في المركز الدولي الأميركي للصحافيين هما يحيي غانم وإسلام إبراهيم، إن القاضي غير ملزم بتفسير أسباب تنحيه. موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن أسباب التنحي متنوعة بينها أن يكتشف القاضي وجود أي صلة شخصية تربطه بأحد المتهمين أو محامي هيئة الدفاع، أو أن يكون للقاضي رؤية خاصة للقضية مغايرة للرؤية القضائية السائدة حول القضية، أو أن يكتشف القاضي معلومات خاصة قد تؤثر على حكمه أو تتعلق بالتكييف القانوني للقضية، أو يتعرض لضغوط سياسية ما.

ولم يستبعد منيب أن يكون قرار التنحي مرتبط بالتوصل لتسوية سياسية للقضية، وقال إنه «من الممكن قانونا أن يتخذ النائب العام قرارا بحفظ القضية قبل أن يتم إحالتها إلى دائرة قضائية أخرى، وقد حدث هذا في قضايا كثيرة».

ومن الناحية القانونية سوف يتم إعادة ملف القضية إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار عبد المعز إبراهيم، ليقوم بإحالتها إلى دائرة قضائية أخرى لتعاود نظر القضية من جديد.

وتقول السلطات المصرية إن التحقيقات أظهرت مسؤولية المتهمين عن تأسيس وإدارة 5 منظمات أجنبية، منها 4 منظمات أميركية وواحدة ألمانية، وحصلت على أموال من الخارج بالمخالفة للقانون على النحو التالي: المعهد الجمهوري 22 مليون دولار أميركي، والمعهد الديمقراطي 18 مليون دولار أميركي، ومنظمة فريدوم هاوس 4 ملايين و400 ألف دولار أميركي، والمركز الدولي الأميركي للصحافيين 3 ملايين دولار، ومؤسسة كونراد الألمانية مليون و600 ألف يورو.