اعتقال الجهادي المصري «أبو المنذر» بعد عودته من باكستان

رفض الخلط بينه وبين «سيف العدل» القيادي بتنظيم القاعدة.. ومصادر تتوقع الإفراج عنه

لقاء سابق مع العقيد مكاوي العام الماضي عبر رسائل إلكترونية أرسلها لـ«الشرق الأوسط» من إسلام آباد
TT

ألقت السلطات الأمنية في مطار القاهرة أمس القبض على الجهادي المصري محمد إبراهيم مكاوي المكني (أبو المنذر)، لدى عودته من باكستان عن طريق دولة الإمارات، حيث تم تسليمه لنيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معه في قضايا سابقة اتهم فيها تتعلق بقلب نظام الحكم. وفور وصوله، نفى مكاوي صلته بـ«سيف العدل»، القيادي البارز بـ«القاعدة»، والذي كان قد تسلم قيادة التنظيم مؤقتا خلفا لأسامة بن لادن في مايو (أيار) الماضي.

ومكاوي (نحو خمسين عاما) هو عقيد سابق في القوات المسلحة المصرية الخاصة (الصاعقة)، اعتقل في مصر في الثمانينات بتهمة إعادة تنظيم جماعة الجهاد ومحاولة الإطاحة بنظام الحكم، قبل أن يتم الإفراج عنه لعدم وجود أدلة، فهرب إلى السعودية ومنها لأفغانستان حيث انضم لتنظيم القاعدة ثم تركه واستقر به الحال في باكستان منذ سنوات، وقد نشرت العديد من وكالات الأنباء معلومات غير صحيحة عن أنه «سيف العدل» قيادي «القاعدة».

وقالت مصادر أمنية مسؤولة في مطار القاهرة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إنه وردت معلومات لدى جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا) تفيد بنية مكاوي العودة لمصر وتسليم نفسه للسلطات حيث تم ترقب كل الطائرات القادمة من شرق آسيا، ولدى وصول الطائرة القادمة من دبي تبين وجود مكاوي عليها، الذي تم القبض عليه وتسليمه لنيابة أمن الدول العليا طوارئ للتحقيق معه، حيث إنه مطلوب منذ عام 1994 في قضية تتعلق بانضمامه لتنظيم متطرف.

وفي تصريحات له أدلى بها فور وصوله، أوضح مكاوي أن علاقته بتنظيم القاعدة وزعيمها الراحل بن لادن انقطعت منذ فترة، وأنه لم يشارك بالتخطيط أو تنفيذ أي عمليات انتحارية قام بها التنظيم على مدار السنوات التي قضاها في أفغانستان وباكستان.

وأوضح مكاوي أنه كان يعمل ضابطا بالقوات المسلحة وأنه تقدم باستقالته بعد اتفاقية كامب ديفيد، غير أنه لم يتم قبولها خوفا من إثارة أي صخب إعلامي، حتى تم اعتقاله وتوجيه تهمة قلب نظام الحكم إليه، قبل أن يتم الإفراج عنه لعدم وجود أدلة، وسافر للسعودية ثم أفغانستان، حيث انضم للمجاهدين، ثم استقر في باكستان.

وأكد مكاوي أنه اتصل بالقنصلية المصرية في باكستان وطلب العودة، كما طلب ضمانات خاصة بعدم التحقيق معه، وفوجئ باتصال منهم لعودته، مشيرا إلى أنه قرر «العودة لمصر بعد أن ضاق بي العيش هناك، لعدم وجود موارد مالية، ورفض مفوضية شؤون اللاجئين بالأمم المتحدة طلبه باللجوء».

وقال مكاوي إنه سيواجه أي جهة أمنية تستطيع أن تثبت أنه «سيف العدل»، الذي أكد أنه شخص آخر يدعى محمد صلاح زيدان تقمص شخصيته، واتهم الجهات الأمنية المصرية، بأنها هي التي سربت هذه البيانات غير الحقيقية، رغم أنها تعلم شخصيته جيدا.

وتتهم واشنطن القيادي في تنظيم القاعدة «سيف العدل» بإنشاء معسكرات تدريب لـ«القاعدة» في السودان وأفغانستان، والضلوع في تفجيري السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام عام 1998، وعرضت مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي لاعتقاله.

وكانت «الشرق الأوسط» قد كشفت في تقرير نشرته في مايو (أيار) من العام الماضي، أن مكاوي، الذي كان قائدا لسرية عسكرية متخصصة في مكافحة الإرهاب، قد خلطت المباحث الأميركية (إف بي آي) بينه وبين سيف العدل، الرجل الثالث في تنظيم القاعدة. وقال مكاوي حينها لـ«الشرق الأوسط» إنه اختلف مع قادة «القاعدة»، فخرج عليهم وسافر لباكستان واستقر بها وتزوج من باكستانية وأنجب منها خمسة أولاد، وطلب حق اللجوء السياسي في إسلام آباد، بعد أن أصبح مطلوبا من الأجهزة الأميركية والمصرية، وأن درجة خلافه مع «القاعدة» وصلت إلى أنه أطلق على حروب بن لادن أنها «حرب المعيز».

وقال ياسر السري مدير «المرصد الإعلامي الإسلامي» في لندن، إن مكاوي والعدل شخصان مختلفان تماما، والرابط الوحيد بينهما أنهما ضابطان سابقان بالجيش المصري، مؤكدا أن العدل هو محمد صلاح الدين زيدان، المتزوج من المصرية ابنة القيادي الجهادي أبو الوليد مصطفى حامد، بينما مكاوي متزوج من باكستانية.

وأوضح السري في بيان له أمس أن «مكاوي شارك في العمليات مع بن لادن ضد الروس لفترة قصيرة في منطقة جلال آباد ومطار خوست، وأنه كان يشعر أنه بسبب خبراته العسكرية متميز عن كثير من قيادات الأفغان العرب الذين كان يعتبرهم جيلا من الهواة، حتى فشل في التكيف معهم فتركهم وعاد إلى بيشاور، واستمر في حالة توتر وصدام مع الأجواء العربية.

وقال السري إن مكاوي التحق بصفوف الكلية الحربية وتخرج منها عام 1972، وكان يسكن فوق شقة اللواء زكي بدر وزير الداخلية المصري الأسبق، وحينها تبين لأجهزة الأمن ميوله الإسلامية فتم اعتقاله في مايو عام 1987، وأحيل للتقاعد. وعقب إفلات مكاوي من الاعتقال، لعدم ثبوت الأدلة ضده، قام في يوليو (تموز) 1988 برفع قضية ضد وزارة الداخلية مطالبا بتعويض، وفي الوقت نفسه كان يقوم بتصفية أملاكه في مصر ومنها غادر للسعودية.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، توقع السري الإفراج عن مكاوي فورا لعدم ضلوعه في أي تهمة حقيقية في مصر، كما توقع عودة عشرات الجهاديين السابقين.

من جانبه، قال الدكتور طارق الزمر القيادي بالجماعة الإسلامية، والذي تزامل مع مكاوي خلال فترة اعتقاله القصيرة، إن «التهم التي كانت موجهة لمكاوي، تتعلق بتخطيطه لإسقاط نظام الحكم مثله مثل كل الإسلاميين السابقين في مصر، وهي كلها تهم ملفقة غير حقيقية»، متوقعا أن تتم تبرئته، باعتبار أن كل الاتهامات التي وجهت إليه كانت غيابية وغير صحيحة وملفقة من أجهزة أمن الدولة».

كما توقع الزمر في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «عودة كل الجهاديين في الخارج إلى مصر حاليا من أجل إعادة محاكمتهم وتبرئتهم، حيث حكم عليهم بأحكام غيابية دون أدلة»، رافضا وجود أي مخاوف من عودة هؤلاء الجهاديين، مؤكدا أن المناخ في مصر قد تغير والساحة السياسية أصبحت مفتوحة، وأن الذي كان يؤدي للعنف في الماضي هو إغلاق كل منابر التعبير السياسية.