مكاوي: علاقتي بـ«القاعدة» وبن لادن انقطعت قبل عدة أعوام

محامي الأصوليين لـ «الشرق الأوسط» : غير متهم في قضايا العنف الديني وسيفرج عنه

سيف العدل المسؤول العسكري لـ«القاعدة» ما زال تحت الإقامة الجبرية بإيران
TT

رغم اللبس الذي وقعت فيه وسائل الإعلام وموقع المباحث الأميركية (إف بي آي) بين شخصيتي سيف العدل المسؤول العسكري لـ«القاعدة» والعقيد المصري محمد إبراهيم مكاوي (أبو المنذر) الذي اعتقلته السلطات المصرية أمس لدى عودته من باكستان عبر الإمارات، فإن إسلاميين وجهات حقوقية أكدت أن المعتقل في مطار القاهرة هو العقيد مكاوي، الذي نفي صلته بـ«القاعدة». ونفى محمد إبراهيم مكاوي، الذي ألقت السلطات المصرية القبض عليه أمس لدى عودته من باكستان، والذي تصفه بأنه قيادي بارز يلقب بـ«سيف العدل» أنه انتمى لتنظيم القاعدة. ونفى مكاوي أيضا لدى وصوله لمطار القاهرة ما رددته الأجهزة الأمنية عن كونه الرجل الثالث بتنظيم القاعدة والمعروف بلقب «سيف العدل». وقال «لم أنتمِ لتنظيم القاعدة وإن علاقتي بالتنظيم وأسامة بن لادن انقطعت قبل عدة أعوام لعدم اقتناعي بأفكارهم وشعوري بأنهم صناعة أميركية، لم أشارك بالتخطيط أو تنفيذ أي مخططات خاصة بهم على مدار السنوات التي عشتها في أفغانستان وباكستان، وإنني أتهم الجهات الأمنية بأنها وراء تلك الشائعة، وللأسف لم ينف تنظيم القاعدة ذلك». وأضاف «كنت أعمل ضابطا بالقوات المسلحة وتقدمت باستقالتي بعد اتفاقية كامب ديفيد ولم تقبل هذه الاستقالة في وقتها خوفا من إثارة أي صخب إعلامي يؤثر على إتمام الاتفاقية، وبدأت المشاكل بعد ذلك حيث تم اعتقالي وتوجيه تهمة قلب نظام الحكم لي، وتم الإفراج عني لأنها كانت قضية ملفقة من جانب أجهزة أمن الدولة، وتم نقلي بعدة أماكن بالقوات المسلحة، وسافرت إلى السعودية ثم أفغانستان وانضممت لمجاهدي أفغانستان وتزوجت وأنجبت خمسة أطفال». وقال مصدر مصري مطلع إن مكاوي الذي ولد عام 1954 وصل من باكستان مرورا بدبي في الإمارات العربية المتحدة وإن الشبهات الأولية بأنه «سيف العدل» وهو قائد لـ«القاعدة» عرف أيضا باسم محمد إبراهيم مكاوي غير صحيحة. فيما كشف محامي الأصوليين منتصر الزيات لـ«الشرق الأوسط» عن أن مكاوي سيفرج عنه خلال ساعات لأنه غير متهم في أي قضايا للعنف الديني على مدار الـ20 عاما الماضية، وقال الزيات: «اتهم العقيد مكاوي في قضية إحياء تنظيم الجهاد المعروفة باسم 401 لعام 87 حصر أمن دولة عليا، وأخلي سبيله بعد أن تم طرده من القوات المسلحة المصرية، ولم تتم إحالته إلى القضاء». وأضاف الزيات أن «مكاوي اتهم أيضا في القضية 502 لعام 1997، وكانت عبارة عن محضر إداري ولم يحل إلى القضاء، وسبق احتجاز الإسلامي أسامة رشدي مؤسس (جبهة إنقاذ مصر) لنفس السبب، وأخلي سبيله خلال ساعات». وكانت «الشرق الأوسط» نشرت رسائل إلكترونية مرسلة من العقيد مكاوي من إسلام آباد في مايو (أيار) 2011 أكد فيها أن هناك خلطا بين اسمه و«سيف العدل» وهو منه براء، وقال أيضا: «أولادي يأكلون الخبز وأولاد بن لادن كل واحد تزوج امرأة أو اثنتين وأنجبوا له 15 حفيدا وينعمون بضيافة الولي الفقيه في إيران».

وجدد العقيد مكاوي في رسائله الإلكترونية لـ«الشرق الأوسط» اتهامه القيادي في تنظيم القاعدة سيف العدل (محمد صلاح الدين عبد الحليم زيدان) بانتحال شخصيته، في إشارة إلى خلط مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركية (إف بي آي) بين الرجلين في لوائح «المطلوبين» بالإرهاب، التي صدرت عام 2001. وجاء موقف مكاوي في رسالة بعث بها تعليقا على تقرير لوكالة «أسوشييتد برس»، تناول الخطأ الذي وقعت به المباحث الأميركية في الخلط بين الرجلين بناء على رسائل من مكاوي نفسه.

ويكشف مكاوي عن أنه يعيش منذ سنوات بشكل علني في إسلام آباد، وأنه طلب من الأميركيين أن يتسلموه ويحاكموه محاكمة عادلة، للتأكد من أنه ليس «طريدتهم الثمينة». ولا يزال مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) يضع اسم مكاوي على لوائح أبرز عشرة «إرهابيين مطلوبين» في العالم منذ بدء «الحرب ضد الإرهاب» عام 2001. ويتهم مكتب المباحث الأميركية مكاوي، في إعلان موضوع على موقعه على شبكة الإنترنت، بأنه متورط في «مؤامرة لقتل مواطنين أميركيين، وتدمير مبان وممتلكات تابعة للولايات المتحدة، وتدمير منشآت للدفاع الوطني للولايات المتحدة». وتقول مذكرة طلب القبض عليه إنه مطلوب تحديدا في قضية تفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي (كينيا) ودار السلام (تنزانيا) في 7 أغسطس (آب) 1998، وهما تفجيران نفذهما تنظيم القاعدة. ويصف مذكرة الـ«إف بي آي» المطلوب المصري بأنه معروف بأسماء «محمد مكاوي» و«سيف العدل» و«إبراهيم المدني»، وأنه من مواليد مصر في 11 أبريل (نيسان) 1960 (أو 1963). وتضيف أن مكاوي (سيف العدل) «يُعتقد أنه مرتبط بجماعة الجهاد المصرية، وأنه أيضا عضو رفيع المستوى في تنظيم القاعدة». من جهته، كان «المرصد الإسلامي» فض الاشتباك القائم على موقع المباحث الأميركية (إف بي آي) حول شخصية سيف العدل القائد العسكري لـ«القاعدة» الذي رصدت السلطات الأميركية 25 مليون دولار لمن يرشد عن مكان وجوده، وعقيد الصاعقة المصري مكاوي الذي تقول السلطات الأميركية أيضا في مواقعها الأمنية إنه سيف العدل.

وأشار ياسر السري مدير «المرصد الإسلامي» وهو هيئة حقوقية تتخذ من لندن مقرا لها، «إنهما شخصان مختلفان تماما، والرابط الوحيد بينهما أنهما ضابطان سابقان بالجيش المصري». وقال السري إن سيف العدل هو محمد صلاح الدين زيدان، متزوج من مصرية وهي ابنة القيادي الجهادي أبو الوليد مصطفى حامد من قدامى المجاهدين العرب في أفغانستان، والذي عاد مؤخرا إلى مصر، فيما أن العقيد مكاوي (أبو المنذر) متزوج من سيدة باكستانية، وأولاده جميعهم في باكستان.

وأفاد السري لـ«الشرق الأوسط» بأن «استمرار وضع بيانات مكاوي على أساس أنها معلومات عن سيف العدل عملية تضليل إعلامي وجهل أو تعمد مقصود من قبل الأميركيين».

وقال المطلوب جمع مزيد من المعلومات عن المطلوبين من قبل المباحث الأميركية وعدم الخلط بينهم على أساس الكنى أو تشابه المهنة. ووصف ما فعلته المباحث الأميركية بأنه سقطة معلوماتية مكشوفة. وكشف السري عن أن مكاوي (أبو المنذر) الضابط المصري قبل أن يتم كشفه وتنتهي خدمته من الجيش المصري، كان يتولى قوة خاصة لمكافحة الإرهاب في وحدات تابعة لقوات الصاعقة المصرية. وقال السري بعد اعتقال العقيد مكاوي ومحاكمته وتسريحه من الخدمة، اتصل به تنظيم «الجهاد» واستدعاه إلى باكستان، لكنه اختلف معهم بشدة، واتهمهم بالإيقاع بعناصر التنظيم في عمليات فاشلة وغير مدروسة.

العقيد مكاوي شارك في العمليات مع بن لادن ضد الروس لفترة قصيرة في منطقة جلال آباد، وفي معركة مطار خوست، عندما رأى الفوضى ضاربة أطنابها بين العرب والأفغان، أطلق اصطلاحه الشهير لوصف تلك الحرب فقال «هذه حرب المعيز» وهو مثل مصري يضرب للأشياء العتيقة جدا فيقال: «إنها من أيام حرب المعيز». وكان أبو المنذر العقيد مكاوي يحس أنه بسبب خبراته العسكرية متميز عن كثير من قيادات «الأفغان العرب» الذين كان يعتبرهم جيلا من الهواة. لكن مكاوي ينفي كل المزاعم الأميركية ضده، ويتحدى الأميركيين أن يُثبتوا أنه «سيف العدل» المزعوم. ويقول العقيد المصري لـ«الشرق الأوسط»، إنه أبلغ مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في إسلام آباد بتفاصيل قضيته، والمتاعب التي لحقت بها جراء إيراد الأميركيين اسمه في لوائح الإرهاب. وجاء في الرسالة الطويلة التي بعث بها مكاوي إلى مفوضية اللاجئين: «إنني العقيد السابق محمد مكاوي، المولود في مصر، والمشتبه في أنه الرقم 3 في ما يسمى قادة (القاعدة)، لكنني في الحقيقة لست هو. لقد اضطررت أن ألجأ إلى نفي نفسي طوعا إثر الإفراج عني من السجن في مصر بعدما اتهمني النظام بمحاولة إعادة تنظيم جماعة الجهاد بهدف إطاحة النظام في 23 يونيو (حزيران) 1987 لكنه فشل في تقديم أي دليل ضدي». ويتابع مكاوي: «بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) المأسوية تفاجأت بأن اسمي وتاريخي الحقيقي قد تم وضعهما تحت صورة شخص مصري آخر باسم وهمي هو (سيف العدل)، ضمن لائحة بـ22 شخصا من أكثر الإرهابيين المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، رغم أن لا علاقة لي بـ(القاعدة) ونشاطاتها. والغريب أن لجنة التحقيق الأميركية في هجمات 11 سبتمبر اتهمتني أيضا بأنني عضو في شبكة القاعدة، رغم أنها تعلم بحقيقة دراما 11 سبتمبر». ويقول: «طلبت منهم (الأمن الباكستاني) أن يأتوا بعميل من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي أو بممثل عن السفارة الأميركية كي أواجههم بحقيقة أنهم يتركون أسامة بن لادن وبقية زعماء (القاعدة) يعيشون حياة مريحة تحت حمايتهم كي يبتزوا المجتمع الدولي، في حين أنهم يعتقلونني رغم معرفتهم بأن لا رابط لي بـ(القاعدة). كما قلت لهم إن 11 سبتمبر هو حادث مفبرك. وهنا تم إطلاق سراحي بعد ساعات». وبعدما يورد مكاوي تفاصيل عن مؤامرات مزعومة تعرض لها هو وعائلته منذ سنوات في باكستان، يضيف: «بعد أن فقدت الأجهزة (الأمنية) الأمل في إرغامي على قبول انتحال الهوية المزيفة للرجل الثالث في (القاعدة) والكذبة الكبيرة الخاصة بـ11 سبتمبر، حاولوا قتلي مع اثنين من أبنائي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2005. ويضيف مكاوي: «في 40 مارس (آذار) 2004 و7 يونيو 2005، أرسلت رسالتين مفصلتين إلى السيد جورج دبليو بوش (الرئيس الأميركي آنذاك) قدّمت فيهما نفسي بوصفي مفكّرا وزعيما ثوريا. وإلى جانب ذلك، نفيت أي ارتباط لي بالأشخاص الذين ربطني بهم مكتب التحقيقات الفيدرالي ولجنة التحقيق في هجمات 11 سبتمبر. وعندما لم أتلق ردا، أيقنت أن اسمي يتم استغلاله لدوافع مخفية. وعلى أمل أن أنهي هذا العمل المسرحي السخيف وكي أضع نفسي تحت مسؤولية الـ(إف بي آي)، قمت في 7 سبتمبر 2005 بإرسال رسالة بالبريد الإلكتروني إلى المكتب الرئيسي لمكتب التحقيقات الفيدرالي أطلب فيها توقيفي كي أواجه الاتهامات الموجهة إلي أمام محاكمة عادلة. تجاهل مكتب التحقيقات الفيدرالي رسالتي كليا، والسيناريو نفسه ما زال مستمرا». ويضيف أنه حاول الاستقرار في البدء في المملكة العربية السعودية كون أصول عائلته المصرية تعود إلى جذور حجازية، لكنه لم يتمكن من ذلك. واستقر بعد ذلك في باكستان وتزوج من باكستانية. وبحسب المرصد الإسلامي في لندن فمكاوي له أصول سعودية، فأبوه كان ابنا لمطوف للحجيج قبل أن ينتقل إلى مصر في الثلاثينات، حيث تزوج في كفر الشيخ وأنجب ثلاثة ذكور وفتاة، كان أحدهم محمد مكاوي بينما تزوجت أخته من سعودي وسافرت معه.وبحسب الإسلاميين في لندن، فإن سيف العدل كان ضابطا في سلاح المظلات، ومكاوي كان عقيدا سابقا في سلاح الصاعقة المصري. ويقول مصطفى حامد، الذي كان أحد المقربين من بن لادن الذي يعرف باسم أبو الوليد المصري، وهو من قدامى المجاهدين العرب في أفغانستان، وهو أيضا صهر سيف العدل في مذكراته التي تعرف باسم «ثرثرة فوق سطح العالم»، إن مكاوي من مواليد بداية الخمسينات، وزوج ابنته سيف العدل وكنيته «المدني» من مواليد بداية الستينات. وعمل مصطفى حامد، أبو الوليد، مشرفا عاما على نسخة مجلة «الإمارة الإسلامية» في أفغانستان الصادرة باسم حركة طالبان المخلوعة حتى سقوطها بفعل الضربات الأميركية في نوفمبر 2001. وقال السري مدير «المرصد الإسلامي» إن مكاوي حصل على شهادة الثانوية العامة، والتحق بصفوف الكلية الحربية وتخرج في وقت مبكر مثل غيره عام 1972، بسبب دواعي حرب 1973، وعمل ملازما تحت الاختبار في سلاح المشاة، ثم تلقى تدريبات «صاعقة» نظرا لما يتمتع به من مؤهلات بدنية، أهلته بعد ذلك للترقي لرتبة عقيد في سلاح الصاعقة المصري.