نائب أمين عام حزب الله: أي هجوم إسرائيلي على إيران سيشعل المنطقة

قاسم يتوقع بقاء الأسد في السلطة ويتهم واشنطن بالسعي للسيطرة على «الربيع العربي»

الشيخ نعيم قاسم خلال المقابلة في بيروت أمس (رويترز)
TT

حذر نائب أمين عام حزب الله اللبناني الشيخ نعيم قاسم من أن أي هجوم إسرائيلي على إيران سيشعل المنطقة بأسرها ومن الممكن أن يجر الولايات المتحدة إلى حرب. وارتفع سعر النفط إلى مستويات شبه قياسية بسبب زيادة التوتر بين إيران والغرب. ولم تستبعد الولايات المتحدة وإسرائيل توجيه ضربة عسكرية لإيران لوقف برنامجها النووي، ولم يستبعد قاسم تدخل حزب الله في حال حدثت مثل هذه الحرب من موقف «دفاعي».

وقال قاسم في حوار لـ«رويترز» إن الولايات المتحدة «تعلم أنه إذا حصلت الحرب على إيران فهذا يعني أن تشتعل المنطقة من دون حدود لنيرانها ولا معرفة بنتائجها». وأضاف: «انتهى الزمن الذي تقرر إسرائيل أن تضرب والناس تسكت. قد تبدأ إسرائيل وتفعل ما تشاء، لكن هي لا تعلم حجم النتائج ولا تستطيع ضبطها، وها هي تجربة يوليو (تموز) سنة 2006. على إسرائيل أن تلزم حدها وتعلم أن زمن الهزائم انتهى، وقراراتها التوسعية غير قابلة للصرف، وتهديداتها لا تؤثر على أحد». وتابع أن مقاتلي الحزب ويقدر عددهم بالآلاف هم أفضل تدريبا وتجهيزا، موضحا: «سياسة حزب الله أن يبقى على أعلى جهوزية ممكنة ولو كان تقديرنا أن لا حرب في هذه المرحلة، لكن عمليا نحن حاضرون للدفاع لو وقعت غدا، وبأفضل مما كان عليه الوضع في سنة 2006، وإسرائيل تعلم ذلك وهذا ما يردعها»، في إشارة إلى حرب 2006 بين إسرائيل ومقاتلي حزب الله على مدار 34 يوما والتي أدت إلى مقتل نحو 1200 شخص في لبنان معظمهم من المدنيين و160 شخصا في إسرائيل ومعظمهم من الجنود. وشدد قاسم: «استفدنا من تجربة 2006 وزدنا من تدريباتنا وتجهيزاتنا وإمكاناتنا بما يتناسب مع توقعاتنا للحرب القادمة إذا حصلت».

وكان قاسم يتحدث مع مجموعة من صحافيي «رويترز» في مكان لم يكشف عنه في ضاحية بيروت الشيعية، تم نقلهم إليه بواسطة سيارة ذات زجاج داكن بحيث لا يمكن رؤية الخارج إلى موقف للسيارات تحت الأرض قبل الوصول إلى قاعة الاجتماع ذات النوافذ المغطاة بستائر سميكة.

وقال نائب أمين عام حزب الله إنه يعتقد أن إسرائيل «ترغب في أن تزج بأميركا في حرب مع إيران لأنها عاجزة أن تفعل شيئا وحدها، وتعتقد أن الاختباء وراء أميركا لحرب إيران يحدث إرباكا وبلبلة في المنطقة تساهم في إبعاد النظر عن إسرائيل ولو مرحليا». وأضاف: «إسرائيل عاجزة وحدها عن أن تقوم بحرب على إيران لاعتبارات لوجيستية وعملية، لكنها تعتقد أنها إذا دخلت في الحرب يمكن أن تزج بأميركا، وهذا هو موضع النقاش داخل الكيان الإسرائيلي».

وردا على سؤال عما إذا كان حزب الله الذي خاض حربا استمرت 34 يوما مع إسرائيل قبل ست سنوات، سيهاجم إسرائيل ردا على أي هجوم على إيران، قال قاسم: «إيران قادرة على أن تدافع عن نفسها، لكن لا أحد يعلم كيف ستكون حالة الاعتداءات الإسرائيلية وما تشمله ومقدار ما تتوسع معه الحرب، وتشمل أطرافا كثيرين. والمسألة لا ترتبط بالقرار الذي يتخذه حزب الله وإنما هناك ظروف موضوعية أعتقد أنها ستفرض نفسها لتشعل المنطقة بأسرها».

وأوضح أن حزب الله «في الموقع الدفاعي بالنسبة لإسرائيل وليس في الموقع الهجومي، وهو يجهز نفسه ولن يتوقف عن التجهيز لحظة واحدة، لقناعته بأن إسرائيل تخطط دائما للعدوان وتنتهز الفرصة التي تراها مناسبة سياسيا للاعتداء والحرب».

وقال قاسم إن واشنطن تعتقد أن أي صراع مع إيران من شأنه أن «يؤدي إلى استهداف الجنود الأميركيين في المنطقة وحلفاء أميركا، وسيعرض المصالح الأميركية للخطر، وسيرفع أسعار النفط، ويسبب المزيد من الأزمة الاقتصادية الأميركية والعالمية. إذن، الأمر ليس تعففا وإنما تشعر أميركا بأن استهداف إيران عسكريا له أضرار كبيرة ولن يوقف الملف النووي الإيراني السلمي». ولكن هناك تكهنات بأن إسرائيل قد تحاول التغلب على مخاوف الولايات المتحدة بشأن عمل عسكري وجرها إلى صراع مع طهران. وقال: «إسرائيل لا تملك القدرة ولا الجرأة على أن تدخل وحدها الحرب ضد إيران وأميركا متحفظة بسبب مخاطر هذه الحرب وظروف الانتخابات الأميركية الحالية، والسؤال المطروح: من ينجح؛ ضغط إسرائيل وتوريط أميركا أم ممانعة أميركا ولجم إسرائيل؟». ويستمر حزب الله في دعمه الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يحاول سحق 11 شهرا من الاحتجاجات التي تقول الأمم المتحدة إن أكثر من 7500 شخص لقوا حتفهم فيها، على الرغم من دعم انتفاضات شعبية في مكان آخر من العالم العربي.

وأشاد قاسم بما سمي «الربيع العربي» والثورات التي أطاحت بقادة مصر وتونس في العام الماضي، لكنه قال إن الولايات المتحدة «حاولت ليل نهار أن تسرق نتائجها وأن تحورها في الاتجاه الذي تريده». واعتبر أن الثورات في ليبيا واليمن بدأت على شكل حركات شعبية «لكن قبل أن تؤتي ثمارها وتأخذ اتجاهها، تدخلت أميركا والدول الأوروبية من أجل توجيه النتائج، فكان التدخل العسكري في ليبيا والحل السياسي في اليمن الذي لم يعط الشعب اليمني ما أراده عند انطلاقته.. فالنتيجة في الواقع هناك هي خليط بين الرغبة الشعبية والتدخل الدولي. ونأمل أن تتمكن القوى الشعبية من وضع حد للاستثمار الأجنبي السياسي لحركتها». وترفض القيادة في حزب الله الاعتراف بالمعارضة السورية التي تنقسم إلى مجموعات عدة. وقال قاسم: «من يرى حجم التدخل الدولي في الشأن السوري، يرى أنه في الأولوية الأميركية الدولية، وهناك تحريض ودعم مالي وعسكري لاستخدام القتل والعنف في داخل سوريا ولا يسمعون لطروحات النظام في إمكانية الحوار، والذي يدير المعركة هو أميركا والدول الكبرى، أما المعارضة فهي ملحقة يأخذونها حيث يشاؤون في اجتماعات مختلفة». ورأى أن «الرئيس (السوري بشار) الأسد كان في موقع مواجهة خطر دولي تقسيمي وتشتيتي لسوريا، وهو حاول أن يعمل بالحد الأدنى من الخسائر، لكن عندما يستعمل السلاح في مواجهة النظام فهذا يخرج الأمور عن السيطرة بحدود معينة. من هنا، إجراءات الرئيس الأسد كانت إجراءات حكيمة، خاصة بتحديد موعد الاستفتاء على الدستور، وقد رأينا مستوى إقبال الناس المرتفع والتأييد لهذا النمط من التغيير، عله يكون رسالة واضحة لكل العالم أن دعوا سوريا تختار داخليا ما تريد ولا تفرضوا عليها خياراتكم». وخلص بالقول: «باعتقادي أن الرئيس الأسد سيتخطى هذه المرحلة وسيبقى رئيسا لسوريا خلال المرحلة القادمة وفق الدستور.. والأمور تتجه إلى المزيد من بروز تماسك السلطة في مقابل الخلل الفاضح في المعارضة والانقسامات التي تبدو يوما بعد يوم وتشتت قدراتها ورؤاها أيضا في كيفية التعامل مع المستجدات السورية».