الحكومة الجزائرية تبذل جهودا مضنية لإقناع الخارج برغبتها في تنظيم انتخابات حرة ونظيفة

استحدثت آليات غير مسبوقة لمراقبة الاقتراع

TT

تسعى الحكومة الجزائرية حاليا إلى توفير كل الضمانات التي تسمح بتنظيم انتخابات برلمانية (مرتقبة بعد ثلاثة أشهر)، حرة ونزيهة. وتعهدت محليا وخارجيا بأنها ستقبل بالنتائج مهما كانت حتى لو أفرزت أغلبية إسلامية. واستحدثت آليات كلفتها مراقبة الانتخابات للحؤول دون تزويرها.

وقالت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أبلغ وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، عندما زارت الجزائر السبت الماضي، بأن حكومته «تبذل جهودا غير مسبوقة لدفع الجزائريين إلى التصويت بكثافة، يوم 10 مايو (أيار) المقبل»، موعد الانتخابات البرلمانية. ونقلت المصادر عن الرئيس قوله إن «المجال سيكون مفتوحا لأي تيار وأي حزب للفوز بالأغلبية، وسوف يكون مجال الاختيار أمام الناخبين بين مختلف التيارات، المهم أن يصوتوا بكثرة».

وأفادت المصادر بأن كلينتون ذكرت لبوتفليقة أن الحكومة الأميركية «تتمنى لو يتاح للجزائريين أن يمارسوا حرياتهم بأوسع معانيها وعلى رأسها حرية اختيار ممثليهم في البرلمان». وذكرت نفس المصادر أن السلطات الجزائرية، فهمت رسالة كلينتون كما يلي: «أمام الجزائر فرصة هامة لإثبات أنها لا تقل شأنا عن تونس ومصر والمغرب، بخصوص تنظيم انتخابات نظيفة وحرة، يقبل عليها الناخبون بأعداد كبيرة».

وأطلقت السلطات الجزائرية، منذ أسابيع، إشارات كثيرة باتجاه شركائها في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، تفيد بأنها ترغب فعلا في توفير ظروف نجاح الاقتراع البرلماني، لذلك وجهت دعوة للأمم المتحدة وللاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ليكونوا شهودا على العملية الانتخابية. ودعت لأول مرة منظمات دولية غير حكومية لحضور الانتخابات. وأهم من ذلك، تخلت عن الحظر المضروب على العمل السياسي، بالسماح لـ17 حزبا جديدا بدخول السباق الانتخابي بعدما رفضت طيلة 13 سنة اعتماد أي حزب.

ولأول مرة أيضا، كلفت السلطات القضاء الإشراف على العملية الانتخابية. وتم أول من أمس تنصيب «لجنة» تتكون من 316 قاضيا كلفهم الرئيس بوتفليقة الانتشار في كل البلديات (1541 بلدية)، للتأكد من سلامة الانتخابات. وعهد إليهم بتلقي الشكاوى المتعلقة باحتمال تزوير الانتخابات. وبجانب «اللجنة القضائية»، قامت لجنة أخرى تتكون من الأحزاب التي ستدخل المعترك الانتخابي، مكلفة الانتشار في كل مكاتب التصويت (52 ألف مكتب) لمراقبة الأصوات والحؤول دون تزوير الانتخابات. وأهم من ذلك، جاء في قانون الانتخابات الجديد الذي صادق عليه البرلمان في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن السجن سيكون مصير أي شخص يثبت أنه زور الانتخاب.

ولأول مرة جرى تشبيه انتخابات بثورة الاستقلال (1962)، بل إن الرئيس بوتفليقة اعتبر التصويت «من قبيل الوفاء لشهداء ثورة التحرير». وورد على لسان كل المسؤولين الحكوميين أن الانتخابات «هامة وتاريخية ومفصلية».

وقال الصحافي كمال داود، كاتب عمود في صحيفة «يومية وهران»، الفرنكفونية أمس: «إن السلطة تحاول حاليا أن تثبت للعالم، أنها ليست بحاجة إلى ربيع عربي في بيتها، وأن الشعب يحبها وأنها سلطة ليست كالأخريات وأنها نزيهة، وكل شيء على ما يرام بالجزائر، وأنها سلطة لا تقهر المرأة ولا الشعب».