الأماكن الأثرية تدفع الثمن في عملية قمع الثورة السورية

بينها مساجد تاريخية وقلاع وكنائس

TT

نشر ناشطون معارضون على مواقع الإنترنت صورا لكنيسة القديس إليان الحمصي في حي بستان الديوان وسط مدينة حمص وقد تعرضت لقصف عنيف بمدفعية الجيش السوري النظامي الذي يحاصر المدينة منذ أشهر.

والكنيسة الأثرية التي يتوافد إلى زيارتها الآلاف من السياح سنويا، ليست المكان الأثري الأول الذي يعمد النظام إلى قصفه وتدمير معالمه.. فقد هدمت قذائف الجيش أجزاء من مساجد وقلاع وأمكنة كثيرة تمتلك بعدا تاريخيا وتعد من التراث الحضاري لبلد يمتد عمره نحو 6 آلاف عام.

ففي بداية الثورة التي اتقدت شرارتها الأولى في مدينة درعا جنوب سوريا، قام النظام السوري بقصف الجامع العمري الذي يقع وسط المدينة، حيث كان المتظاهرون الدرعاويون يخرجون من أروقته لينادوا بإسقاط النظام.

ويعد المسجد من أهم الآثار الإسلامية القديمة التي ما زالت تحتفظ بتفاصيلها المعمارية وهيكلها الأصلي، وهو أول مسجد بناه المسلمون في سوريا عند الفتح الإسلامي أيام الخليفة عمر بن الخطاب، ويعرف بالجامع العمري نسبة إليه؛ وقد كان من قبل هيكلا وثنيا. وهو المسجد الوحيد الذي شيد في عهد الإسلام الأول، وحافظ على طراز واجهته القديمة إلى وقتنا الراهن، حيث اقتحمته قوات النظام السوري وتم قصفه أكثر من مرة، الأمر الذي ألحق أضرارا بالغة في واجهته الأمامية بعد تعرض أعمدتها إلى الانهيار خلال الهجوم العسكري على المدينة.

إضافة إلى المسجد العمري في درعا، استهدفت آليات النظام جامع خالد بن الوليد في مدينة حمص، والذي يعود بناؤه إلى العهد العثماني في القرن التاسع عشر أيام السلطان عبد الحميد الثاني.. كما استهدف مسجد السرجاوي الأثري في مدينة حماه.

كما عمد النظام السوري خلال حملته ضد الناشطين والمنشقين المعارضين له إلى السيطرة على قلعة المرقب الأثرية، التي تطل على بانياس ويعود تاريخ بنائها إلى العام 1062، وقام باستخدامها في قصف قرى بانياس المنتفضة. كما قامت مدفعية النظام بقصف قلعة المضيق التي تقع على تل مرتفع في الجهة الشرقية من سهل الغاب، الذي يمر منه نهر العاصي بالقرب من مدينة أفاميا الأثرية، وتعود جذورها إلى ما قبل العهد السلجوقي، وتحوي في داخلها عددا من الأقبية القديمة الأيوبية والعثمانية، إضافة إلى تسعة عشر برجا تتميز بضخامتها وقوة تحصيناتها.

وفي مدينة إدلب شمال سوريا، تم التعرض بالقصف لبلدتي سرجيلا والبارة اللتين تحتويان على مجموعة من الخرائب الأثرية التي تعود إلى الفترة الرومانية والبيزنطية، وتضم أبنية سكنية وكنائس وحمامات ومعاصر زيت وقبورا بنيت على نمط واحد تقريبا، حيث نشر ناشطون معارضون شريط فيديو على موقع «يوتيوب» في منتصف شهر يوليو (تموز) من العام الماضي يظهر آثار القصف على البلدتين القديمتين.

ويقول عماد، وهو أحد الناشطين في الحراك الشعبي ويعمل مهندسا معماريا، إن «النظام السوري لا يتورع عن قتل البشر، فكيف سيحافظ على الحجر حتى لو كان هذا الحجر أثريا وله دلالة تاريخية». ويضيف «هذه ليست المرة الأول التي يدمر فيها نظام الأسد آثار سوريا بهدف سحق حركة شعبية معارضة له، ففي الثمانينات قامت الدبابات بأمر من (الرئيس السوري السابق) حافظ الأسد بجرف أحياء أثرية بكاملها في مدن اللاذقية وحلب وحماه بحجة ملاحقة عناصر إرهابية، وهذا ما يتكرر اليوم عبر قصف أمكنة تعود بتاريخها لمئات السنين».

يذكر أن الأماكن الأثرية التي تنتشر في معظم المدن السورية من قلاع وكنائس ومساجد ومعابد قديمة، تجتذب كل عام الكثير من السياح العرب والأجانب، الأمر الذي كان يشجع السياحة ويرفد الاقتصاد السوري برافد مالي مهم.