تفجيران يهزان دمشق: النظام يتهم «إرهابيين».. والمعارضة تنفي

27 قتيلا و97 جريحا.. وسيناريو ما قبل زيارة المراقبين العرب يتكرر مع المراقبين الدوليين

وكالة الاستخبارات الجوية بعد تفجيرها أمس في دمشق (أ.ب)
TT

في حادثة مشابهة لعمليات التفجير التي استهدفت العاصمة السورية قبيل بدء مهمة المراقبين العرب، هز انفجاران ضخمان دمشق أمس قبل يوم من بدء مجموعة من المراقبين الدوليين عملهم في سوريا. وفيما اتهمت السلطات «جماعات إرهابية» بالوقوف وراء التفجيرين اللذين أديا إلى مقتل 27 شخصا وجرح 97 وفق البيانات الرسمية، نفى الجيش السوري الحر وقوفه وراءهما، وسخرت المعارضة مما سمته «أكاذيب النظام».

وقال التلفزيون السوري إن سيارات محملة بالمتفجرات استهدفت مركزا للمخابرات ومقرا للشرطة في الساعة السابعة والنصف صباحا بالتوقيت المحلي مما أدى إلى نسف واجهة أحد المباني وجعل الحطام والزجاج المهشم يتطاير في الشوارع. وأظهرت صور بثها التلفزيون من الموقعين جثثا محترقة في مركبتين منفصلتين وحافلة صغيرة محطمة وقد لطخت بالدماء وأطرافا مقطوعة مجمعة في أكياس. ونقل التلفزيون السوري عن وزير الصحة وائل الحلقي قوله: إن 27 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب 97 بجراح. وأعلن التلفزيون السوري أن أحد التفجيرين استهدف إدارة المخابرات الجوية، بينما استهدف الانفجار الثاني إدارة الأمن الجنائي، وقال التلفزيون إن التفجير الذي وقع في دوار الجمارك «استهدف إدارة الأمن الجنائي» بينما «استهدف التفجير الذي وقع في المنطقة الواصلة بين شارع بغداد وحي القصاع إدارة المخابرات الجوية».

وأكدت الداخلية السورية أن «التفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفا دمشق أديا إلى استشهاد 24 شخصا فيما عثر على أشلاء 3 آخرين أما الجرحى فقد وصل عددهم إلى 140 شخصا من المواطنين وعناصر حفظ النظام»، مشيرة إلى أن التفجيرين «خلفا دمارا في الأبنية السكنية والسيارات المتوقفة في موقعي التفجير وأوقعا خسائر مادية جسيمة». واعتبرت أن التفجيرين «جزء لا يتجزأ من استهداف الشعب السوري في أمنه واستقراره ويأتيان في ظل التصعيد الذي تشهده مؤخرا من أطراف إقليمية ودولية». وأكدت أنها «لن تتهاون في التعامل مع كل من تسول له نفسه ضرب أمان واستقرار ووحدة سوريا وترويع أمنها». ودعت المجتمع الدولي والمنظمات الدولية إلى أن تتحمل مسؤولياتها والوقوف إلى جانب الشعب السوري والعمل من أجل وقف محاولات زعزعة استقرار سوريا وأمنها.

وقد نفى العقيد مصطفى عبد الكريم الناطق الرسمي باسم «الجيش السوري الحر» مسؤولية الجيش عن هجومي دمشق، واتهم السلطات بتدبير هذين التفجيرين بهدف «خلق حالة من الفوضى قبيل وصول الفريق التابع لكوفي أنان مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا (اليوم) الأحد». اعتبر أمين سر المجلس العسكري «للجيش السوري الحر» النقيب عمار الواوي أن «تفجيري دمشق يدخلان ضمن إطار اللعبة ذاتها التي حصلت في حلب والميدان»، لافتا إلى أنها «ألاعيب النظام الذي يقدم عليها عند شعوره بوجود ضغط خارجي عليه، ليظهر للعالم أن هناك عصابات وتنظيمات في سوريا». وأشار إلى أن «هذا النظام افتعل تفجير فرع المنطقة عندما وصل وفد المراقبين العرب إلى سوريا». وقال: «هو مستمر بأفعاله لأنه يشعر بالضغوط الدولية التي قد تؤدي إلى إنشاء منطقة عازلة أو حظر جوي، وبالتالي ليبعد المجتمع الدولي عن مساندة ودعم الشعب السوري بقوله إن هناك عصابات ويستمر بالقتل». وإذ رأى أنه «عندما شهد النظام أن محافظة الرقة خرجت عن سيطرته بدأ يفتعل هذه الألاعيب»، حذر الواوي الجميع من نتائج هذه الأحداث. وردا على سؤال، طالب الواوي بالعودة إلى ما بثته قناة «الدنيا» عندما عرضت صور الانتحاريين على التلفزيون، وهما الرقيب المتطوع أحمد الجزار الذي لا يزال في سوريا، وعبد الله الجزار المتطوع لدى المخابرات الجوية، وقامت بتسميتهم بأسماء وهمية للدلالة على أنهما من قبل تنظيمات إرهابية ضد النظام.

وأكد الصحافي السوري المعارض نارت عبد الكريم عبر «الشرق الأوسط» أن «الانفجارين لم يسببا دمارا كبيرا للبنية الأمنية للنظام، على عكس ما كانت تظهر قناة (الدنيا) التابعة له». ورأى أن «النظام يهدف من تنفيذ هذه الانفجارات إلى إبراز صورة دعائية وإعلامية ليسوق أن (القاعدة) تسعى إلى ضرب سوريا والاستفادة من ردود الفعل الدولية على ضربات «القاعدة» لدعم موقفه السياسي والعسكري في قمع المظاهرات التي تسعى إلى إسقاطه». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «توقيت العمليات ومكانها وشكلها يدعو للشك في رواية النظام»، مشيرا إلى أن «الانفجار هدفه ليس الضرر بل إيجاد صورة تسويقية لدعم ما يدعيه النظام على الدوام من وجود مجموعات تابعة لـ(القاعدة)، هي من تفجر الوضع الداخلي في سوريا، حيث إن الانفجارات تحصل خارج المراكز الأمنية ولا تترك أضرارا حقيقية على المراكز الأمنية، مما يعني أن النظام يريد أن يقول للعالم نحن نتعرض لضربات من الإرهابيين».

وشدد خالد المحمد أحد الناشطين في «تنسيقية دمشق» في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «التفجيرات من صنع بشار الأسد ليقنع الروس بوجود (القاعدة) في سوريا وذلك بعد فشل الأخير في تنفيذ أي إصلاحات أو حتى القضاء على من يسميهم عصابات مسلحة للعرعور والسلفيين»، مضيفا أن: «بشار الأسد فاشل وسيتخلى عنه الروس لأنه يختلق الأكاذيب».

من جهة أخرى, قال نشطاء معارضون سوريون: إن ضابطا برتبة عميد بالجيش السوري و3 من حراسه قتلوا في انفجار استهدف مركبتهم العسكرية قرب مخيم للاجئين الفلسطينيين في دمشق أمس. وقال رامي الشامي، وهو ناشط سوري يعيش في دمشق، إن انفجارا وقع قرب مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين أثناء مرور المركبة. ولم ترد بعد أي تعليقات رسمية حول الانفجار المزعوم، وهو الثالث من نوعه في دمشق أمس. حسب وكالة الأنباء الألمانية.