أربعون ألف سوري تخلفوا عن الخدمة العسكرية خلال ستة أشهر

إدلبي: الأثرياء يدفعون رشى لتأجيل التحاق أولادهم

TT

انضمت عائلات سورية، عُرفت بحياديتها منذ انطلاق الثورة الثورية قبل عام، إلى العائلات المعارضة التي ترفض انخراط أبنائها في المؤسسة العسكرية النظامية عبر الالتحاق بمعسكرات الخدمة العسكرية الإجبارية، ريثما تنتهي الأحداث الدموية في البلاد.

وقالت مصادر العائلات التي نأت بنفسها عن الأحداث في محافظة ريف دمشق، لـ«الشرق الأوسط»، إنهم يرفضون التحاق أبنائهم المطلوبين للخدمة العسكرية الإجبارية في هذا الوقت «حيث يشارك الجيش في قمع المتظاهرين، ويمارس القتل بحق المعارضين، فضلا عن ترهيبهم واعتقالهم وتعذيبهم في سجون النظام».

وأوضحت المصادر عينها أن العائلات تستخدم علاقاتها الوطيدة بضباط نافذين في النظام لتأجيل التحاق أبنائهم بالخدمة العسكرية، طالبة منحها المزيد من الوقت ريثما تنجلي الأمور، مشيرة إلى «اننا نرفض انخراط أبنائنا في أعمال القمع والمشاركة في قتل أبناء بلدهم، كما أننا نتخوف على أولادنا اليافعين من المشاركة في أعمال عسكرية لا تستهدف العدو الأول للشعب السوري، وهو إسرائيل».

وتنضم تلك العائلات إلى أربعين ألف مطلوب للخدمة العسكرية الإجبارية تخلفوا عن الالتحاق خلال الأشهر الستة الماضية، بحسب تصريح مسؤول في شعبة التجنيد العسكرية في الجيش السوري.

في هذا السياق، أكد الناطق باسم لجان التنسيق المحلية عمر إدلبي أن «هذا الرقم، إذا ما تمت مقارنته بعديد الجيش السوري المقاتل في الوحدات والقطع العسكرية البالغ 260 ألف عسكري معظمهم من المجندين، يتضح أن ارتفاع نسبة التخلف عن الالتحاق بالخدمة سيؤثر بشكل كبير على الجيش النظامي»، لافتا، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إلى أن ارتفاع هذا الرقم «يعطي انطباعا واضحا بأن العائلات السورية ترفض بشكل قاطع مشاركة الجيش في العمليات العسكرية الدائرة، ووضعه في مواجهة السوريين».

وأشار إدلبي إلى أن «معظم المقتدرين ماليا والأثرياء في سوريا يستخدمون وسيلة رشوة الضباط والنافذين لتأجيل التحاق أولادهم بالمؤسسة العسكرية النظامية، وإبعادهم عن الخدمة الإجبارية في هذا الوقت». أما الوسيلة الأخرى التي يتبعها هؤلاء، فهي «الحصول على تأجيل إداري لمدة ستة أشهر، يستطيع المطلوب للخدمة من خلاله إصدار جواز سفر مؤقت يتيح له السفر خارج القطر»، كما قال إدلبي، مشيرا إلى أن «كثيرين يستخدمون تلك الطريقة لترحيل أبنائهم، وإخراجهم من البلاد، منعا لانخراطهم في المؤسسة العسكرية، وإبعادهم عن التجنيد الإجباري»، أما الفقراء المطلوبون للخدمة العسكرية، غير القادرين على دفع الرشاوى «فيلجأون إلى الفرار من الخدمة، ويتوارون عن أنظار القوات الأمنية المكلفة بتبليغ هؤلاء بالالتحاق إلى الخدمة العسكرية» حسبما يقول.

وأكد إدلبي أن مسألة الفرار من الخدمة العسكرية «باتت مشكلة عامة تواجه الجيش والقطع المسلحة»، لافتا إلى ارتفاع معدل الفرار في محافظات درعا، وحمص، ودير الزور، وريف دمشق، وإدلب، وحماه والمحافظات الشمالية الشرقية، فيما تقل النسبة في حلب، ودمشق وطرطوس واللاذقية.

وتعتبر الخدمة العسكرية إلزامية في سوريا لكل مواطن له أشقاء ذكور من كلا الوالدين، تجاوز الثامنة عشرة من عمره. وتبلغ مدة الخدمة الإلزامية ثمانية عشر شهرا تبدأ من تاريخ الالتحاق. أما المكلفون الذين لم ينجحوا في الصف الخامس من مرحلة التعليم الأساسي وما دون، فتصل مدة خدمتهم الإلزامية إلى 21 شهرا.