هل أوشك عصر «النخبة الإنجليزية» على الانهيار؟

خروج قطبي المدينة «الحزينة» مانشستر من الدوري الأوروبي أثار عاصفة من السخرية في عالم كرة القدم

TT

انهالت الانتقادات على فريقي مدينة مانشستر، يونايتد وسيتي، اللذين ودعا يوم الخميس دور الـ16 لبطولة الدوري الأوروبي لكرة القدم، بعد فشل سابق آخر في مرحلة المجموعات لدوري أبطال أوروبا. وأكدت الصحافة الإنجليزية، بسخرية، أن أسطورة التدريب، أليكس فيرغسون، المدير الفني لمانشستر يونايتد، دائما ما كان سباقا، والخميس تحول إلى أول مدرب لفريق «الشياطين الحمر» يخرج مرتين في العام نفسه من بطولات أوروبية.

وقال أحد المعلقين التلفزيونيين البريطانيين: «مانشستر يونايتد لم يسقط أمام برشلونة، بل أمام بازل وبيلباو». ولم تكن هناك ملامح لوصيف بطل أوروبا وهو يواجه أتلتيك بيلباو الإسباني، سواء أكان ذهابا أم إيابا، الأمر الذي دفع صحيفة «دايلي ميرور» إلى الحديث عن «فشل ذريع بكل ما يحمل ذلك من معانٍ». وقال فيرغسون: «أتمنى ألا يعدو الأمر مجرد عام سيئ». والعزاء الوحيد الذي ظل لمانشستر يونايتد هو أن بعده بساعتين لحق به سيتي، منافسه الأكبر في الدوري الإنجليزي، الذي فاز 3 - 2 على سبورتينغ لشبونة، لكنه خرج لسابق هزيمته ذهابا بهدف نظيف في البرتغال. وجاء عنوان صحيفة «دايلي ميل»: «مدينة متحدة في النحس»، في إسقاط ساخر على اسمي الناديين.

وظلت هناك أسئلة كثيرة من دون إجابة، مثل: ألم تعد إنجلترا قادرة على المنافسة أوروبيا مع تبقي تشيلسي وحده في صراع المنافسة على الألقاب القارية؟ هل كان الغرور هو السبب، عبر التفكير فقط بصراع الفريقين في الدوري الإنجليزي؟

وقال الإيطالي روبرتو مانشيني، المدير الفني لمانشستر سيتي، مازحا: «حسدنا يونايتد على خروجه وأردنا الخروج نحن أيضا»، وإن كان فريقه قد لقي في الأحوال كلها انتقادات أقل من جاره؛ حيث جاء عنوان صحيفة «صن»: «سيتي شجاع، يونايتد يتعرض للإذلال».

كان مانشستر سيتي متأخرا صفر - 2، وهي النتيجة التي كانت تبدو إلى جانب الهزيمة بهدف ذهابا غير قابلة للتعويض، لكن الفريق انتفض وقلب الهزيمة إلى انتصار لم يمنحه التأهل، واعترف مانشيني، بشجاعة، بأن فريقه استخف بالمنافس: «لقد ارتكبت خطأ في إعداد الفريق. ظننت أن الأمور ستكون سهلة».

وخسر مانشستر يونايتد 1 - 2 في لقاء الإياب أمام بيلباو، الذي فاز ذهابا أيضا في استاد أولد ترافورد 3 - 2. وبدا أن الرغبة الكبيرة في تحقيق الانتصارات التي يلعب بها الفريق في الدوري الإنجليزي قد تركها وراءه في بلاده. ولم يكن هدف مانشستر يونايتد الذي جاء بمهارة فريدة للمهاجم الدولي واين روني كافيا. وافتقد الفريق الإبداع في وسط الملعب؛ لذا ليس من المستغرب أن تتكهن الصحف بالتعاقد مع لاعب الوسط التركي نوري شاهين، الذي لا يلعب تقريبا مع فريقه ريال مدريد.

وقال فيرغسون: «لا يمكننا الشكوى من النتيجة»، مثنيا على الأداء الرائع لأتلتيك بيلباو، سابع الدوري الإسباني، متمنيا له إحراز لقب الدوري الأوروبي، لكن الفائدة الوحيدة لهذا الخروج أن الفريقين يمكنهما الآن التركيز على صراعهما في الدوري المحلي، فضلا عن غياب الضغط عن مبارياتهما. ويسعى مانشستر يونايتد، متصدر الدوري الإنجليزي برصيد 67 نقطة بفارق نقطة عن سيتي، إلى إحراز لقبه الـ20 في الدوري، بينما يحلم جاره باللقب الأول منذ عام 1968. وسيلتقي الفريقان في 30 أبريل (نيسان) المقبل في لقاء قد يحسم مستقبل البطولة.

جاء خروج مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد من بطولة الدوري الأوروبي ليثير عاصفة من السخرية في عالم كرة القدم. وسادت حالة من الصخب الواضح شبكات التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» و«فيس بوك»، وفي الصحف ووكالات الأنباء في جميع أنحاء القارة الأوروبية، لحقيقة أن إنجلترا لديها فريق واحد فقط يمثلها على المستوى الأوروبي. وضمن فريق تشيلسي وجود ممثل لإنجلترا في دور الـ8 لدوري أبطال أوروبا للعام الـ17 على التوالي، في رقم قياسي جديد، بعد أن نجح الفريق في تجاوز تأخره 1 - 3 أمام نابولي الإيطالي في ذهاب دور الـ16 والفوز 4 - 1 في مباراة الإياب، بعد لقاء مثير شهد وقتا إضافيا، ليتفوق الفريق في مجموع المباراتين 5 - 4.

هل هذه هي نهاية عصر النخبة الإنجليزية؟ هل باتت إنجلترا حقا على قدم المساواة مع قبرص؟ بالطبع لا، لكن كرة القدم تحيطها الأحكام المفاجئة التي تستند إلى بيانات محدودة. ليس من الصعب إيجاد أسباب للأداء الإنجليزي الباهت؛ حيث يمر آرسنال وتشيلسي بموسم انتقالي، وربما لا ينهيان الموسم بين الأربعة الكبار في الدوري الإنجليزي الممتاز، كما أن الصحوة التي يعيشها توتنهام، والأداء القوي لليفربول ونيوكاسل، يرجحان أننا ربما نجد قريبا مصطلح السبعة الكبار في الدوري الإنجليزي، بدلا من الأربعة الكبار، وهذا بالتأكيد أفضل وضع ممكن.

وفي الوقت الراهن، هناك فقط الاثنان الكبار، يونايتد وسيتي، لكن يونايتد بالغ في الرضا عن نفسه في دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا، مما جعله يدفع الثمن غاليا؛ حيث تعادل الفريق على أرضه مع بازل السويسري وبنفيكا البرتغالي، قبل أن يخسر الفريق على ملعب بازل في آخر مباراة له، مما أطاح به مبكرا من البطولة، لينتقل بعدها إلى الدوري الأوروبي.

على الجانب الآخر، تراجع سيتي بشكل أكبر؛ لأنه الموسم الأول له في دوري أبطال أوروبا؛ حيث تم وضع الفريق في المرتبة الرابعة لتصنيف دور المجموعات.

ووقع سيتي في مجموعة واحدة مع بايرن ميونيخ الألماني ونابولي الإيطالي وفياريال الإسباني، لكن تجربة الفريق جاءت مشرفة وجديرة بالاحترام؛ حيث حصد سيتي 10 نقاط، وفي النهاية انتقل إلى الدوري الأوروبي، بسبب التعادل مع ضيفه نابولي بهدف لمثله في المباراة الأولى.

وفي الدوري الأوروبي، شاركت إنجلترا بـ4 فرق، هي: فولهام وبرمنغهام سيتي وستوك سيتي وتوتنهام، لكن جميعها خرجت من دور المجموعات. وكان من المتوقع أن يذهب مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد بعيدا في مسابقة الدوري الأوروبي، لكن بعد الفوز على أياكس أمستردام الهولندي توجه يونايتد لملاقاة بيلباو الذي يعيش أزهى عصوره، ليسقط يونايتد أمام نظيره الإسباني. وودع سيتي بطولة الدوري الأوروبي على يد سبورتينغ لشبونة؛ حيث انتهت مباراة الذهاب بفوز الفريق البرتغالي بهدف نظيف قبل أن يفوز سيتي 3 - 2 في مباراة الإياب، لكن كان التأهل من نصيب سبورتينغ، مستفيدا من قاعدة احتساب الهدف خارج الأرض بهدفين، بعد تعادل الفريقين 3 - 3 في مجموع المواجهتين.

التجربة، بكل تأكيد، مريرة، لكن أداء الفرق الإنجليزية كان يكاد يصل إلى درجة الكارثة. ويبدو أن الدوري الإنجليزي تراجع ترتيبه خلف نظيره الإسباني، في تصنيف الدوريات الأوروبية، لكن نظرة سريعة على جدول معامل تصنيف الأندية الأوروبية يظهر أن إنجلترا ما زالت تحتفظ ببعض التفوق على الآخرين. فما زال الدوري الإنجليزي يتصدر معامل تصنيف الدوريات الأوروبية برصيد 16.‏83 نقطة، بفارق 4 نقاط أمام الدوري الإسباني، الذي قد ينتزع الصدارة في غضون الشهرين المقبلين، وبفارق 10 نقاط أمام الدوري الألماني و24 نقطة أمام الدوري الإيطالي. وحصدت إنجلترا نقاطا أكثر في معامل تصنيف الدوريات الأوروبية حتى الآن في الموسم الحالي، لكن على الرغم من ذلك فإن الساخرين من المفترض أن يستمتعوا بأقصى قدر ممكن بحالة الإزعاج التي تعيشها إنجلترا.