ضخ الأموال الأجنبية في الأندية الإنجليزية.. رغبة في الاستثمار أم سعي وراء شهرة؟

بعد أن تراكمت الديون وأفلست أندية وأخرى في الطريق

TT

لم يتأثر الاستثمار في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بتداعيات الأزمة المالية العالمية، وتواصلت صفقات انتقالات اللاعبين بين الأندية بمبالغ خيالية، بما في ذلك انتقال اللاعب الإسباني فرناندو توريس من نادي ليفربول لنادي تشيلسي الإنجليزي في صفقة قياسية عام 2011 بلغت قيمتها 50 مليون جنيه إسترليني، وانتقال اللاعب الإنجليزي أندي كارول من نادي نيوكاسل يونايتد إلى ليفربول مقابل 30 مليون جنيه إسترليني، ليكون بذلك هو أغلى لاعب كرة قدم إنجليزي. وعلاوة على ذلك، ارتفعت أجور اللاعبين بشكل خيالي؛ حيث يحصل اللاعب الأرجنتيني كارلوس تيفيز، لاعب نادي مانشستر سيتي، على راتب أسبوعي يبلغ 220 ألف جنيه إسترليني، على الرغم من أنه لم يشارك في أي مباراة مع النادي منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بسبب بعض المشاكل بينه وبين النادي.

وتحاول الأندية تغطية تلك التكاليف الباهظة من خلال ملايين الجنيهات التي تحصل عليها مقابل البث التلفزيوني لمبارياتها وتذاكر حضور المباريات، لكن ينبغي ألا ننسى أن أهم عنصر الآن في تمويل تلك الأندية هو رجال الأعمال والمليارديرات الأجانب الذين يقومون بشراء تلك الأندية، لكن السؤال الآن هو: هل يستثمر هؤلاء المليارديرات في مؤسسات قوية من الناحية الاقتصادية أم أنهم يقومون بشراء دُمى باهظة الثمن؟

كان أول من بدأ هذا النوع من الاستثمار هو الملياردير الروسي رومان إبراموفيتش عام 2003 عندما قام بشراء نادي تشيلسي الإنجليزي، وبعد ذلك بدأت أنظار المليارديرات وأقطاب الصناعة في العالم تتجه إلى شراء الأندية الإنجليزية. لكن إعلان نادي غلاسكو رينجرز، الذي يعتبر واحدا من أكبر الأندية في اسكوتلندا، عن إفلاسه بشكل مفاجئ، قد زاد من التكهنات بحدوث تدهور حاد في اقتصادات أندية كرة القدم خلال الفترة المقبلة، وهو ما يلقي الضوء على طبيعة واستدامة ملكية أندية كرة القدم، ويوضح الدور المحوري الذي تلعبه الأموال المتدفقة من روسيا والولايات المتحدة والشرق الأقصى ومنطقة الخليج في مستقبل تلك الأندية وما يحيط ذلك من غموض.

وفي الحقيقة، يعتبر التوسع الكبير في عالم كرة القدم عرضا من أعراض العولمة التي طرأت على الناحية الاقتصادية والثقافية على حد سواء. وفي الآونة الأخيرة، ناقش برنامج أذاعه راديو هيئة الإذاعة البريطانية بعنوان «تاريخ العالم في 100 موضوع» ما إذا كان القميص الذي يرتديه اللاعب الإيفواري لنادي تشيلسي الإنجليزي، ديدييه دروغبا، يلخص أو يعكس ما يحدث في العصر الحديث أم لا، لكن لماذا ذلك القميص بالتحديد؟ الإجابة هي لأنه قميص للاعب أفريقي من كوت ديفوار وتمت صناعته في الصين، وتصميمه من قبل شركة ألمانية (أديداس) ويحمل إعلانا لشركة كورية جنوبية (سامسونغ) ويرتديه لاعب يلعب في أوروبا لنادٍ إنجليزي يملكه رجل أعمال من روسيا، وهو ما يوضح حالة التشابك والتداخل الموجودة في عالم كرة القدم الحديثة.

ومع ذلك، لا تعني شعبية كرة القدم وتشابكها على المستوى الدولي أن صناعة كرة القدم ناجحة من الناحية الاقتصادية. وكان هناك بعض التحذيرات في السابق من عواقب تأزم الموقف الاقتصادي لأندية كرة القدم، فعندما فشل نادي ليدز يونايتد الإنجليزي، على سبيل المثال، في التأهل لبطولة دوري أبطال أوروبا - يحصل الفائز بالبطولة على 45 مليون جنيه إسترليني - عام 2001 واجه الكثير من المشكلات؛ حيث كان النادي قد حصل على قروض كبيرة للغاية على أمل أن ينجح في سدادها من المقابل الذي سيحصل عليه من البث التلفزيوني لمبارياته في البطولة والمكافآت التي سيحصل عليها في حال وصوله لمركز متقدم في البطولة، لكن عندما فشل النادي في التأهل واجه مشاكل مالية كبيرة أجبرته على بيع أبرز لاعبيه وملعب التدريب الخاص به والاستاد الذي كان يحتضن مبارياته.

كان الوضع الاقتصادي لنادي تشيلسي الإنجليزي قبل مجيء الملياردير الروسي إبراموفيتش يعكس صعوبة بناء فريق قوي قادر على المنافسة في البطولات القوية. فعلى الرغم من أن النادي لم يكن قد حصل على بطولة الدوري الإنجليزي حتى عام 1973، فإنه أصبح ناديا كبيرا وضم في صفوفه الكثير من اللاعبين البارزين على الساحة الأوروبية، بما في ذلك النجم الهولندي الكبير رود خوليت والنجم الإيطالي زولا خلال فترة التسعينات من القرن الماضي. وقام رئيس النادي في ذلك الوقت، كين بيتس، بزيادة أسعار تذاكر دخول المباريات وأسعار الطعام والمشروبات التي تقدم في الملعب لكي يستغل رغبة الجمهور الكبيرة في رؤية هؤلاء اللاعبين البارزين. وتبنى النادي مشروعا أطلق عليه اسم «قرية تشيلسي» الذي كان يهدف إلى زيادة مدرجات الملعب لتستوعب 45449 مشاهدا، علاوة على إنشاء فندق جديد يحتوي على الكثير من الحانات والمطاعم خلف المدرج الجنوبي. وبالإضافة إلى ذلك، تم بناء متجر ضخم لبيع الكثير من المنتجات، بدءا من قمصان اللاعبين وحتى تماثيل مصغرة للاعبي تشيلسي وسلاسل مفاتيح، كما ضم المتجر صالة للألعاب الرياضية ومتحفا، علاوة على ملهى ليلي تحت أرضية الملعب، لكي يستغل النادي أي مصدر جديد لزيادة موارده المالية. ونجح النادي بالفعل في جذب الكثير من الرعاة الذين كانوا سعداء للغاية بوضع أسمائهم على قمصان الفريق وعلى لوحات الإعلانات المحيطة بالملعب. وعلى الرغم من تلك المحاولات كلها لزيادة موارد النادي، فإن النادي قد عانى الناحية المالية في نهاية المطاف بسبب المنافسة الشرسة في سوق انتقالات اللاعبين بين الأندية والمرتبات الخيالية التي يحصلون عليها.

ونتيجة لذلك، تم بيع النادي للملياردير الروسي رومان إبراموفيتش، وهو قطب من أقطاب صناعة النفط والطاقة، الذي نجح في تكوين ثروة طائلة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. وبعد استحواذه على النادي مباشرة، قام الملياردير الروسي بإنفاق ملايين الجنيهات بطريقة غير معهودة لشراء اللاعبين البارزين والتعاقد مع مدير فني كبير في عالم الساحرة المستديرة. وقام إبراموفيتش بإعادة هيكلة النادي وتعاقد مع راعٍ جديد وأنشأ ملعبا للتدريب ومرافق ومنشآت رياضية على أحدث طراز. ومع ذلك، لا يبدو الأمر مجديا من الناحية الاقتصادية؛ حيث تعاقد النادي مع 7 مديرين فنيين في غضون 8 سنوات.

يذكر أن الملياردير الروسي إبراموفيتش قد أنفق أكثر من 800 مليون جنيه إسترليني على نادي تشيلسي منذ استحواذه على النادي، في الوقت الذي صرح فيه رئيس النادي، بروس باك، بأن الملياردير الروسي على استعداد لإنفاق ما يتراوح بين 500 و600 مليون جنيه إسترليني أخرى بهدف تطوير وتوسعة استاد ستامفورد بريدج، الذي يحتضن مباريات الفريق. وفي أول مباراة للفريق بعد الإطاحة بالمدير الفني البرتغالي، أندريه فيلاس بواس، من الجهاز الفني للفريق، هتف الجمهور باسم إبراموفيتش، وهو ما يعني أن ولاء جمهور النادي قد تحول إلى الملياردير الروسي الذي ينفق على النادي بشكل لا يصدق.

ويختلف الأمر تماما مع نادي مانشستر يونايتد على سبيل المثال؛ حيث نجد أن العلاقة متوترة للغاية بين جمهور النادي وعائلة غليزر الأميركية التي تملك النادي؛ حيث تجنب النادي، الذي يحظى بأقوى شعبية في العالم، السير في طريق تشيلسي نفسه، لكنه وجد نفسه في نهاية المطاف مملوكا للعائلة الأميركية التي حولت النادي من أغنى نادٍ في العالم إلى نادٍ مدين بنحو 500 مليون جنيه إسترليني. ونتيجة لذلك، خرج عشاق النادي في مسيرة احتجاج، ونظموا مظاهرات وحملوا لافتات توضح، بما لا يدع مجالا للشك، استياءهم من تحويل النادي إلى مجرد مؤسسة اقتصادية.

وهناك أيضا نادي مانشستر سيتي، الذي أصبح يتمتع بإمكانات مادية هائلة تفوق أي نادٍ آخر في التاريخ. وقد استحوذ رئيس الوزراء التايلاندي، تاكسين شيناواترا، على حصة من الأسهم تمكنه من السيطرة على النادي. وعلى الرغم من ذلك، لم يتمكن النادي من السير على الدرب نفسه الذي يسير عليه تشيلسي مع إبراموفيتش؛ حيث تأزم الموقف بعد عام واحد فقط، بعدما طفت على السطح فضيحة كبيرة في تايلاند، وتم إثرها تجميد 800 مليون جنيه إسترليني من أرصدة شيناواترا، وهو ما يعتبر مثالا صارخا على خطورة بيع الأندية إلى المستثمرين الأجانب. وبعد ذلك، انقشعت تلك الصورة القاتمة بقدوم الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، وهو مالك مجموعة أبوظبي المتحدة، الذي أنقذ النادي من ديونه السابقة التي كانت قد وصلت إلى 305 ملايين جنيه إسترليني، وفتح خزائنه لينفق على النادي بشكل يتوازى مع ما يقوم به إبراموفيتش مع تشيلسي.

ومع ذلك، ثمة جانب آخر لقضية بيع الأندية الإنجليزية لمستثمرين أجانب، فعلى الرغم من أن عشاق أندية تشيلسي ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد يعيشون حالة من الاستقرار منذ بيع تلك الأندية، فإن هذا ليس هو الحال دائما، فعلى مدار الـ15 عاما الماضية، عانت أندية الوسط في الدوري الإنجليزي الممتاز كثيرا بسبب رغبتها في الوصول إلى المقدمة. وعندما تفشل تلك الفريق في الوصول إلى أهدافها، فإنها تعاني حالة من التدهور والإفلاس، وخير دليل على ذلك أندية كريستال بالاس وكارديف سيتي وساوث هامبتون، وربما يكون المثال الأشهر هو نادي بورتسموث. وعلى الرغم من أنه قد تم إنقاذ تلك الأندية في نهاية المطاف، فإنها كانت على وشك الانهيار إلى الأبد.

وفي الواقع، يعتبر ما حدث مع بورتسموث حالة مثيرة للاهتمام ومثالا حيا على المستثمرين الأجانب الذين لم يقدروا جيدا الصعوبات المالية التي تواجهها الأندية من ناحية، وأفرطوا في تقديراتهم للأرباح المحتملة من ناحية أخرى. وقد استحوذ على النادي الكثير من المستثمرين الأجانب الذين كانوا يعتقدون أن أموالهم قادرة على التخلص من ديون النادي وتحقيق النجاح الذي سوف يزيد من جمهور وعشاق النادي في كل مكان، وبالتالي يزيد من الإيرادات ويرفع قيمة أصول النادي التي قد يتم بيعها بقيمة أعلى بعد ذلك. وقد نجحت تلك المعادلة لبعض الوقت، لا سيما في عام 2006 عندما قام رجل الأعمال ألكسندر غايدماك بضخ مبالغ مالية كبيرة في الفريق أدت في نهاية المطاف إلى التعاقد مع لاعبين من العيار الثقيل، كما نجح النادي في الحصول على كأس الاتحاد الإنجليزي عام 2008 ووصل إلى مركز متقدم في الدوري الإنجليزي الممتاز. ومع ذلك، لم تكن هناك إدارة جيدة للموارد المالية للنادي في نهاية المطاف، ولم تنجح الزيادة النسبية في الدخل في تحقيق النجاح للفريق، وبعد عام واحد دخل الفريق في نفق مظلم من عدم الاستقرار ولم ينجح في الخروج من هذا النفق، على الرغم من تعاقب عدد كبير من الملاك والمستثمرين الذين رحلوا في النهاية وتركوا وراءهم هيكلا معقدا وديونا كبيرة لا يمكن السيطرة عليها. واليوم، يعتبر نادي بورتسموث مثالا نموذجيا على أندية كرة القدم الحديثة التي تسير بشكل خاطئ. وعلى الرغم من أن المحنة التي تمر بها تلك الأندية تمثل مصدر قلق بالغ لكرة القدم الإنجليزية، فإن هناك حالة أخرى في الدوري الاسكوتلندي قد أحدثت صدمة كبيرة في عالم كرة القدم خلال الموسم الحالي؛ حيث أعلن نادي غلاسكو رينجرز الاسكوتلندي - وهو أكثر أندية العالم نجاحا على المستوى المحلي، علاوة على أنه كيان كبير من النواحي الثقافية والسياسية والرياضية - إفلاسه في 14 فبراير (شباط) الماضي. ويتعين على النادي دفع الكثير من الديون المستحقة التي تصل قيمتها إلى أكثر من 55 مليون جنيه إسترليني، وهو مبلغ كبير للغاية حتى بالنسبة لنادٍ كبير مثل رينجرز. ولا تختلف مأساة رينجرز كثيرا عما يحدث في الدوري الإنجليزي؛ حيث تتلخص المشكلة في تحقيق نجاح عن طريق تمويل كبير يؤدي إلى تراكم الديون وانهيار النادي في نهاية المطاف، لكن الشيء الغريب في رينجرز هو حجم موارد هذا النادي العملاق، فلم يشهر نادٍ إنجليزي بحجم رينجرز إفلاسه من قبل.

ويملك رينجرز الكثير من الموارد؛ حيث يصل معدل الحضور الجماهيري في المباريات التي تقام على أرضه إلى أكثر من 50 ألف مشجع، علاوة على الإيرادات الكبيرة التي يحصل عليها النادي من حقوق بث المباريات في القنوات التلفزيونية والأصول الكبيرة التي يملكها النادي، بما في ذلك الاستاد الذي يحتضن مباريات الفريق والملعب واللاعبين البارزين على الساحة العالمية. وعلى الرغم من ذلك كله، لم تستطع تلك الموارد أن تنقذ النادي الذي يمتد تاريخه لنحو 140 عاما من إشهار إفلاسه. وفي الحقيقة، يجب أن يكون هذا بمثابة درس للأندية الإنجليزية، بما في ذلك نادي مانشستر يونايتد الذي تتراكم عليه الديون بمرور الوقت. وعلى الرغم من أن النادي قادر على التعامل مع تلك الديون في الوقت الراهن، فإن الوضع لن يظل هكذا دائما.

وتشير بعض التقارير الإعلامية إلى أن مؤسسة «داف أند فيليبس» قد تلقت عروضا لشراء نادي مانشستر يونايتد من قبل مستثمرين من منطقة الشرق الأوسط والأميركتين. ولو كانت تلك التقارير صحيحة، فلن تكون هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إنقاذ أحد أندية كرة القدم عن طريق أموال مستثمر أجنبي على استعداد لسداد ديون ضخمة مقابل الحصول على فرصة، ليس فقط لمساعدة النادي على الخروج من عثرته وإعادته لتحقيق الأرباح، لكن أيضا لكي يكون جزءا من الدوري الإنجليزي الممتاز الذي يعتبر أقوى بطولات كرة القدم وأكثرها شهرة على الإطلاق. وعلى الرغم من أن نادي مانشستر سيتي يعتبر هو المثال الأبرز على ذلك، فإن قائمة الأندية التي تم تدعيمها بأموال المستثمرين الأجانب تشمل الكثير من الأندية، بما في ذلك نادي أستون فيلا الذي يملكه الآن رجل الأعمال الأميركي الشهير راندي ليرنير الذي يعمل في المجال المصرفي والاستثماري، ونادي كوينز بارك رينجرز المملوك الآن لرجل الأعمال الماليزي توني فرنانديز، ونادي سندرلاند المملوك للمليونير الأميركي أليس شورت. وما زال من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه الأندية ستستفيد من هذا الدعم المالي الكبير على المدى الطويل أم لا، وحتى جمهور نادي مانشستر سيتي بدأ يشعر بالقلق من أن تتوقف مجموعة «أبوظبي المتحدة» عند نقطة معينة عن الدعم الذي يقدمه للنادي. وتقول مجموعة أبوظبي المتحدة، مثلها مثل أي مالك لأحد الأندية، إنها تقوم بإعادة هيكلة النادي حتى يصبح كيانا تجاريا قادرا على البقاء في المستقبل من دون الاعتماد على دعم مالي كبير أو الثروات الهائلة. ومع ذلك، ما زال من غير الواضح متى يتحول النادي إلى تحقيق أرباح؛ حيث أعلن خلال العام الحالي عن خسائر بلغت قيمتها 194.9 مليون جنيه إسترليني، لكن تتم تغطية تلك الخسائر عن طريق المبالغ الطائلة التي يدفعها مالك النادي، وهو ما يحدث مع نادي تشيلسي أيضا. وقد لا يستمر هذا الوضع كثيرا، بسبب تطبيق قواعد اللعب المالي النظيف من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، التي ستجبر الأندية على عدم إنفاق مبالغ مالية تتعدى قيمة إيراداتها. وسوف يكون لهذه القواعد، في حال تطبيقها، تأثير كبير على مالكي الأندية الأثرياء الذين يرغبون في تقديم الدعم للأندية من خلال الأرباح التي يحصلون عليها من خارج مجال كرة القدم.

وعلى الرغم من تلك الأوقات العصيبة التي تمر بها الأندية، فإنه لا توجد هناك مؤشرات قوية على أن المستثمرين الأجانب لم يعودوا مهتمين بالاستحواذ على الأندية الإنجليزية، سواء من جانب أولئك الذين يهتمون بشراء أحد الأندية الإنجليزية المرموقة، أو أولئك الذين ما زالوا يرون أنهم يستطيعون تحقيق أرباح في تلك الأندية. وفي حديثه، قال الصحافي البريطاني المتخصص في شؤون كرة القدم، دوليب أليراجا: «ملكية أندية كرة القدم في بريطانيا اليوم لم تصبح لرجال الأعمال البريطانيين الذين أبلوا بلاء حسنا ويحاولون تقديم الدعم للأندية المحلية، لكنها أصبحت لرجال الأعمال بالغي الثراء الذين يمكنهم ضخ استثمارات بملايين الجنيهات في تلك الأندية، ولا يهم ما إذا كان هذا الشخص من برمنغهام أو من بروناي». واستطرد أليراجا في حديثه قائلا إن جمهور الأندية يرى الآن أن المستثمر الأجنبي المليونير هو السبيل الوحيد الذي يمكن أي نادٍ من منافسة الأندية العظمى ويعتلي منصات التتويج. وقد وجه أليراجا رسالة تحذير لهؤلاء الملاك الأجانب قائلا: «أسمع كثيرا عن ملاك جدد يريدون تحويل الفرق التي يستحوذون عليها حديثا إلى فرق عالمية، لكن الدلائل كلها تشير إلى أن هذا شيء صعب للغاية. لقد حاول إبراموفيتش تحقيق ذلك مع نادي تشيلسي، وحتى لو نجح الفريق في الحصول على الألقاب والبطولات، فإنه سيجد صعوبة بالغة - إذا لم يكن لديه تاريخ عريق في كرة القدم - في اقتحام الأسواق الآسيوية والشرق أوسطية المربحة للغاية التي ما زالت تسيطر عليها أندية مثل مانشستر يونايتد وليفربول». وأضاف أليراجا أن معظم الأندية ما زالت تحصل على إيراداتها من «صفقات البث التلفزيوني وتذاكر المباريات» وليس من خلال التسويق. ويحذر أليراجا أي رجل أعمال أجنبي يفكر في شراء أحد الأندية أن يفكر جيدا قبل أن يعتقد أن الاستثمار في تلك الأندية سوف يحقق له الربح.

وحتى بعدما رأى المشترون المحتملون ما حدث مع نادي غلاسكو رينجرز الاسكوتلندي، فإنهم ما زالوا يفكرون في شراء نادٍ في الدوري الإنجليزي الذي يعتبر هو الأقوى والأشهر بين دوريات العالم المختلفة، لكن يرى معظم جمهور كرة القدم أن فرصة إنقاذ أي نادٍ من قبل ملياردير أجنبي قادر على مساعدة ذلك الفريق على التحليق في صدارة الدوري الإنجليزي الممتاز، هو مجرد مخاطرة يجب القيام بها.

* كاتب في «الغارديان» و«ذي هوفينغتون بوست» و«نيو ستيتسمان».

* ساهم في كتابة التقرير سام هاردي من مركز أبحاث «نيو دبلوماسي بلاتفورم» المستقل.