جمعيات خيرية تدرس رفع قيمة «كفالة اليتيم».. نتيجة الغلاء المعيشي

بعد ثباتها على حدود الـ2400 ريال منذ أكثر من 17 عاما

يتيمتان في الحفل الذي أقيم بالدمام بمناسبة ذكرى اليوم العربي لليتيم («الشرق الأوسط»)
TT

خلال سنوات طويلة، ارتفعت أسعار كثير من الخدمات والسلع في السعودية بمستويات مختلفة، وزاد معها مستوى الرواتب والأجور وثمن العقارات والمملوكات، إلا أن قيمة الكفالة السنوية لليتيم ما زالت ثابتة عند حدود الـ2400 ريال (640 دولارا)، الأمر الذي دعا بعض الجمعيات الخيرية مؤخرا إلى إعادة النظر في قيمة هذا المبلغ، على اعتبار أنه لم يعد قادرا على تغطية احتياجات اليتيم على مدى 12 شهرا.

وتوضح لـ«الشرق الأوسط»، الجوهرة المنقور، وهي نائب رئيسة مجلس إدارة جمعية «جود» النسائية الخيرية بالدمام، أن الـ2400 ريال لا يتم إعطاؤها مباشرة لأسرة اليتيم، بل يتم توجيههم نحو أماكن معينة لشراء مصروفاتهم منها، بما في ذلك الاحتياجات الأساسية واللوازم المدرسية وكسوة العيد وغيرها.

وتضيف المنقور «مبلغ الـ2400 ريال أقرته وزارة الشؤون الاجتماعية في بداية مشروع كافل اليتيم عام 1416هـ (قبل 17 عاما)، واستمررنا عليه، ولكن هناك نقاشا حول إمكانية زيادة هذا المبلغ، ونحن ما زلنا بصدد دراسة هذا الموضوع، علما بأن المشكلة الأساسية ليست في ارتفاع أسعار السلع، لأن السوق مليئة بالخيارات، لكننا نسعى لتوفير الخامات الجيدة لهؤلاء الأيتام، وهو ما يتطلب رفع قيمة المبلغ المحدد لشراء مستلزماتهم».

وعن الآلية التي لا بد أن تتبعها الجمعيات الخيرية لأجل رفع قيمة كفالة اليتيم، تقول المنقور «علينا أن نرسل خطابا لوزارة الشؤون الاجتماعية، نشرح خلاله أسباب رفع المبلغ، والوزارة بدورها تتعاون معنا، فبإمكاننا أخذ الخيار بعد إبداء وجهة النظر المناسبة»، وتتابع «بعض الناس يستكثر دفع 2400 ريال، لذا لا نريد أن نزيدها بصورة كبيرة، والبعض يفضل أن يتشارك أكثر من كفيل في كفالة يتيم واحد، وهو ما نرحب به».

من جانبها، تحدثت بدرية الدليجان، وهي رئيسة جمعية «فتاة الخليج» الخيرية النسائية بالخبر، خلال اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، عن سياسة الجمعية في التعامل مع مبلغ الكفالة، بالقول «الـ2400 ريال تكون لليتيم نفسه، ونحن نسيّر لهم رواتب بخلاف الكفالة، ولدينا اللجنة الصحية التي تعتني بهم وتعالجهم صحيا ومركز عطاء الخير الذي يعمل على تدريبهم وغير ذلك.. كل هذا لا علاقة له بمبلغ الكفالة، لكن بعض الجمعيات الخيرية الأخرى ترى أن مبلغ الـ2400 ريال لا يكفي لأنهم يأخذون منه كل شيء يخص اليتيم، لذا بالكاد يغطي احتياجاته».

وتضيف الدليجان «نحن لا نفضل ذلك، حيث نصرف للأسر راتبا شهريا (حسب عدد أفرادها)، ومواد غذائية، ومواصلات عند الاحتياج، والعلاج والتدريب، كل هذا دون أن نلمس مبلغ الكفالة، وإذا احتاج اليتيم أشياء شخصية مثل كومبيوتر أو خزنة ملابس ونحو ذلك؛ نصرفها له من الصندوق، لذا نجد بعض الأيتام المسجلين لدينا يدخرون من مبلغ الكفالة، بالتالي نحن لا نفكر بزيادة هذا المبلغ»، وعن حجم طلبات الكفالة، تقول «عدد الكافلين أكثر من عدد الأيتام».

وبينما تعمل بعض الجمعيات الخيرية على تقسيط قيمة كفالة اليتيم السنوية، بحيث يقوم الكافل بدفع 200 ريال شهريا على مدار السنة، تعترف نائب رئيسة مجلس إدارة جمعية «جود» النسائية الخيرية بأنه كانت لديهم تجربة غير جيدة بهذا الشأن، قائلة «لم تنجح معنا هذه الفكرة، لعدم التزام البعض بالسداد الدوري، ونحن لا نريد أن تكون أمور اليتيم معلقة أو مرهونة بإمكانية السداد، لذا وجدنا أن مشاركة مجموعة في دفع المبلغ كاملا أفضل من تقسيطه على فرد واحد».

وجاء حديث المنقور على هامش الحفل الذي أقامته جمعية «جود» النسائية الخيرية، بمناسبة «يوم اليتيم العربي»، وذلك في مقر الجمعية بالدمام، مساء الأربعاء الماضي، وبسؤالها عن حجم الكافلين الذي يتوقفون فجأة عن كفالة اليتيم، تقول «نحن نتواصل معهم دائما ونذكرهم سنويا بدفع الكفالة، ومن يعتذر نجد له بديلا على الفور، فلا يوجد لدينا احتياج للكافلين، فطلب الكفالة يفوق كثيرا عدد الأيتام المسجلين في الجمعية».

وعن الشروط الواجب توافرها في أسر الأيتام حتى تحصل على الكفالة، تقول المنقور «أهم شرطين لدينا هما: نظافة المنزل، وإكمال التعليم.. كي نضمن أن ترتقي هذه الأسر بمستوى أبنائها»، مشيرة إلى أنهم يقومون بزيارات دورية لبيوت الأيتام للتأكد من توافر هذين الشرطين، في حين توضح أنه بتوقف اليتيم عن الدراسة تنقطع عنه الكفالة السنوية مباشرة، وعن نسبة إكمال الأيتام لتعليمهم الجامعي تقول «الغالبية تكتفي بشهادة الثانوية أو الزواج، وفي هذه الحالات تنقطع عنها الكفالة».

من جهتها، أفادت أنيسة الدوسري، وهي مسؤولة لجنة كافل اليتيم في جمعية «جود»، بأن عدد الأيتام المسجلين في الجمعية يبلغ 650 يتيما، جميعهم مكفولون، من عمر يوم وحتى 18 عاما، وتناولت الحديث عن الحفل الذي أقيم بمناسبة «يوم اليتيم العربي»، بالقول «سنويا ننظم هذا الحفل، وندعو الجميع إليه، باستثناء الأيتام من الذكور الكبار في السن، ونحاول أن نغير في الفعاليات سنة بعد أخرى».

وتضمن الحفل الذي شهد وجودا كثيفا من مئات الأسر، فعاليات متنوعة، شملت: ركن التلوين، وركن الرسم على الوجوه، ونقش الحناء، والتلوين على الملابس، وركن الـ«كب كيك»، وركن نافورة الشوكولاته، والمطبخ الشعبي، والمسابقات والألغاز، وتضمن الحفل كذلك مشاركة كلية سعد للتمريض بركن خاص لقياس الضغط والسكري، وتوزيع المنشورات عن النظافة والعناية بالأسنان.

وتوضح بدرية الشمري، وهي مسؤولة شعبة التطوع في جمعية «جود»، أن الحفل تضمن مشاركة 4 فرقا تطوعية، ساهمت في التنظيم وإعداد الأناشيد والمسابقات وتقديم فقرات الحفل للأطفال، فيما اقتصر دور الجمعية على الجانب التنظيمي والتنسيقي لهذه الفعاليات، وأفادت الشمري بأن مئات الهدايا المقدمة للأطفال الأيتام جاءت أيضا كتطوع من الراغبين في مشاركة الأيتام فرحتهم.