صفعات هجر.. توترات غبية

محمود تراوري

TT

إنها مباراة تنس طاولة رفيعة المستوى.. ربما يكون أبلغ توصيف لأحداث مباراة الأهلي وهجر أول من أمس التي خرجت بحصيلة سبعة أهداف، كان معظمها يسجل بطريقة «الكبس» في التنس، ولعل أوضحها هنا، أهداف تيسير الجاسم ومعتز الموسى. هي واحدة من المباريات الماتعة والحافلة بالتشويق، فمذ عرفنا الكرة سمعنا بعبارة «الكورة جوان» حسب التعبير المصري، بلهجة كونت الوجدان العربي على مدى عقود.

أهداف هجر كانت بمثابة صفعات طفل يشاغب ويشاكس من هو أكبر منه، والكبير لهول صدمته مما يحدث، يفقد السيطرة على أعصابه للحظات قبل أن يفيق ليرد الصفعة بأسلوب الكبار، حتى أجهد الطفل المشاغب فتوقف.

حدث ذلك على مدى 93 دقيقة، كان فيها هجر يخاتل الموقف والتاريخ وشهقات عودة المجد الأخضر القديم، فيحدث خدشا في صفحاته عبر دفاع مفتوح على آخره، ووسط بمحوره فضل شغفه الهجومي على واجباته الدفاعية، فبقي في المرمى حارس مذهول، فاقدا التركيز لا حول له ولا قوة حيال حالة توهان وتقطع بين خطوط الفريق، حتى بدا خط المقدمة كأنما يعزف منفردا، قبل أن يتناغم معه البارعان (الجاسم ومعتز) خاصة مع نزول ياسر الفهمي، الذي بالمناسبة يفترض في إدارة فريقه أن تسارع لتقويمه سلوكيا خاصة وهو في بداياته، وتذكيره بأن لعب الكرة لا يتطلب كل هذا التوتر والشحن والانفعال الأهوج، وأن هذه الأشياء تمتاح من طاقة الفرد الإبداعية، فتصرفه عن الإيجابي إلى ما هو سلبي تفكيرا وطاقة وبالتالي عطاء غير جيد.

وهذا الحديث ربما ينطبق على لاعبين آخرين في الفريقين أحدثوا توترات غبية عبر تصرفات احتقانية لا معنى لها أبدا، وبالتأكيد فإن هؤلاء اللاعبين يتابعون باهتمام منافسات الكرة في أوروبا، ولست أعرف هل يتوقفون قليلا عند ندرة وجود مثل هذه المشاهد التي تعترض على قرارات الحكم كثيرا، ولا تسلم بحتمية القانون وسيادته، ناهيك عن الاحتكاكات غير المبررة، والتطاحن على الكرة بشكل صبياني أثناء احتساب الأخطاء أو رميات التماس.. إلخ من مشاهد تضيع كثيرا من وقت المباراة، وتشعل فتيل احتقانات تصادر متعة وجمال الرياضة.

لكن في الحقيقة أمتعتنا مباراة هجر والأهلي لأسباب كثيرة، منها الدراماتيكية التي بالضرورة فاقمت الإثارة لدى المتابعين، ثم طبيعة وشكل الأهداف، وفي تقديري لو كان هناك هدوء أكثر ووعي أكثر لدى بعض اللاعبين، لربما ذهبت المباراة لتكون واحدة من أجمل مباريات الموسم.