«الزهرات».. فتيات اخترن الكشافة للقيادة في السعودية

أعمارهن ما بين 7 و11 عاما ويعملن بمبدأ احترام الغير

زراعة الأشجار تعدت فريق المرشدات لتصل إلى الأطفال الزائرين لحفل «يوم المرشدة العالمي» («الشرق الأوسط»)
TT

زهرات تتراوح أعمارهن ما بين 7 و11 عاما، ومرشدات من فتيات منتميات للفئة العمرية ما بين 12 و18 سنة يعملن وفق برامج تم وضعها لتلائم أعمارهن وخصائصهن النفسية فنجحن في تشكيل فريق مشرفات السعودية كي يوجدن وسط المهمات الصعبة.

برامج جمعية مرشدات المملكة التي يترأسها الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس المجلس الأعلى للكشافة والمرشدات والرواد، يتم تطبيقها في المدارس على هيئة نشاط تطوعي خارج أوقات الدوام المدرسي لتكون بذلك جزءا من المشاركة المجتمعية باعتبارها تتطلب مشاركة جميع فئات المجتمع من أمهات ومعلمات وطالبات.

حنان علاء الدين، والدة الطفلة ياسمين ذات الـ9 سنوات، وإحدى زهرات المرشدات، أكدت تعلق ابنتها بهذا النشاط والمشاركة فيه، خصوصا أنها تعلمت منه كيفية تنظيم كل أمورها، إلى جانب الانتباه لتصرفاتها أيضا.

وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «مثل هذه البرامج والأنشطة تعد مجدية وفعالة، لا سيما أنها تزرع في نفوس الأطفال حب الوطن والاهتمام بالغير كونها أنشطة اجتماعية من شأنها أن ترقى بالمجتمع عموما»، لافتة إلى أنها ستلحق ابنتها الصغرى ضمن برنامج المرشدات ابتداء من العام المقبل.

فريق الزهرات والمرشدات وحتى القائدات، يسعى إلى إثبات وجوده الفعلي وذلك ضمن معرض مصاحب لفعاليات اليوم العالمي للمرشدات، الذي من خلاله قدم الفرق أركانا مختلفة تتضمن أفكارا لمشاريع قد يتم تنفيذها مستقبلا على أرض الواقع.

دانة القنفذي، إحدى طالبات المرحلة الثانوية، قدمت بمشاركة نحو 22 مرشدة وأكثر من 20 زهرة وبإشراف معلماتهن نموذجا لجهاز ترشيد استهلاك المياه من خلال إعادة استعمال الماء المستخدم في غسل اليدين للمرحاض.

وقالت خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «يتكون الجهاز من جزأين، أحدهما في حوض غسل اليدين بينما يتم تركيب الجزء الثاني في المرحاض، حيث يصل بينهما أنبوب ليمر خلاله الماء على (فلتر) لإزالة الشوائب، ووحدة أخرى لقتل البكتيريا حتى تنسكب في المرحاض».

وبينت أن هذا الجهاز من شأنه أن يقلل معدل استهلاك الماء بنسبة 33.2 في المائة يوميا، أي ما يعادل نحو 6 ملايين ريال في السنة للفرد الواحد، مشيرة إلى أن هذا الاختراع استغرق تنفيذه قرابة أسبوع ونصف الأسبوع.

بينما عملت الطالبة رواف عبد الإله إسماعيل بالتعاون مع 5 من صديقاتها على تصميم لعبة تسعى إلى تنفيذها على أرض الواقع والتسويق لها، والمتمثلة في قطار يقف عند محطات مختلفة تحوي كل محطة منها سؤالا ينبغي على اللاعب الإجابة عنه للانتقال إلى المحطة التي تليها.

وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «إن الهدف من هذه اللعبة هو تحقيق مبدأ التعليم بالترفيه واكتساب اللاعب معلومات قيمة يستفيد منها، إلى جانب مشاركتنا أيضا بركن آخر لتنقية الهواء من الشوائب»، مبينة أن مشاركتهن لم تستغرق أكثر من أسبوع واحد للإعداد لها.

المعلمة ابتسام الأحمدي، مرشدة زهرات مدارس الفردوس النموذجية للمرحلة الابتدائية بجدة، أكدت أن الأنشطة تعد تطوعية بالكامل، تتمكن المرشدات عبر تنفيذها من رؤية إنجازاتهن في الطالبات من حيث زراعة الثقة والحماس في أنفسهن، مما يدفع بهن إلى إكمال ما بدأن به.

وأشارت إلى أن لكل مجموعة قائدة من المجموعة نفسها، حيث تتحمل مسؤولية إعداد قائمة أنشطة الطهي الأسبوعية، بحيث توكل مهمة شراء القائمة كل أسبوع إلى واحدة من المجموعة، شريطة أن تسعى بنفسها وبمساعدة معلمات الاقتصاد المنزلي لمعرفة الكمية المناسبة للمجموعة، وهو ما أسهم في زيادة الثقة في أنفسهن.

وأضافت: «يبلغ عدد القائدات في المدرسة 3 قائدات، إلى جانب متطوعتين أصبحتا في ما بعد قائدتين، عدا عن 30 زهرة و26 مرشدة، ليصبح إجمالي عدد المنضمات إلى نشاط المرشدات ما يقارب 56».

ودعت ابتسام الأحمدي إلى ضرورة التعامل الإلكتروني في ما بين المدارس وجمعية المرشدات السعوديات والابتعاد عن المعاملات الورقية، وتابعت: «نريد أعواما بلا ورق، نريد أن يكون العمل (أون لاين)، خصوصا أن المعاملات الورقية تستغرق وقتا أكبر حتى في إرسالها واستقبالها».

من جهتها، أكدت مها فتيحي، رئيسة جمعية مرشدات المملكة، قدرة إسهام الفتيات المرشدات في كل شيء يخدم الوطن، غير أن المهم في الوقت الحالي هو التأسيس الصحيح، لافتة إلى أن إعداد القائدات يستغرق نحو عام و3 أشهر، باعتبار أن كل قائدة ستكون مسؤولة من 30 زهرة أو مرشدة، وهو ما يحتم ضرورة إعداد القائدة بشكل جيد لتتمكن من نقل الخبرة إلى الآخرين.

وحول إمكانية مشاركة المرشدات والزهرات في أنشطة خارج السعودية، بينت فتيحي أن الجمعية لا تفكر حاليا في تلك الخطوة، لا سيما أن المملكة كبيرة جدا، عدا عن وجود برامج كثيرة يمكن لهن التوسع بها لتحقيق البناء داخل الوطن. ولكنها استدركت قائلة: «مثلت المرشدات السعوديات في مؤتمر الرواد بكل من الأردن وإيطاليا كرائدة فوق سن الـ40 عاما، وكنت المرأة الوحيدة كوني موجودة في النشاط الإرشادي منذ أن كان عمري 7 سنوات».

وشددت على أن تمثيل المرشدات خارج المملكة أمر مهم، خصوصا أن الذكور المنتمين إلى الكشافة لديهم معسكرات في الخارج، غير أن الوقت ما زال مبكرا أمام الفتيات الآن، ولكن من الممكن مشاركة القائدات خلال السنوات الـ4 المقبلة وليس قبل ذلك.

وبينت أن موسم الحج يحتم ضرورة التأكد من قدرة القائدات والمشاركات في ذلك الموسم على تحمل المهمة وما يصاحبها من قلة النوم والأكل، إلى جانب التحرك السريع والتعامل مع التائهين من الأطفال ومساعدة نقل المرضى منهم إلى المستشفيات.

وذكرت أن العام الحالي شهد تقدم 47 قائدة، حيث تمكنت نحو 26 منهن من تكوين فريق خلال العام الماضي، غير أن المتوقع اختيار ما يقرب من 17 قائدة منهن لتشارك في موسم حج هذا العام، مطالبة بضرورة توفير مقار مخصصة للأطفال التائهين وتأهيلها بشكل مناسب يتسع لأكبر قدر من القائدات اللاتي يعملن بنظام الـ«ورديات».