الجماهير تهدد بمقاطعة بطولة أمم أوروبا في أوكرانيا

الفنادق ترفع أسعارها إلى 3600 يورو لليلة الواحدة

TT

هل يستحق الأمر أن تدفع 120 يورو من أجل استئجار خيمة أو 3600 يورو مقابل ليلة واحدة في أحد الفنادق؟ هذه هي أوكرانيا التي تعتبر إحدى أكثر الدول فقرا في أوروبا، لكن أسعار الإقامة فيها ستصل إلى حدود خيالية عندما تستضيف الجمهورية السوفياتية السابقة نهائيات كأس أوروبا 2012 الصيف المقبل مشاركة مع بولندا.

في دونييتسك (شرق البلاد)، إحدى المدن الأربع المضيفة في أوكرانيا، حجز غرفة في فندق قريب من الملعب الذي سيستضيف إحدى مباراتي الدور نصف النهائي في 27 يونيو (حزيران) المقبل، قد يكلفك 3600 يورو لليلة الواحدة، أي أكثر 85 مرة من التعريفة الطبيعية (42 يورو لليلة). أما بالنسبة للمشجعين الذين ليس في استطاعتهم دفع هذا المبلغ الطائل، فبإمكانهم الحجز في نزل أو ما يعرف ببيوت الشباب للحصول على غرفة من سريرين مع حمام مقابل 1400 يورو، أو استئجار خيمة مقابل 70 أو 120 يورو لليلة الواحدة في موقع مخصص للتخييم، وذلك بحسب الموقع العالمي للحجوزات «بوكينغ دوت كوم».

«هذا هراء.. إنه الاستغلال ببساطة»، هذا ما قاله مسافر فرنسي اعتاد حضور الأحداث الرياضية الكبرى، حول هذه الأسعار الخيالية، دون أن يكشف عن اسمه، مضيفا: «التعريفة غير مقبولة لأن أصحاب الفنادق يسعون لاستغلال الموقف»، في حين أن البدائل غير متوفرة في هذا البلد السوفياتي السابق الذي يفتقد كثيرا للبنى التحتية السياحية.

وقبل أكثر من شهرين بقليل على انطلاق البطولة القارية، سيكون من المستحيل إيجاد غرفة بسعر مناسب في فندق فعلي، أي بعيدا عن الشقق المفروشة، في المدن الأوكرانية الأربع المضيفة، وهي كييف ولفيف (غربا) وخاركيف ودونييتسك (شرقا). وإذا كانت الأسعار في العاصمة كييف مرتفعة أصلا، كونها من أغلى المدن الأوروبية، فإن المغالاة في الأسعار حدثت في المدينتين الصناعيتين خاركيف ودونييتسك اللتين لا تعتبران وجهة للسياح الآتين إلى أوكرانيا. وهذا الوضع سيشكل مشكلة كبرى لنحو 1.5 مليون مشجع آتين إلى أوكرانيا من أجل متابعة منتخبات بلادهم، وذلك بحسب ما تخوف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، فيما رأى السائح الفرنسي أن هذه المشكلة غير موجودة في شريكة الضيافة بولندا التي ارتفعت الأسعار فيها أيضا إلا أنها تؤمن بدائل وخيارات متعددة لمشجعي كرة القدم من أجل الاستمتاع بالعرس الكروي القاري الذي ينطلق في 8 يونيو ويختتم في 1 يوليو (تموز). أما السلطات الأوكرانية فكل ما فعلته حتى الآن في هذه المسألة هو تقديم النصح للمشجعين بالتعامل مع وكلاء السفر الرسميين، لكن هؤلاء يقدمون بشكل أساسي غرفا في مساكن الطلاب في الجامعات.

وقد رأى أمين عام الاتحاد الأوروبي ديفيد تايلور أن استغلال الحدث من أجل كسب أكبر قدر ممكن من الأموال لا يعطي صورة جميلة عن البلد، فيما وعد المسؤولون الأوكرانيون بالتدخل، بحسب ما أكد نائب رئيس الوزراء بورس كوليسنيكوف بقوله: «حكومتنا تملك السلطة الكافية من أجل تقليص الشهية»، أي الشهية النهمة لأصحاب الفنادق. وبانتظار التدخل الحكومي، قرر كثير من المشجعين البقاء في منازلهم كما هي حال الإنجليزي جينس باثمان الذي يلتقي منتخب بلاده مع فرنسا في 11 يونيو في دونييتسك. «ألف يورو من أجل غرفة، وبأي نوعية من الخدمة؛ فطور صغير بارد.. ملاءات مثقوبة.. ومكيف معطل؟»، هذا ما قاله المشجع الإنجليزي الذي عمل في دونييتسك أستاذا في اللغة الإنجليزية، مضيفا: «سأبقى في منزلي وسأتابع المباريات من خلف شاشة التلفاز».

وهناك خيار أمام المشجعين بأن يحجزوا في طائرات تسافر يوميا من وإلى دونييتسك من أجل متابعة مباراة فريقهم ومن ثم مغادرة البلاد، وذلك بحسب ما أكد مدير ملعب دونييتسك ألكسندر أتامنكو.

بعض الأوكرانيين ليسوا سعداء على الإطلاق بجشع أبناء بلادهم، فقرروا أن يفتحوا أبوابهم ومجانا أمام مشجعي كرة القدم من كل حدب وصوب، وهم دعوا عبر موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي مواطنيهم للقيام بالأمر ذاته.

ولم يكن مشروع استضافة أوكرانيا كأس أوروبا 2012 سلسا على الإطلاق منذ منحها هذا الشرف مشاركة مع بولندا؛ إذ اضطر الاتحاد الأوروبي إلى توجيه أكثر من تحذير لهذا البلد وهدده بسحب حق التنظيم منه بسبب تأخر الأعمال في الملاعب والبنى التحتية. وفي نهاية المطاف، منحت أوكرانيا الضوء الأخضر لتستضيف النهائيات في أربع مدن، بينها العاصمة كييف التي ستحتضن المباراة النهائية.

وأكد رئيس الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني أن الجهود التي قام بها الأوكرانيون رغم المصاعب التي واجهتهم كانت كفيلة بمنحهم الضوء الأخضر لاستضافة النهائيات القارية في مدن كييف ودونييتسك وخاركيف ولفيف، كما هي الحال بالنسبة للبولنديين الذين سيستضيفون المباريات في مدن وارسو وفروكلاو وبوزنان وغدانسك. وكان هناك احتمال أن يلجأ الاتحاد الأوروبي إلى تقليص عدد الملاعب المخصصة لاحتضان كأس أوروبا إلى ستة ملاعب بدلا من ثمانية في حال لم تتمكن أوكرانيا من تلبية دفتر الشروط.