مؤسسة مردوخ «نيوز كوربوريشن» في قفص الاتهام مجددا

مشرعون بريطانيون يطالبون بالتحقيق في ادعاءات ممارستها «التجسس الصناعي»

TT

طالب أمس عدد من المشرعين البريطانيين بأن تقوم الجهات البريطانية المختصة بتقصي حقيقة الاتهامات التي وجهها برنامج «بانوراما» (المختص بالتحريات الصحافية التلفزيونية) بأن مؤسسة روبرت مردوخ «نيوز كوربوريشن» تجسست على منافسيها في السوق من خلال عمليات القرصنة التليفونية.

وادعى برنامج هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الذي بث أول من أمس أن مؤسسة «إن دي سي» المتخصصة في البطاقات التلفزيونية الذكية، التي كانت تملكها «نيوز كوربوريشن» وباعتها أخيرا، استأجرت خبيرا مختصا في عمليات التشفير قام بنشر شفرات على موقعه تخص شركة «إي تي في ديجيتال»، التي كان يملكها تلفزيون «اي تي في»، وكانت تنافس «بي سكاي بي»، التي تملك مؤسسة «نيوز كوربوريشن فيها أكبر حصة بين المستثمرين. الادعاءات تتمحور حول بعض المراسلات الإلكترونية التي حصل عليها البرنامج وكذلك وصف حي على الشاشة من قبل شخصين، أحدهما ألماني الجنسية، وآخر يعمل مشغلا لموقع متخصص في القرصنة، يدار سريا من قبل مؤسسة مردوخ، كما ذكرت صحيفة «غارديان» في تقريرها أمس.

نشر الشفرات الخاصة بالمؤسسة التلفزيونية المشفرة أدى، كما جاء الاتهام من قبل معدي البرنامج الذين اطلعوا على مراسلات إلكترونية، إلى انهيار شركة «إي تي في ديجيتال» عام 2002. وكانت مؤسسة «إي تي في» البريطانية قد أنشأت «إي تي في ديجيتال» عام 1998 بوصفها مؤسسة تجارية للبث التلفزيوني المجاني.

يذكر أن «بي سكاي بي»، التي تملك مؤسسة مردوخ 39 في المائة من أسهمها يمكن الاشتراك فيها عن طريق الدفع، وأن «اي دي إس»، التي تملكها «نيوز كوربوريشن»، تمكنت من كسر شفرة «إو إن ديجيتال» المنافسة التي تملكها شركات «إي تي في» وهي تلفزيون «كارلتون» و«غرنادا». انهيار الشركة التابعة لـ«اي تي في» فسح المجال لتلفزيون «بي سكاي بي» للسيطرة على السوق. وقالت «إن دي إس» أمس في بيان بعد بث البرنامج: «جميع المؤسسات التلفزيونية المجانية كان عليها الحصول على شفرات وذلك جزءا من المعركة التجارية ضد التلفزيونيات المدفوعة الأجر (مثل بي سكاي بي) وهذا سمح للقراصنة بكسرها والدخول إليها مجانا. إنه من الخطأ الادعاء أن (إن دي سي) كان تملك أي شفرات مما سمح للقراصنة بالدخول إليها وكسرها».

وردت «نيوز كوربوريشن» على الادعاءات قائلة إن الشركة المنهارة «إن دي سي» نفت مرارا أي مخالفات في تصريحاتها لمعدي برنامج «بانوراما بي بي سي» و«لهذا فإننا نقبل تعهداتهم».

وقالت «أوفكوم» المؤسسة البريطانية المختصة بمتابعة قوانين المنافسة والمخالفات إنها بدأت تحرياتها بخصوص القرصنة منذ فترة منذ اندلاع قضية التنصت في يوليو (تموز) الماضي والتي أدت إلى إغلاق صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد»، وإنها ستنظر في الاتهامات الموجهة ضد مؤسسة «نيوز كوربوريشن» ومردوخ في ظل الأدلة الجديدة. وقال توم واتسون عضو البرلمان العمالي، الذي كان أحد أعضاء اللجنة البرلمانية التي حققت مع روبرت مردوخ وابنه جيمس في يوليو الماضي عندما اندلعت فضيحة التنصت: «هذه الاتهامات، إذا كانت صحيحة، فإنها تعتبر الأكثر خطورة في فضيحة التنصت، ولهذا فقد طالبنا بأن تتدخل مؤسسة (أوفكوم) وتنظر في الأمر».

وأضاف واتسون في تصريحات أمس لوكالة «رويترز» للأنباء: «إذا كانت ادعاءات برنامج (بانوراما) صحيحة، فإن ذلك يعد بمثابة مؤامرة دولية من أجل تقويض مؤسسة تلفزيونية بريطانية ناجحة مثل (إي تي في ديجيتال)».

ورفض متحدث باسم «أوفكوم» التعليق على الاتهامات المقدمة، لكنه أضاف أن المؤسسة «سوف تأخذ في الحسبان جميع الأدلة المتاحة للتأكد من أن صاحب الترخيص لائق ومناسب لمكانته».

الاتهامات الجديدة ضد «نيوز كوربوريشن» تضع جيمس مردوخ في قفص الاتهام ثانية بعد الهجوم الذي واجهه قبل عام بسبب فضيحة التنصت، كونه يعمل حاليا رئيس تلفزيون «بي سكاي بي». واستقال جيمس مردوخ أخيرا من وظيفته في «نيوز إنترناشيونال» الذراع البريطانية لمؤسسة «نيوز كوربوريشن» المدرجة على بورصة نيويورك، ويعمل حاليا نائبا لرئيس «نيوز كوربوريشن» ويتخذ من نيويورك مقرا لنشاطاته التلفزيونية، كما قال والده معلقا على استقالته الشهر الماضي.

وأعلنت «نيوز كوربوريشن» آنذاك في بيان أن «جيمس مردوخ المدير التنفيذي المساعد، تخلى عن منصبه رئيسا تنفيذيا لـ(نيوز إنترناشيونال)، وسيركز جهوده على الانتشار الدولي لأنشطة تلفزيون» المجموعة.

وقال روبرت مردوخ في البيان: «نحن ممتنون لجيمس لترؤسه (نيوز إنترناشيونال) والأنشطة التي قام بها في أوروبا وآسيا حيث ساهم بطريقة دائمة في استراتيجية المجموعة في المحتويات الرقمية، وكذلك جهوده من أجل تحسين برامج إدارة المؤسسة». وأضاف البيان أن جيمس «ما زال يشكل قيمة مضافة رائعة لدى (ستار تي في) و(سكاي دويتشلاند) و(سكاي إيطاليا) و(بي سكاي بي). وسيواصل جيمس الذي استقر في نيويورك، القيام بعدة مهمات إدارية للمجموعة، مع اهتمام خاص بأنشطة التلفزيون المدفوع والعمليات الدولية».

وعلى الرغم من ابتعاده عن أحداث فضيحة التنصت في بريطانيا، فإن الادعاءات الجديدة سوف تقحمه مرغما في فضيحة التنصت على الرغم من أنه كان مديرا غير تنفيذي في مؤسسة «إن دي اس» المتهمة في الفضيحة الجديدة والتنصت على «أو إن ديجيتال». لكن أكدت «بي بي سي» أمس أن لا يوجد أي أدلة على أن جيمس كان على معرفة بالتنصت.

وبسبب اندلاع فضيحة التنصت في يوليو الماضي تخلت «نيوز إنترناشيونال» عن عرض الاستحواذ الكامل لقناة «بي سكاي بي» الفضائية البريطانية، وهي قناة خاصة رائجة بها 10 ملايين مشترك. وكان يملك روبرت مردوخ 39 في المائة من أسهمها، وأراد أن يشتري 61 في المائة من الأسهم الباقية بقيمة 12 مليار دولار للاستحواذ عليها بالكامل، إلا أن ضجة الفضيحة أطاحت بآماله، وهذا ما كان يعارضه كثير من المؤسسات الإعلامية العاملة في بريطانيا وكثير من السياسيين، وأثلج صدر خصومه المعارضين لوضعه الاحتكاري في السوق الإعلامية.