أميركا تشدد على تنفيذ المبادرة الخليجية.. وهادي يطالبها باستراتيجية لتجاوز التحديات

حزب المؤتمر يرفض إبعاد صالح.. واعتقال 7 صوماليين في أبين

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (يمين) ومساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان أثناء اجتماعهما أمس في العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

حذر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من مخاطر الحروب والانقسام في بلاده، إذا لم تلتزم القوى السياسية بالمبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014. وطالب هادي واشنطن بوضع استراتيجية لتتجاوز التحديات الاقتصادية والأمنية، والسياسية، بينما رفض حزب المؤتمر الشعبي العام، المقترحات التي تقدمت بها أحزاب اللقاء المشترك التي تتقاسم الحقائب الوزارية معه فيما يخص وضع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في حين تواصل الجماعات المتشددة من تنظيم القاعدة، بسط سيطرتها على مناطق في جنوب البلاد، بالتزامن مع زيارة وفد أميركي رفيع، إلى صنعاء، لبحث جهود مكافحة الإرهاب، إضافة إلى ملفات المرحلة الانتقالية العالقة.

ودخلت الأزمة السياسية التي يعيشها اليمن منعطفا خطيرا قد يعيق تنفيذ بنود من المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، حيث تشهد الساحة السياسية اتهامات متبادلة، وتصعيدا إعلاميا حادا، في حين عقد سفراء الدول الراعية لاتفاق نقل السلطة سلميا، لقاءات، مع قيادات رسمية وأطراف سياسية، لتقريب وجهات النظر بينهما.

وقال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، إن «الوضع في اليمن دقيق وحساس والتحديات صعبة ويحتاج البلد في هذا الظرف إلى مساعدة قوية وصادقة من أجل اجتياز الظروف والتحديات»، مطالبا «بضرورة التزام القوى السياسية وقادة الأحزاب بما وقعت عليه باعتبار المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة هي المخرج الوحيد والمشرف لتجنب ويلات الحروب والانقسام». وبحث هادي أمس ومساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان، جهود المرحلة الانتقالية، والتحديات التي تواجهها، إضافة إلى جهود محاربة الإرهاب والقرصنة في خليج عدن وتأثيراتها على الوضع الاقتصادي في اليمن. وأشار هادي إلى «التحديات الاقتصادية والأمنية والسياسية التي لا تزال تمثل هاجسا مؤرقا»، مطالبا من واشنطن «وضع استراتيجية لتجاوز هذه التحديات الاقتصادية والأمنية». وقال «إن مساعدة الولايات المتحدة الأميركية تظل محورية وأساسية، خصوصا أن رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما والإدارة الأميركية يتابعان مجريات الأحداث في اليمن وعلى علم بطبيعة تلك التحديات التي تستلزم المساعدة».

من جانبه، أكد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية حرص بلاده على «متابعة مسار تنفيذ التسوية السياسة في اليمن وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وتحث جميع الأطراف على الالتزام المطلق بأسس تنفيذ الاتفاقية دون إخلال من أي طرف». وقال فيلتمان، إن «الولايات المتحدة ستقدم الدعم في مختلف المجالات من أجل تجاوز اليمن لظروفه الصعبة»، مشيدا بجهود الرئيس هادي فيما حققه في اليمن من نجاحات خلال الفترة الماضي. وقال «زرت اليمن خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، ووجدت الظرف الآن أحسن بكثير وتلك هي جهود الرئيس».

وتأتي زيارة المسؤول الأميركي لليمن، والتي تنتهي اليوم (الأربعاء)، متزامنة مع سيطرة الجماعات الجهادية المرتبطة بتنظيم القاعدة، على مدن ومناطق جديدة في جنوب البلاد، ولا يستبعد مراقبون مناقشة فيلتمان مع المسؤولين اليمنيين خطط محاربة الإرهاب، وإخراج مسلحي «القاعدة» من محافظتي أبين وشبوة، خاصة مع تواتر أنباء عن استعانة اليمن بخبرات أميركية وغربية، لشن حملة عسكرية ضخمة ضد «القاعدة» في هذه المناطق.

وكشفت وزارة الداخلية اليمنية عن مخطط لتنظيم القاعدة في محافظتي حضرموت وشبوة، وقالت الوزارة في بيان لها أمس، إن «المخطط يهدف إلى الاستيلاء على مناطق في محافظة حضرموت والقيام بعمليات إرهابية تستهدف مرافق ومنشآت حيوية مهمة»، موضحة أنها رصدت تحركات مشبوهة لعناصر إرهابية من تنظيم القاعدة بين محافظتي شبوة وحضرموت، لكنها أكدت استعداد قواتها «للتصدي لأي عمليات إرهابية محتملة».

وفي السياق نفسه، ذكرت مصادر عسكرية في محافظة أبين، أن وحدات الجيش ضبطت أمس «سبعة صوماليين في وادي دوفس». وقال المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إن الصوماليين يشتبه بانتمائهم إلى حركة المجاهدين الصومالية التي أرسلت أكثر من 300 مسلح من عناصرها للمشاركة مع جماعة الشريعة في القتال ضد قوات الجيش هناك». ولفتت المصادر إلى أن «سواحل أبين استقبلت خلال الأيام الماضية، عشرات المسلحين الصوماليين، عبر زوارق صغيرة وتم إرسالهم إلى معسكرات تدريب في جعار وعزان». وأكد شهود عيان في محافظة لحج، المحاذية لمدينة عدن، كبرى مدن الجنوب، انتشار عشرات المسلحين من «الشريعة»، في منطقة الحمراء والرباط والفيوش، والتي تتوسط لحج وعدن، وهو ما يشير إلى سعي «القاعدة» للتوسع باتجاه محافظة عدن، التي توجد فيها أهم المنشآت والمصالح الحيوية للبلاد، وأهمها ميناء عدن والمنطق الحرة.

وعلى الصعيد السياسي، رفض حزب المؤتمر الشعبي العام، مغادرة الرئيس السابق علي عبد الله صالح، العمل السياسي، ورئاسة الحزب، بعد اشتراط أحزاب اللقاء المشترك ذلك ضمن 12 مقترحا قالت إنها تساعد على نجاح مؤتمر الحوار الوطني. وقال مكتب رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، إن «الزعيم صالح قد غادر السلطة ليحتفظ بالوطن، وأن قرار بقائه أو مغادرته لا تملكه أي قوى سياسية أو دولية». وتابع المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «(المشترك) يحاول من خلال شروطه هذه، إعادة تفسير المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وفقا لهواجسه المضطربة، وتدفعهم أوهامهم إلى طرح فكرة خروج صالح من السياسة والبلاد»، مضيفا أن «المبادرة الخليجية، نصت على مغادرة صالح السلطة، ولم تنص على تركه العمل السياسي». واستغرب المصدر «مخاوف أحزاب (المشترك) من شبح صالح، الذي لا يزال يلاحقها حتى وهو مواطن عادي، ولم يرم بثقله أو وقته في العمل السياسي، مما يجعلهم قلقين منه».

ورفض المصدر «تدخل أحزاب اللقاء المشترك في شؤون حزبه». وقال «إذا كانت قيادات أحزاب المشترك تطالب بتغيير رئيس المؤتمر، فهل تقبل أن نطالب بتغيير قيادتها، خاصة حزب الإصلاح والاشتراكي والناصري، والتي أوصلت البلاد إلى ما نحن عليه الآن». ويتابع «المؤتمر حزب عريق، وما دام الآخرون لا يقبلون أن نتدخل في شؤونهم فإننا أيضا لا نقبل أن يتدخل أيا كان في شؤون حزبنا». واتهم المصدر أحزاب المشترك «بأنها تريد فرض قيادة للمؤتمر، تكون تابعة لهم». إلى ذلك، قال مصدر مسؤول في الهيئة التنفيذية بالمجلس الوطني المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية، إن «خروج صالح من العمل السياسي، وهيكلة الجيش، وإبعاد كل أسباب الانقسام العسكري والأمني، إضافة إلى إعادة النظر في الحرس الرئاسي، شروط ضرورية تسبق الحوار الوطني». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المقترحات، تصب في صالح البلاد، وتساعد في عملية التغيير التي تشهدها البلاد»، مشيرا إلى أن «اتفاق المبادرة الخليجية وآليتها السلمية، وما تلا ذلك من إقرار قانون الحصانة القضائية، والانتخابات الرئاسية، تقتضي ألا يمارس صالح أي دور سياسي»، مؤكدا أن «صالح لا يزال قادرا على التدخل في عمل الحكومة وعمل الرئيس هادي، كما حدث الأسبوع الماضي عندما وجه وزراء المؤتمر بمقاطعة اجتماع الحكومة».