قائد الجيش التركي السابق ينفي التهم الموجهة له بالتآمر

احتجاجات للمعارضة على مشروع قانون «يشجع على التعليم الديني»

TT

رفض رئيس الأركان السابق للجيش التركي، أمس، بعد يوم على بدء محاكمته، الاتهامات الموجهة له بالتآمر والإرهاب لقلب الحكومة الإسلامية المحافظة، وقال إنه لن يدافع عن نفسه؛ لأن المحكمة لا تملك صلاحية محاكمته. وقال الجنرال المتقاعد إيلكر باشبوغ، أمام محكمة سيليفري قرب إسطنبول؛ حيث تحدث للمرة الأولى: «أنا مندهش جدا من اتهامي بقيادة منظمة إرهابية. وهذا الاتهام ليس موجها ضد شخصي، لكن ضد القوات المسلحة». وأكد أن المحكمة لا تملك صلاحية محاكمته؛ لذلك فإنه لن يدافع عن نفسه ولن يجيب عن أي سؤال. وتابع أن «محاولة اتهام رئيس أركان للجيش بجرائم من هذا النوع ليس إلا قمة المهزلة وعدم الأهلية، والقرار الاتهامي لا مصداقية له على الإطلاق من وجهة نظري».

لكن القضاة رفضوا طلبه عرض حالته على المحكمة العليا. وبعد ذلك غادر الجنرال القاعة احتجاجا على بث اتصالات هاتفية له مع مشبوهين آخرين. واتهم المحكمة بأنها «غير جدية» وسط تصفيق حار من الحضور المؤلف من أقرباء زملاء له مسجونين. وقال: «إنها نقطة سوداء في تاريخ القضاء التركي». وبعد تعليق الجلسة عاد إلى القاعة، لكنه رفض الرد على أسئلة القضاة.

ويعتبر الجنرال باشبوغ، 68 عاما، الذي ترأس الجيش التركي بين 2008 و2010، الضابط الأرفع المتهم بالتآمر والإرهاب من بين المئات الذين يلاحقهم القضاء للأسباب نفسها. وهو موقوف قيد التحقيق منذ 6 يناير (كانون الثاني) الماضي. وقد مثل للمرة الأولى أول من أمس أمام المحكمة في إطار قضية تنظر منذ 2008 بشأن عدة مؤامرات مفترضة إحداها تتعلق بمنظمة إرهابية سميت «إرغينيكون» يقول الاتهام إنها سعت إلى قلب حكومة حزب العدالة والتنمية المنبثق من التيار الإسلامي، الذي يحكم منذ 2002. ومنظمة «إرغينيكون» متهمة بالتحريض على الدعاية ضد الحكومة. وبدأ المدعون، أول من أمس، التأكد من هوية باشبوغ قبل قراءة البيان الاتهامي. كما رفض القضاة طلبا من محامي باشبوغ لإحالة قضيته على المحكمة العليا. ويعتبر الجيش التركي نفسه حاميا للعلمانية في تركيا الحديثة وثاني أكبر قوة في الحلف الأطلسي بعد الولايات المتحدة. وقام بثلاثة انقلابات على السلطة في الأعوام 1960 و1971 و1980، لكنه فقد تأثيره بعد الإصلاحات التي أطلقها حزب العدالة والتنمية. واعتقل عشرات من ضباط الجيش الحاليين والمتقاعدين، بينهم جنرالات، إضافة إلى أكاديميين وصحافيين ومحامين في إطار التحقيق في قضية «إرغينيكون».

وكان مدع تركي مكلف بالتحقيق في القضية قد طلب الشهر الماضي إنزال عقوبة السجن مدى الحياة بالجنرال باشبوغ. وسلم مدعي الجمهورية، شيهان قنشيز، يوم الخميس الماضي، محكمة في إسطنبول قرارا اتهاميا طلب فيه السجن مدى الحياة للجنرال باشبوغ بتهمة محاولة الإطاحة بالحكومة التركية بالقوة ومحاولة منع عمل الحكومة جزئيا أو كليا، وفق المصدر نفسه. وطلب أيضا له عقوبة السجن بين 15 و22 عاما بتهمة «تزعم منظمة إرهابية مسلحة».

وحول شأن ذي صلة، تظاهر الآلاف من مؤيدي المعارضة في أنقرة، أمس، احتجاجا على محاولة الحكومة إقرار مشروع قانون جديد للتعليم في البرلمان تقول الأحزاب العلمانية إنه يهدف لتشجيع التعليم الإسلامي. وتريد الحكومة إلغاء قانون فرض عام 1997 بمساندة من الجيش رفع مدة التعليم الإجباري إلى 8 سنوات بدلا من 5، لكنه منع أيضا من أن تقل أعمارهم عن 15 عاما من حضور المدارس الدينية التي يتخرج فيها الأئمة. وأدى ذلك إلى تراجع حاد في أعداد الطلبة في المدارس التي أنشئت في الأساس لتدريب الأئمة.

ويتفق حزب الشعب الجمهوري وهو حزب المعارضة العلمانية الرئيسي على ضرورة إصلاح التعليم، لكنه يقول إن أردوغان يسعى إلى الانتقام بشأن قانون 1997. وبالاعتماد على أغلبيته البرلمانية الكبيرة، كان من المقرر أن يطرح حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه أردوغان مشروع قانون التعليم على البرلمان، أمس، ويزمع استكمال التصويت عليه بحلول يوم الجمعة أو، إذا لم يتسن ذلك، إبقاء البرلمان في حالة انعقاد خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى أن يتم إقراره.

وردا على ذلك قرر حزب الشعب الجمهوري عقد الاجتماع الأسبوعي لنوابه في البرلمان في ساحة عامة في أنقرة وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك في تاريخ الجمهورية منذ تأسيسها عام 1923. ووصف حزب العدالة والتنمية هذا الإجراء بأنه غير دستوري.

وقال أردوغان توبراك، نائب زعيم حزب الشعب الجمهوري، للصحافيين في الساحة: «أعضاء حزب الشعب الجمهوري يطالبون بحقوقهم في الكفاح الوطني»، متهما حزب العدالة والتنمية بفرض مشروع القانون في مرحلة دراسته على مستوى لجنة في البرلمان عندما حشد أعضاؤه في القاعة حتى لا يتمكن أحد من المعارضة من الدخول. وتساءل توبراك قائلا: «وفقا لأي دستور يمكنك إقرار 19 مادة في 20 دقيقة. رغم كل جهودنا في اللجنة لم يتم قبول إسهاماتنا». وفي مواجهة جهود الحكومة لإقرار مشروع القانون في البرلمان قال توبراك إن حزب الشعب الجمهوري سيبذل قصارى جهده لتعطيل مشروع القانون، ووصفه بأنه «ديناميت زرع تحت الشباب التركي». وتجمع ما لا يقل عن 5000 شخص في ساحة تاندوجان في أنقرة ملوحين بالأعلام التركية ورافعين لافتات معارضة لمشروع القانون الذي يمدد فترة التعليم الإلزامي إلى 12 عاما.