ملح وجرح!

مصطفى الآغا

TT

الأكيد أن هناك تقاطعات بين أحوال الكرة في منطقتنا العربية وإن كانت ظروف كل دولة تختلف عن الأخرى، فالخليج يتشابه ولكن هناك فوارق بشرية وإمكانات مادية وتنظيمية مختلفة بين دولة وأخرى، لهذا نجد أن الكرة السعودية والقطرية والإماراتية تعتبر محترفة وتشارك في دوري أبطال آسيا، بينما الكويت وعمان والبحرين تعتبر هاوية وتشارك في كأس الاتحاد، وهناك دول أحوالها «لا تسر وظروفها صعبة مثل العراق وسوريا ولبنان»، ومع هذا نجدها في مرحلة من المراحل تتوج بطلة للقارة وتنافس وتصعد وتتألق.. والأردن أوضاعه مستقرة ولكن كرته تتفوق على نفسها بمراحل.

لهذا كتبت في «كووورة وبس» العمانية مقالة أعتقد أنها تستحق أن تكون عربية الانتشار عبر «الشرق الأوسط»، فيها قلت إنه بعد الثورة العمانية الأخيرة على الصعيدين الأولمبي والأول وبعد اقتراب المنتخب الأولمبي من الوصول للندن عبر مدينة كوفنتري، حيث سيواجه السنغال بعدما أنهى الحلم الأوزبكي وقبله العناد السوري، وجدت أنه من الضروري دراسة أحوال المنطقة كرويا ولكن بنقاش هادئ غير عاطفي.

وعلى موقعي على «تويتر» وضعت مباركة للسلطنة وتساؤلا حول كيفية وصول دولة بدوري ضعيف (إلى حد كبير) إلى التصفيات النهائية لكأس العالم والأولمبياد على حساب دول غنية ماديا وبشريا ومنشآتيا ولديها دوريات قوية وإعلام قوي ومدربون ومحترفون على أعلى المستويات، وجاءتني ردود كثيرة أغلبها تمحور حول شخصية اللاعب العماني وطموحه الكبير للعطاء والتوهج الذي سيكون أيضا مدخله للاحتراف والمال والشهرة مقابل الدلال والعنطزة من نجوم المنطقة الذين «قبروا الفقر» حتى قبل أن يبلغوا منتصف العشرينات من أعمارهم (اللهم لا حسد) وانشغلوا بالإعلام والمقابلات والتجارة والصفقات والإعلانات والشلليات بعيدا عن أي مفهوم حقيقي للاحتراف.. وهنا اتهمني البعض أنني أتحدث «مواربة عن الكرة السعودية»، وقلت إن لدي الجرأة والشجاعة كي أسمي الأشياء بأسمائها ما دمنا لا نتحدث عن محرمات ولا تابوهات بل نتحدث عن شأن رياضي كروي هو في الأساس شأن عام.

من حق الجميع أن يتساءلوا عن سبب التوهج العماني والأردني واللبناني والعراقي وحتى السوري رغم قساوة ظروف الأخيرة (ما دمنا نتحدث عن عرب آسيا)، أما التوهج القطري فالبعض يعزوه لـ«التجنيس»، ولكن من يزور قطر ويطلع على منشآتها ودرتها «أسباير» و«أسبيتار» وفكر القائمين على كرتها، سيعرف أن المال والتجنيس ليسا هما الحل السحري والفوري للتطور فقط.

الحل في الفريج أو «الحارة» وفي المواهب التي تحتاج لمن يكتشفها وفي الحوافز على العطاء وفي العمل الصامت والإعلام الهادئ وفي الاندماج الكامل للجميع ضمن المنظومة الكروية المحلية.. الحل في التروي على المدربين النافعين لكرتنا بدل مدربي العقود الخيالية والأسماء البراقة التي تدور وتلف في المنطقة مثل الدبابير على قطعة لحم!.. نريد المدرب الذي يبني ويساهم في التكوين من دون الإصرار والإلحاح عليه لتحقيق النتائج الفورية، ولنا في السير أليكس فيرغسون أكبر مثال على مدرب بنى، وناد انتظر عليه ليبني.