اجتماع إسطنبول يطالب بجدول زمني لتطبيق خطة أنان.. والمجلس الوطني يريد التسليح

العربي يمهد لقرار مجلس الأمن تحت البند السابع.. والخلاف قائم حول تعبير إسقاط نظام الأسد

الشيخ عبد الله بن زايد في حديث مع آلان جوبيه ونبيل العربي (إ.ب.أ)
TT

عشية إطلاع مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان مجلس الأمن على آخر المستجدات في تطبيق خطته حول سوريا، شاركت 70 دولة في اجتماع «أصدقاء الشعب السوري» في إسطنبول لتخرج باتفاق على دعم المعارضة السورية وبشكل فعال، بالإضافة إلى بحث إمكانية تسليح المعارضة السورية.

وللمرة الأولى، طالب رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون المجتمع الدولي بتسليح المعارضة السورية، معتبرا أن الأمر بات ضروريا. وبينما تؤكد دول عدة، وعلى رأسها السعودية، دعمها لمبدأ تسليح المعارضة، اكتفى مسؤول أميركي بالقول: «لا يمكن لأحد منا معارضة مبدأ الدفاع عن النفس».. وبينما كان هناك إجماع على دعم المعارضة السورية، اعتبرت دول، مثل هولندا، أنه يجب الضغط على النظام السوري بكافة الطرق «إلا القتالية».

واختتم اجتماع «مجموعة أصدقاء سوريا»، أمس، بالتركيز على الخطوات السياسية للضغط على النظام السوري، مع تأكيد واضح من تركيا بأنها لن تقبل بمبادرة تقبل ببقاء النظام السوري، أما قطر، التي تترأس اللجنة الخاصة بسوريا في الجامعة العربية، فطالبت بجدول زمني واضح لمبادرة كوفي أنان وتوفير كافة أساليب الدعم للمعارضة السورية، بالإضافة إلى فرض مناطق آمنة داخل سوريا. وافتتح رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان الاجتماع بخطاب حماسي، شدد فيه على فرضه استغلال خطة أنان المماطلة للتعامل مع الملف السوري ومحاسبة النظام السوري. وقال: «ما يحدث في سوريا يخصنا جميعا.. النظام السوري يستخدمها ذريعة فقط»، في إشارة إلى خطة أنان.

أما الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، فطالب بثلاث نقاط للتعامل مع الأزمة السورية، التي وصفها بالجامعة، وهي: دعم مهمة أنان، وإصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل بهذا الهدف، بالإضافة إلى وقف فوري للعنف.

وكانت النقطة الثالثة تصب باتجاه التأكيد أن القرار النهائي للوضع الداخلي يجب «أن يكون سوريّا بامتياز»، بحسب العربي.. ولكن في الوقت نفسه طالب العربي بالإسراع في العمل على إصدار قرار من مجلس الأمن حول سوريا، وبشكل أخص لدعم مهمة أنان، مؤكدا أهمية القرارات العربية واعتبارها مرجعا أساسيا وجوهريا. ويذكر أن وزير خارجية السعودية، الأمير سعود الفيصل، أكد أيضا في مداخلته ضرورة دعم مهمة أنان وإعطاءها قوة من خلال العمل الدولي المشترك.

وشدد أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي على «توفير الدعم لمبادرة الموفد الدولي - العربي كوفي أنان لحل الأزمة الطاحنة في سوريا». وذكر بأن القمة العربية التي انعقدت في بغداد من أيام قد أكدت دعم مبادرة أنان ودعت الحكومة السورية والمعارضة إلى التعامل الإيجابي مع هذه المبادرة، كما أن البيان الرئاسي عن مجلس الأمن فعل الشيء نفسه، وقد أخذت القمة العربية علما بالرسائل المتبادلة بين الحكومة السورية وأنان، وقد أكدت القمة العربية البدء الفوري في تنفيذ المبادرة ووقف الدم وإطلاق النار. ورأى أنه «يجب نشر المراقبين للإشراف على وقف أعمال العنف ووصول المساعدات إلى الشعب السوري، والمطلوب منّا اليوم العمل دون أي إبطاء لإصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع لوقف أعمال العنف بالتزامن من قبل كافة الأطراف في سوريا فورا، للسماح بنشر المراقبين، إذ لا يجوز أن نجتمع في تونس وإسطنبول وفرنسا وأن نصدر البيانات الداعية لوقف العنف فيما يستمر النظام السوري بأعمال القتل، وتتصاعد الأوضاع بما ينذر بتدهور نحو الحرب الأهلية وما يحمله ذلك من تداعيات على الشعب السوري وعلى أمن المنطقة».

وشدد على أن «مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري بعيدا عن أي تدخل خارجي، ويجب وضع سقف زمني لتنفيذ مبادرة أنان دون أي إبطاء بعد كل ما عاناه الشعب السوري، وقد حان الوقت للمجتمع الدولي للتصدي لهذه الأزمة فورا».

وفي تطور لافت، حرصت تركيا الدولة المضيفة للمؤتمر على جمع المسؤولين من الدول المشاركة في المؤتمر مع أعضاء من المعارضة السورية التي عملت داخل سوريا حتى فترة قريبة.

وفي مستهل الجلسة المغلقة تحدث مساعد وزير النفط المنشق عن النظام السوري حسام عماد الدين عن قراره ترك بلده وكل ما يملكه خلفه. وتحدث المسؤول السوري المنشق عن معاناة السوريين في الداخل والحاجة لدعم خارجي لإسقاط النظام السوري.

وحمل أعضاء المعارضة الخارجون من سوريا للتو، رسالة واضحة حول عدم وجود انشقاقات رفيعة المستوى في سوريا، قائلين بأن عدم وجود منافذ للفرار يفرض على الكثيرين البقاء. وأكد حسام الدين أن النظام السوري يجبر أعضاء حزب البعث على المشاركة في المظاهرات والمشاركة في الاستفتاء الأخير في البلاد.

واستمع الحاضرون في الاجتماع إلى طبيب من بابا عمرو، الذي وصف آلة قتل النظام السوري بأنها أشنع من أي سرطان رآه خلال 40 عاما من العمل في مكافحة السرطان. أما الخطابات من دول أوروبية، ودول أخرى مثل كندا، فشملت تعهدات جديدة بفرض عقوبات على النظام السوري.

وشهد مؤتمر إسطنبول تطورات عدة في مسار التعامل مع الملف السوري، أولها إظهار المعارضة السورية وبين فصائلها وحدة أكثر من الفترة الماضية، وذلك نتيجة لاجتماعات الأسبوع الماضي لفصائل المعارضة السورية في إسطنبول.

واجتمعت «المجموعة الأساسية» لأصدقاء سوريا والممثلة فيها الدول الأبرز مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والدول العربية ذات العلاقة مثل قطر والسعودية والإمارات والأردن ومصر، ليل أول من أمس وصباح أمس، للاتفاق على البنود الأساسية للبيان النهائي.

وحضرت شخصيات بارزة لها تأثير على الملف السوري من بينها المسؤول الأميركي فريد هوف المسؤول عن التعامل مع المعارضة السورية، بالإضافة إلى السفيرة فرانسيس غاي المسؤولة عن التواصل مع المعارضة السورية في وزارة الخارجية البريطانية.

وعلى الرغم من الاتفاق على الإطار العام للخطوات المقبلة التي تجسدت في البيان الختامي، كان هناك تباين في وجهات النظر حول قضية المطالبة المباشرة بإسقاط نظام الأسد والوسائل المتاحة لذلك. وبينما اعتبرت بعض الدول أن الهدف القريب يجب أن يكون دعم مبادرة أنان، شددت دول مثل الولايات المتحدة وتركيا على عدم إمكانية القبول بأي اتفاق يسمح ببقاء النظام الحالي.

أما بالنسبة إلى اعتبار المجلس الوطني السوري الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري، فما زال الأمر يعود إلى أهمية توحيد صفوف المعارضة، وكان الاتفاق على اعتباره ممثلا شرعيا للسوريين. ويذكر أن رسالة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى المؤتمر أدانت العنف الذي يمارسه النظام السوري ضد شعبه، مشيرا إلى «أن استخدام العنف سيزيد من الأزمة والكراهية»، ومحذرا من تسليح المعارضة.

وأضاف كي مون في رسالة وجهها إلى المؤتمر أن النقاط الست التي قدمها أنان «لائحة من الخطوات ليس وحدها كافية بل هي المطلوبة اليوم لوقف الأزمة». ويذكر أن أنان لم يحضر الاجتماع بل كان نائبه ناصر القدوة حاضرا والتقى بشخصيات واسعة في المؤتمر.

وبالإضافة إلى الدعم السياسي للمجلس السوري الوطني قدمت عدد من الدول المشاركة في المؤتمر دعما ماليا. إذ تم الإعلان عن إنشاء صندوق يمول رواتب رسمية لعناصر الجيش السوري الحر، كما أعلنت الولايات المتحدة عن 12.2 مليون دولار من المساعدات الإضافية لسوريا، ليصل إجمالي المساعدات إلى 25 مليون دولار من الولايات المتحدة لسوريا.

ومن بين المساعدات سيخصص 8.5 مليون دولار للمفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك المساعدات للدول الأربع المضيفة للاجئين السوريين وهي العراق والأردن ولبنان وتركيا. ورصدت دول مثل الأردن وليبيا عدد اللاجئين السوريين في حدودها، وقد وصلت أعدادهم في الأردن إلى 90 ألفا وفي ليبيا إلى 40 ألفا.