مراقبون غربيون: ترشيح الشاطر للرئاسة يثير أعصاب الغرب.. وجماعة الإخوان أخلفت وعدها

في ظل تساؤلات حول الوعود الأخرى التي قد يتراجع عنها الإخوان

صورة لضريح الشيخ زويد بعد أن تعرض للتدمير من قبل اسلاميين في سيناء (رويترز)
TT

رشحت جماعة الإخوان المسلمين رجل الأعمال والاستراتيجي البارز خيرت الشاطر كأول رئيس لمصر بعد سقوط نظام حسني مبارك، لتنكث وعدها بعدم الدفع بمرشح رئاسي أو احتكار السلطة.

ظل خيرت الشاطر، 62 عاما، وهو مليونير ورجل أعمال بارز، سجينا حتى العام الماضي، ونظرا للقاعدة الشعبية الكبيرة والقبول الذي تتمتع به الجماعة، يتوقع أن يجعل ذلك منه المرشح الرئاسي الأقرب إلى الفوز.

يأتي ترشيح الإخوان للشاطر في وقت يتصاعد فيه التوتر بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكري الحاكم، حيث تهيمن الجماعة على البرلمان بغرفتيه ولجنة كتابة الدستور الجديد. وهي الآن تطالب بإقالة الحكومة التي يدعمها المجلس العسكري، ودخلت في صراع مع المجلس العسكري بشأن قضايا مثل درجة الإشراف المدني على الجيش في الدستور الجديد.

يتوقع أن يثير ترشيح الإخوان للشاطر غضب الغرب، بينما أغضب الليبراليين المصريين الذين تساءلوا بشأن الوعود الأخرى التي يتوقع أن تتراجع عنها جماعة الإخوان.

يحول نزول الإخوان مضمار سباق الرئاسة إلى مناقشة بشأن مستقبل الحركة السياسي الذي يتوقع أن يتردد صداه في المنطقة. يواجه الشاطر منافسين إسلاميين، أحدهما قيادي سابق في الإخوان المسلمين وأكثر ليبرالية، أما الآخر فهو سلفي محافظ. وقد يكون السبب في دخول الإخوان المسلمين السباق الانتخابي راجعا بصورة جزئية إلى الظهور القوي الذي أبداه كلا المنافسين، وهو ما قد يؤدي إلى تقلص سلطة الجماعة كصوت مهيمن في السياسات المصرية.

يتبنى الشاطر نهجا محافظا لكنه براغماتي في الوقت ذاته، فهو يؤكد على التزام الإسلام بالتسامح والديمقراطية وتأييده لحرية التجارة والأسواق المفتوحة، وقاد الإخوان المسلمين في التزامهم العلني الأول بالتمسك باتفاقات السلام مع إسرائيل. لكنه أكد أيضا على ضرورة قيام حكومة إسلامية واضحة. وعلى الرغم من دعوة البعض داخل الجماعة إلى ضرورة التساهل إزاء التوجهات المتنوعة لأعضائها، فقد أسهم الشاطر في فرض سلطة اللجنة التنفيذية للإخوان المسلمين على أعضائها، ما أثار مزاعم الليبراليين بأنه غير ديمقراطي.

وقد أثارت الشكوك بشأن مدى التزام جماعة الإخوان المسلمين بوعودها مخاوف خاصة في الولايات المتحدة وإسرائيل التي كانت ترى في التزام حكومة مبارك باتفاق السلام مؤشرا على الاستقرار الإقليمي.

وقد رفض مسؤول إسرائيلي، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، التعليق بشكل خاص على اختيار خيرت الشاطر، وقال: «من الواضح أن هذا خبر غير سار، فالإخوان المسلمون ليسوا أصدقاء لإسرائيل، ولا يتمنون لنا الخير. أما التساؤل الأبرز فهو مدى البراغماتية التي سيكونون عليها عندما يصلون إلى السلطة. قد تكون في الاتجاه المعاكس».

وفي واشنطن رفضت وزارة الخارجية التعليق على الخبر، لكن الكثير من المسؤولين الأميركيين الذين التقوا الشاطر خلال زياراتهم إلى القاهرة، والذين كان من بينهم مسؤولون كبار في وزارة الخارجية والكونغرس، أثنوا على اعتداله وفاعليته وذكائه التجاري.

وخلال المؤتمر الصحافي لإعلان ترشيح الشاطر، أصر مسؤولو الإخوان المسلمين والذراع السياسية لها، حزب الحرية والعدالة، على أنهم أجبروا على الدفع بمرشح للرئاسة بسبب الحاجات الملحة التي تخلت عنها الحكومة الانتقالية التي يدعمها المجلس العسكري، فلمحوا إلى أزمة اقتصادية متنامية والتهديدات التي تواجه الثورة.

وقال محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة: «لقد رأينا أن مصر بحاجة الآن إلى مرشح من بيننا لحمل هذه المسؤولية. وليست لدينا رغبة على الإطلاق في احتكار السلطة».

غاب الشاطر عن المؤتمر الصحافي، لكن محمد بديع، مرشد الجماعة، قرأ خطابا من الشاطر يستقيل فيه من منصبه كنائب للمرشد للتفرغ للترشح للرئاسة. وقال الشاطر في خطابه الذي قرأه بديع: «لم أكن أفكر في شغل أي منصب تنفيذي في الدولة، إلا أنني ملتزم بقرار الجماعة».

ظلت جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست قبل 84 عاما منبعا لآيديولوجيات إسلامية حول العالم، ورغم الحظر واصلت الجماعة عملها في ظل حكم مبارك الذي كان يغض الطرف نوعا ما عن عملها. وقد قضى غالبية أعضائها البارزين بعض الوقت في السجن.

كان الشاطر الهدف الأبرز بسبب دوره كممول رئيسي ومدير مالي للمجموعة، إضافة إلى كونه استراتيجيا بارزا، وقد قضى الشاطر ما يقرب من 12 عاما متفرقة في السجون، أكثر من أي من قادة الإخوان الآخرين. وقد أفرج عنه العام الماضي بعد وقف تنفيذ الحكم، لكنه لم يتم إلغاؤه. لكن قادة الإخوان المسلمين لا يتوقعون مواجهة أي عقبات قانونية، وهو ما يشير إلى إمكانية وجود صفقة يتم الترتيب لها.

يذكر أنه بعد سقوط مبارك كان الشاطر هو من أوضح لوسائل الإعلام أن الإخوان المسلمين ينوون عدم الدفع بمرشح رئاسي، لتجنب تكرار تجربة الانتخابات الجزائرية في عام 1991، التي أدت إلى انقلاب الجيش ونشوب عقد من الحرب الأهلية. وقال الشاطر حينها: «عندما وصل الإسلاميون إلى الحكم هناك سريعا، انقلبت المؤسسة العسكرية عليهم».

وفي أعقاب الإعلان عن ترشيح الشاطر وجّه إسلاميون انتقادات لاذعة لجماعة الإخوان على تخليها عن وعودها السابقة، وقدم كمال الهلباوي، المتحدث السابق باسم الجماعة في أوروبا، استقالته مشيرا إلى الإخوان المسلمين أشبه بـ«مبارك» وأن طموحاتهم السياسية طغت على النواحي الدينية.

في الوقت ذاته كال عبد الرحمن عياش، العضو السابق، الذي كان يعمل عن قرب مع الشاطر، الاتهامات للشاطر بأنه يسعى إلى السلطة السياسية، وقال: «للمرة الأولى منذ أن كنت في الإخوان المسلمين، أتيقن من نياته السيئة».

يعتبر الشاطر رائد إصلاحات الإخوان المسلمين، وقد أسهم في رسم خطوات الجماعة في الديمقراطية الانتخابية، سواء في النقابات المهنية أو تشكيل المعارضة الحقيقية الوحيدة في البرلمان، وقاد إنشاء مواقع الإخوان المسلمين باللغة العربية والإنجليزية وساهم في تفريخ جيل من المدونين.

عمل الشاطر داخل السجن وخارجه كمسؤول اتصال للمفاوضات أو المقايضات الأخرى مع أجهزة مبارك الأخرى، ومنذ إقصاء مبارك عن السلطة واصل الشاطر ممارسة هذا الدور مع قادة المجلس العسكري، بيد أنه منذ إسقاط مبارك تزايد إحباط الكثير من الشباب والأعضاء ذوي العقليات الإصلاحية من الشاطر، وقالوا إنه فرض ثقافة العزلة والهرمية التي لا تزال باقية منذ العمل السري للجماعة.

وقاد الشاطر الحملة لمنع أعضاء الإخوان المسلمين من معارضة الموقف السياسي لحزب الحرية والعدالة، وقاد حملة طرد الأعضاء الساعين إلى سياسة إسلامية أقل تحفظا.

أحد هؤلاء الذين أشرف الشاطر على فصلهم من الجماعة، الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المسؤول البارز في جماعة الإخوان المسلمين والإصلاحي الليبرالي داخل الجماعة، يخوض الآن معركة الترشح للرئاسة. وقد تم فصل أبو الفتوح في أعقاب تحديه لقرار الجماعة، الذي تراجعت عنه الآن، بعد السماح لأي من أعضائها بالترشح للرئاسة.

وخلال المؤتمر الصحافي للإعلان عن ترشيح الشاطر حذر مرشد الإخوان المسلمين خصوم الشاطر في انتخابات الرئاسة، مذكرا إياهم بأن دعاء الشاطر في السجن بانتهاء حكم مبارك قد استجيب له، وقال بديع: «أحذر كل من يفترون على المهندس خيرت الشاطر، فقد استجيب دعاؤه على كل من افتروا عليه».

* خدمة «نيويورك تايمز»