أصدقاء سوريا يعترفون بالمجلس الوطني «ممثلا شرعيا».. ولجنة من 11 دولة تبحث «التسليح النوعي» للجيش الحر

هيلاري كلينتون تعد بـ«تحول جوهري».. وتقول لـ«المشككين»: الروس عندنا

جانب من اجتماع المسؤولين والوزراء المشاركين في افتتاح مؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» في اسطنبول أمس (رويترز)
TT

تقدم «أصدقاء الشعب السوري» في مؤتمرهم الثاني في إسطنبول، خطوة إضافية إلى الأمام باعترافهم بالمجلس الوطني السوري «ممثلا شرعيا للشعب السوري»، وإقرارهم مساعدات إغاثية للشعب السوري. وعلى الرغم من البيان الذي وصفته المعارضة السورية بـ«المتوسط» المستوى، فإن المعلومات التي تسربت عن المداخلات والنقاشات أظهرت تقدما جوهريا في الموقف الأميركي تمثل بكلام وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في الجلسة المغلقة عن «حق الشعب السوري في الدفاع عن النفس»، بالإضافة إلى تطمينات أميركية بقرب حصول «تحول جوهري» يدفع باتجاه تشكيل قوة دولية لخلق مناطق آمنة، كما أكدت مصادر شاركت في اللقاءات المغلقة لـ«الشرق الأوسط». وقالت المصادر إن كلينتون لمحت إلى تطور في الموقف الروسي قد يسمح بإنشاء مثل هذه المناطق في حال إعلان فشل خطة المبعوث الدولي – العربي، كوفي أنان، قائلة لبعض المشككين: «الروس عندنا».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن لجنة من 11 دولة، بينها تركيا وليس بينها الولايات المتحدة، قد تألفت للبحث في تسليح «الجيش السوري الحر بأسلحة (نوعية)»، بينما كانت مصادر تركية دبلوماسية تشيد بما تحقق، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يمكن جمع نحو 80 دولة ومنظمة على رأي واحد ولهذا يجب النظر إلى ما تحقق من زاوية إيجابية، مشيرة إلى أن الأهم هو ما يجري العمل عليه من قبل «الدول المحورية».

وكان رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، افتتح صباح أمس المؤتمر الثاني لـ«أصدقاء الشعب السوري» في إسطنبول بحضور وزراء خارجية وممثلين عن 75 دولة، فأكد في كلمته وجوب أن «تتعاون المعارضة السوري مع بعضها بشكل متناسق»، معتبرا أن «أي عمل نقوم به سيكون مفيدا للمعارضة السورية، لكن أي تدخل خارجي عسكري في سوريا ستستخدمه الحكومة السورية لمزيد من القتل والتدمير، وعلى مجلس الأمن القول بحزم للحكومة السورية: أوقفي القتل. وإذا فشل مجلس الأمن بذلك من جديد فنكون قد أفقدنا الشعب السوري الأمل».

وقال أردوغان: «النظام السوري يستخدم القوة المفرطة دون أي رحمة، ولذلك يجب على النظام الدولي أن يقول له (قف)، بدلا من أن يقف النظام الدولي عاجزا، وإننا نرفض رفضا قاطعا النظر إلى الحسابات والتوازنات الدولية في القضية السورية، فالنظام يستخدم الأسلحة الثقيلة ضد شعبه دون أي إنسانية، وللأسف الشديد لم ينجح النظام الدولي وفشل في الوقوف أمام ما يقوم به النظام السوري، فالنظام الدولي كان يفكر في أفريقيا من منطلق البترول ومن منطلق الماديات، ولذلك يترك النظام السوري يتصرف كما يريد، وهذا ما نرفضه هنا، وقد أتينا أنا وشعبي ودولتي من أجل أن نضع وجداننا، لكي ندفع كل المصالح وأن نفكر فقط بمصلحة الشعب السوري».

وأضاف: «الوحدة التي يجب أن نحققها نحن في المجتمع الدولي يجب أن تخرج برسالة واضحة وحيدة للنظام السوري بأن من يظلم شعبه لا يمكن القبول به، المهمة الأساسية علينا أن نؤمن وجود تصرف مشترك تجاه دعم الشعب السوري والمجلس الوطني السوري الذي يمكنه تأسيس حكومة ودولة ديمقراطية في سوريا، وقد وقّع هذا المجلس على الوثيقة الوطنية، التي هي الأساس الذي نعتمد عليه، وهي ترفض الفروق المذهبية والطائفية من خلال احتضان جميع الأقليات، وأن القانون والشفافية والمحاسبة ستسود الدولة الجديدة، والشعب السوري قبِل هذه الوثيقة، وظيفتنا هنا أن نرفع هذه المبادئ وأن نساعد على تأسيس سوريا الديمقراطية وأن نساعد على تحول في السلطة في سوريا، وعلى جميع الجهات من مجلس الأمن والأمم المتحدة وضع ذلك بتصرف الشعب السوري».

وتابع: «ليس من الممكن بالنسبة لنا أن ندعم أي خطة تساعد على بقاء نظام يقمع شعبه في السلطة، والسوريون الذين عانوا من تسلط الأسد الأب يعانون اليوم من تسلط الابن، وأعمال العنف في سوريا أوقعت حتى الآن بحسب أرقام الأمم المتحدة أكثر من تسعة آلاف قتيل، وأعتقد أن العدد أكبر بكثير من ذلك، بالإضافة إلى عشرين ألف لاجئ في تركيا فقط».

وشدد رئيس الوزراء التركي على أن «الشعب السوري ليس وحيدا، نحن في تركيا نقف إلى جانبه، وجميع المشاركين في هذا المؤتمر يشددون على وقف نزيف الدم فورا، فالوعود التي قطعها النظام لم ينفذ شيء منها، وهو لم يلتزم بأي وعد، لذلك نطالب بالوقوف ضد النظام وتأمين الحماية للشعب السوري دون أي تأخير، والشعب السوري هو من يرسم خريطة طريقه للمستقبل دون تدخل من الآخرين، وسيعاقب من ظلمه دون أي تأخير»، مؤكدا أن الأسرة الدولية «لن يكون أمامها من خيار سوى دعم حق السوريين في الدفاع المشروع عن أنفسهم إذا لم يتحرك مجلس الأمن لوقف العنف الدموي في سوريا».

ثم تحدث رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، فأبدى الدعم لمقترحات أنان، لكنه شدد على ضرورة تحديد مدى زمني لها، مؤكدا على مبادرة الجامعة العربية، وهي تستوعب بالكامل مقترحات أنان وما يتفرع عنها.

وطالب حمد بن جاسم بـ«ضرورة التفكير بإرسال قوات عربية أممية مشتركة لحفظ السلام في سوريا»، مؤكدا ضرورة «إقامة مناطق آمنة لحماية المدنيين، وتوفير كل المساعدات للشعب السوري، والارتقاء بتصعيد الضغط الاقتصادي والسياسي على النظام السوري». وأشاد بـ«اتفاق قوى المعارضة السياسية السورية على مشروع للمستقبل يتضمن المبادئ التي تبنى عليها سوريا الجديدة، وندعو المجلس إلى متابعة جهوده لتوحيد جميع أطياف الشعب السوري، ونأمل أن تتكلل أعماله في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه».

وقال رئيس المجلس الوطني السوري، برهان غليون، الذي حضر في المنصة الرئيسية للمؤتمر لأول مرة «إن المحصّلة السياسية للعمل العربي والدولي لم تبلغ مستوى العنف الذي يمارسه النظام، ولم تكن على قدر تضحيات الشعب السوري، بل إنها شجعت النظام على الاستمرار بقمعه». وقال: «لقد آن الأوان للموقف العربي والدولي أن يرتقي إلى طموحات الشعب السوري. وهذا عامل أساسي مهم في التغيير، وما هو حاصل الآن لا يُقارَن بما يلقاه النظام السوري من دعم دولي وإقليمي يسمح له بمواصلة أعمال العنف»، وأضاف: «لقد سمعنا كلاما عن مخاوف من تنامي الإرهاب والتطرف، وأنا أؤكد أن بقاء النظام هو الإرهاب بعينه، والموقف الدولي يجب أن يتغير بسرعة إزاء ما تشاهدون من مآسٍ في كل سوريا، لأن الموقف الدولي الراهن يشكل خطرا على مستقبل المنطقة برمتها».

وأكد غليون أن «سوريا تواجه تحديات خطيرة بعد رفض نظام عائلة الأسد لأي مبادرة، وبعد أن قرر هذا النظام استخدام كل ما يملكه من مقدرات لقمع الشعب السوري، وهو يستفيد من تردد المجتمع الدولي وانقسامه»، وقال: «في مواجهة ذلك، عملنا في المجلس الوطني السوري على دعم الحراك الشعبي السوري المطالِب بالحرية والديمقراطية، وعلى دعم المنشقين عن الجيش والحرص على تنظيم الجيش السوري الحر حماية للمدنيين العزل، وسوف يتكفل المجلس بتخصيص مرتبات لكل عناصر هذا الجيش، كما عمل المجلس على حشد الجهود الدولية الصديقة، وعلى توحيد الرؤى لدعم الثورة».

وتابع: «لقد قال كُثر إن ثمة تشرذما في المعارضة، لكنْ ها هي المعارضة تبلور وحدة في الرؤى والأهداف، وقد تشكّلت لجنة تحضيرية للقاء تشاوري يبحث توسيع المجلس الوطني السوري بعد أن تمت المصادقة على وثيقة المبادئ الثابتة لسوريا الجديدة المدنية الديمقراطية. ونحن أيضا نعيد الالتزام بالقضية الكردية على أساس رفع الظلم وإقرار الحقوق التاريخية للشعب الكردي على أساس وحدة سوريا. ونحن نؤكد أيضا أن الدولة الجديدة ستعمل بكل الوسائل المتاحة والمشروعة لاستعادة الجولان المحتل».

وطالب غليون المجتمعين «بموقف مسؤول يعبر عن روح التضامن الإنساني»، وقال: «نعم، نريد مساعدات إنسانية عاجلة، ونريد ممرات آمنة ومناطق عازلة، ونريد دعم الجيش السوري الحر، ونريد الاعتراف بالمجلس الوطني السوري، ونريد التزاما بإعادة إعمار ما دمره النظام في حربه على المدن، هذا ما نريده من مؤتمركم»، مؤكدا أن «الثورة ستنتصر. فلا تدعوا الوقت يطول حتى تحقيق ذلك، وقد بات عليكم أن تتوحدوا أنتم مع الشعب السوري، وألف تحية لربيع العرب وألف فخر بكفاح الشعب السوري البطل».

ثم دخل المجتمعون إلى الجلسة المغلقة التي تحدثت فيها وزيرة الخارجية الأميركية، فأكدت أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد أخلف وعده بتنفيذ خطة المبعوث الأممي إلى سوريا كوفي أنان، مشددة على أن عواقب وخيمة ستحصل إذا واصل النظام السوري عنفه ضد المدنيين. وأضافت في كلمتها أمام مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في إسطنبول: «رسالتنا يجب أن تكون واضحة لمن يعطون الأوامر ومن ينفذونها (في النظام السوري).. توقفوا عن قتل مواطنيكم وإلا ستواجهون عواقب وخيمة». وذكرت كلينتون أن الولايات المتحدة تزود المعارضة المدنية السورية بمعدات اتصالات، مضيفة أنه على الرغم من أن حكومة الأسد قبلت خطة سلام جديدة عرضها مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية الخاص إلى سوريا كوفي أنان، فإنها «خالفت على ما يبدو تعهداتها، وأضافت ذلك إلى لائحة الوعود التي تخلّ بها».

وقد أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، في مؤتمر صحافي، أن مؤتمر «أصدقاء سوريا» اعترف بالمجلس الوطني ممثلا شرعيا للشعب السوري، مؤكدا أن «33 دولة طلبت أن تنفذ النقاط الست بخطة البعوث الأممي إلى سوريا كوفي أنان»، ومشيرا إلى أنه «سوف نتابع تقرير أنان أمام مجلس الأمن وسنواصل مشاوراتنا، ولكن لن نترك النظام السوري يستنفد فرصة أخرى وهي الأخيرة بشأن الأزمة السورية».

واعتبر أوغلو في مؤتمر صحافي أعلن فيه البيان الختامي لمؤتمر «أصدقاء سوريا» الذي عُقد في إسطنبول أن «الوضع داخل سوريا سيتحسن وسيكون هناك مستقبل باهر للشعب السوري ينعم فيه بالكرامة والرفاهية». ولفت أوغلو إلى أن المجتمعين أكدوا دعمهم للشعب السوري. وأضاف «ملتزمون بتقديم العملية السلمية التي تقودها سوريا، كما قررنا زيادة المساعدة الإنسانية لسوريا، وأعلنا دعمنا الكامل للدول المجاورة التي تستضيف اللاجئين السوريين».

وكشف عن اعتبار «المجلس الوطني السوري ممثلا شرعيا لجميع السوريين، وهو مؤسسة بشكل مظلة تجمع كل المعارضة السورية، ونرحب بنجاحه بأن يكون شاملا لكل الأفرقاء»، مؤكدا دعم المجتمعين «لمهمة أنان ولكن لا ينبغي النظر إليها بأنها مهمة لأجل غير مسمّى». وأشار إلى أن «الوضع الإنساني يتدهور بشكل مستمر في سوريا، ومسؤولية كل المنظمات الدولية مساعدة الشعب السوري لبقائه على قيد الحياة». وأكد أوغلو أنه «من حق الشعب السوري أن يدافع عن نفسه في وقت تستعمل فيه المدفعية ويتم استخدام الأسلحة الثقيلة في وجهه»، مثمنا خطة أنان «لأنها تقول للنظام السوري إنه عليه أن ينفذ الخطة العربية»، مشيرا إلى أنه «يجب أن لا يتم قراءتها خطأ بأنها إعطاء مزيد من الوقت للنظام السوري»، مشددا على أن «الرسالة الصادرة عن اجتماع اليوم واضحة للشعب السوري، بأننا لن نتخلى عنه بل يحظى بالتضامن الكامل منا، وسنقوم بما يمكن لمنع القتل والمآسي في سوريا».

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه، أمس (الأحد)، أن الدول الصديقة لسوريا ستنشئ مجموعة عمل على فرض عقوبات يتم تبنيها ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وقال جوبيه للصحافيين على هامش «مؤتمر أصدقاء الشعب السوري» المنعقد في إسطنبول: «من المقرر إنشاء مجموعة عمل على العقوبات ستجتمع في باريس خلال 15 يوما».

وحذر وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، الرئيس السوري، بشار الأسد، من أن «أيامه في الحكم باتت مسألة وقت في ظل رغبة الشعب السوري في التغيير والحرية». وقال هيغ إن «النظام السوري لم يبدأ بعد تطبيق خطة السلام التي اقترحها مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي أنان»، مشيرا إلى أن «خطة أنان لن تبقى مفتوحة إلى الأبد كي يستغلها النظام السوري في مساعيه لكسب الوقت». وأكد أن «مصلحة النظام السوري والرئيس الأسد بالذات التحضير لمرحلة سياسية انتقالية مقبلة ستفرضها المتغيرات على أرض الواقع»، مجددا دعوة بلاده سوريا إلى «السماح للمساعدات الدولية العاجلة بدخول البلاد من دون قيود أو عراقيل».