مختصون يطالبون بإلغاء «الكفيل» في اليوم العالمي لمناهضة العنصرية

أعضاء من «الشورى» وحقوق الإنسان يدعون إلى إصدار نظام الجمعيات الأهلية لفتح المجال للجمعيات المدنية المتخصصة

جانب من اللقاء الذي ضم عددا من أعضاء مجلس الشورى والمختصين («الشرق الأوسط»)
TT

دعا حقوقيون ومسؤولون عن جمعيات حقوق الإنسان في السعودية، الجهات المعنية للإسراع في إصدار نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية، لفتح المجال للجمعيات المدنية المتخصصة مثل الجمعيات التي تهتم بحقوق الطفل والأخرى التي تهتم بالمرأة ومناهضة التمييز وغيرها، لمباشرة عملها.

وطالبوا خلال لقاء حضره عدد من أعضاء مجلس الشورى، أول من أمس، في جدة للتحاور حول «الإسلام ومناهضة التمييز العنصري» بفرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بمنطقة مكة المكرمة، بمزيد من التقارير حول مظاهر التمييز العنصري وإلغاء نظام الكفيل أو تعديله، بما يضمن للمقيمين حق العيش الكريم في البلاد، والتأكيد على حق الطفل في التعليم والصحة بغض النظر عن مراكز والديه القانونية، والدعوة للتسامح وعدم كراهية الأجنبي، وتفعيل دور خطباء الجمع في ذلك.

وتحت عنوان «التمييز العنصري والأجانب» قال الدكتور زيد الفضيل «علينا أن نراجع الدين المجتمعي لأنه سبب التمييز العنصري»، وأضاف «إشكالية التمييز ضد الأجانب تعود إلى نظام الكفيل لذلك لا بد من إيجاد بديل، لأن الكفالة تمثل صورا حديثة للعبودية».

بدورهم، تحدث كل من الطبيب أيمن بدر كريم، والدكتور حمود أبو طالب، والإعلامية سوزان المشهدي عن «التمييز في مجال الصحة»، حيث أشارت المشهدي إلى أن التمييز الصحي ضد المرأة واقع وملموس، تعززه بعض القرارات، مستشهدة بقرار عدم إعطاء زوجة المدمن والمسجون ضمانا اجتماعيا من دون موافقته. بينما اختلفت مع الدكتور حمود أبو طالب حول تفعيل القرار الذي يسمح للمرأة فوق 18 عاما بإجراء العمليات من دون أخذ موافقة الزوج، حيث اعتبره أبو طالب قرارا شكليا غير مفعل، مستشهدا ببعض الحالات.

أما الطبيب أيمن بدر كريم فطالب بإلغاء العلاج المدفوع، لأنه تمييز بين البشر، ويدل على أن الصحة لمن يمتلك المال، وهذا يخالف النظام الأساسي للحكم، وقال «الدول المتقدمة تحترم حقوق الإنسان وتعالجه من دون تمييز لجنسيته»، مبينا أن مهنة الطب مهنة إنسانية يجرم عليها القانون في الدول المتقدمة.

وخرج بعدد من التوصيات، ومن بينها المطالبة بوضع إجراءات لبعض الأجهزة الحكومية، وضرورة توضيح صورة الإسلام الحقيقية، ومناهضته العنصرية والترسيخ الدائم لكرامة الإنسان، والتأكيد على دور وزارة الإعلام في ترسيخ هذه المناهضة في جميع وسائل الإعلام، وخصوصا ضرورة تبنيها لميثاق شرف للتعامل الإعلامي.

وتضمنت التوصيات، إعداد دراسات مستفيضة للواقع الاجتماعي لمعرفة واقع التمييز العنصري في الممارسة والإجراءات ومدى التزام الجهات الحكومية بتعزيز ثقافة حقوق الإنسان والاتفاقيات التي صدقت عليها المملكة في هذا الخصوص.

والتأكيد على أهمية وسائل الإعلام ودورها التنموي والوطني في مناهضة التمييز وترسيخ حقوق الإنسان، وتنقيح المقررات الدراسية من كل بواعث انتهاكات حقوق الإنسان من مفردات وكلمات تقوض ثقافة حقوق الإنسان - إن وجدت - مع الأخذ في الاعتبار تدريب المعلمين على مفاهيم حقوق الإنسان لترسيخها في نفوس النشء، والإسراع في إصدار مفردات تعنى بحقوق الإنسان لتدريسها بمراحل التعليم في البلاد، سواء في منهج مستقل أو من خلال المناهج الأخرى.

كما أوصى اللقاء بضرورة ترسيخ قيم المواطنة واستحداث الآليات الكفيلة بتعزيز التوازن بين الحقوق والواجبات تجاه الوطن والمواطن، وأن الولاء دوما للوطن، ووضع الآليات التي تحد من التمييز العنصري في مجال الصحة بما يتماشى مع النظام الأساسي للحكم.

كما شدد المتحاورون على المصادقة على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إضافة إلى تذليل العقبات للمرأة والأجانب في القضاء وإعادة النظر في الآليات والإجراءات في ما يتعلق بالقبول في السلك القضائي.

وأوصوا بإعادة النظر في التعسف في استخدام سلطات الولي، للحد من حقوق المرأة النظامية والشرعية، ومراجعة بعض الإجراءات التي تميز بين الرجل والمرأة، كطلب إحضار معرف لاستكمال إجراءاتها في بعض الدوائر الحكومية، رغم حصولها على البطاقة الوطنية، والتأكيد على أهمية الأسرة كنواة للمجتمع وأحد داعمي مناهضة التمييز على نطاق المجتمع، مع ضرورة الأخذ بدراسة قدمتها الجمعية حول علاقة العامل وصاحب العمل.

اللقاء الذي استمر زهاء أربع ساعات شهد طرح العديد من الأمور المهمة، حيث أكد الدكتور أحمد البهكلي المشرف على فرع الجمعية في منطقة جازان، وجود نوعين من التمييز، أحدهما فطري، ليس للإنسان تدخل فيه، مثل اللون والجنس، وآخر مذموم نبه إليه الشارع الحكيم وحذرت منه الشريعة الإسلامية وهو ما نلمسه في الواقع المعيش. بينما طالب الدكتور محمد عطية عضو جمعية التقريب بين المذاهب الإسلامية، بالتصدي للقنوات الفضائية التي تثير الفتن بالطائفية والتمييز، متفقا أيضا مع عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان طلال قستي الذي طالب بإيجاد ميثاق شرف إعلامي للحد من تأجيج العنصرية ووأد بواعثها.

الدكتور عمر زهير حافظ المشرف على مكتب الجمعية في منطقة المدينة المنورة، تحدث عن «التمييز العنصري وفقا للاتفاقيات الدولية»، وأشار إلى أن الجهود الدولية في مجال القضاء على أشكال التمييز العنصري لم يتم تفعيلها، رغم التأكيد عليها بإصدار العديد من الصكوك الدولية والمؤتمرات، مقترحا أن تتحد الجهود في سبيل مناهضة التمييز ووأد بواعثه وفقا للجهود الدولية، وما تحث عليه الشريعة الإسلامية، وهو ما أكده سليمان الزائدي، عضو مجلس الشورى رئيس لجنة حقوق الإنسان والعرائض والمشرف على مكتبة الجمعية في العاصمة المقدسة، الذي طالب بالتصديق على العهدين الدوليين في أقرب وقت ممكن.

بدوره، تحدث الدكتور عائض الزهران، وكيل كلية خدمة المجتمع والتعليم المستمر في جامعة الطائف، عن التمييز في مجال التعليم، حيث انتقد في ورقته بيئة ومنهج التعليم وطالب بتدريب المعلم، وقال «المنهج نظام يعتمد على حشو الطالب بطريقة التلقين وفق سلطة المعلم واحتقار الآخر».

وأضاف «نعيش في مجتمع توجد فيه جميع الأشكال المحفزة على التمييز، فالمنهج يحتوي على معلومات بلا مكان وزمان ويعود بنا إلى القرن السادس الميلادي، لذلك نحتاج إلى تنقيحه بما يتناسب مع واقعنا المعاصر».

وزاد «دائما المشاريع تفشل إما لتخطيط لا ينفذ وإما تنفد من دون تخطيط، لذلك مشاريعنا تولد ميتة»، وأوصى بإعداد حقيبة تدريبية للطلاب لتعزيز مفاهيم العنصرية وخلق وعي بأضرارها والتواصل والمشاركة بين المؤسسات والاهتمام بالمعلم والجهات الحقوقية لتدريب وتأهيل المعلم.

الإعلامي الدكتور سعيد السريحي، تحدث عن التمييز في مجال الإعلام، مطالبا الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن تناضل لترسيخ الحقوق، لا أن تكون حامية للأنظمة التي تمارس انتهاك حقوق الإنسان، متفقا مع ما عرضه المهندس محمد هوساوي من صور تحث على التمييز العنصري تستخدمها وسائل الإعلام، بدعوى الإثارة من دون اعتبار أنها بواعث على العنصرية، متفقا مع المطالبة بتدريب الإعلاميين على مناهضة التمييز لا زيادته.

أما الدكتورة فائقة محمد بدر عضو هيئة التدريس في جامعة الملك عبد العزيز، فتحدثت عن التمييز الاجتماعي والأسري، مشيرة إلى أن التمييز ضد المرأة ناتج عن الموروث الثقافي والتنشئة الاجتماعية، وطالبت بالاهتمام بالأسرة وتثقيفها لوأد التفضيل والتمييز بين الأبناء على أساس الجنس والعمر.

وفي ثنايا الحوار عرض الطبيب أيمن بدر كريم مثالا عن التمييز، يتمثل في حرمان سعودي متفوق ومتخرج في إحدى جامعات أميركا في مجال طبي يحتاجه الوسط الطبي، لاختلاف مذهبه، مطالبا بإيجاد شركات طبية للتأمين تحت إشراف الدولة للقضاء على التمييز، إضافة إلى زيادة عدد المستشفيات والأسرّة.