حذر مختصون من غياب الرياضة عن المؤسسات التربوية في السعودية، عقب انتشار الأمراض الناجمة عن السمنة خاصة لدى شريحة من الأطفال، داعين إلى ضرورة الترويج لأهمية الرياضة في أوساط مختلف الشرائح. وأكد الدكتور عائض القحطاني، استشاري أمراض السمنة في كلية الطب بجامعة الملك سعود، ضرورة تفعيل دور النشاط البدني في محاربة انتشار السمنة، ونادى بضرورة توفير ممرات للمشاة في أماكن متعددة وصحية، إضافة إلى الشروع في تحسين الطرق إلى المدارس، وإنشاء أماكن لممارسة الرياضة والمشي وركوب الدراجات بأسعار رمزية شريطة أن تكون آمنة ومناسبة لطلاب المدارس.
من جهة أخرى، شددت أمل محمد، استشارية التغذية، على ضرورة التركيز على الرياضة إلى جانب التغذية الصحية، مبينة أن الريجيم الغذائي لن يكون مفيدا دون ممارسة الرياضة، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «لا بد من ممارسة الرياضة بشكل يومي، وإن لم يكن هناك نواد فإننا لا بد أن نمارسها ولو بالمشي لمدة ساعة يوميا».
وأضافت: «لا بد من تعاون فئات المجتمع كاملة لمعالجة السمنة، خاصة في ظل ما يعانيه أبناؤنا اليوم من أمراض ناتجة عنها كأمراض القلب والشرايين والأوعية الدموية والمفاصل وغير ذلك»، لافتة إلى أن نسبة الأطفال المصابين بالسمنة في السعودية، وفقا لإحصاءات نشرت مؤخرا بلغت أكثر من 3 ملايين طفل، وأن أكثر من 36 في المائة من سكان المملكة مصابون بمرض البدانة القاتلة.
إلى ذلك، أكد إبراهيم حسبن، المرشد الطلابي في إحدى المدارس العامة، أهمية حصة الرياضة المدرسية، وذلك بممارسة مختلف الرياضات خلالها، وقال «لا بد من الاهتمام في ظل ما يعانيه أبناؤنا من أمراض ناتجة عن قلة الحركة، خاصة مع انتشار التقنية، التي باتت عاملا مساعدا لقلة حركتهم، حيث إنهم يجلسون ساعات طويلة أمام الألعاب الإلكترونية كالبلاي ستيشن أو أجهزة الهواتف التي توفر لهم الألعاب المختلفة، دون حركة». وأضاف: «لذا، لا بد من الاهتمام بحصص الألعاب الرياضية داخل المدارس، تعويضا لهم عن قلة حركتهم وجلوسهم أيضا داخل الفصل الدراسي لساعات»، مشددا على أهمية أن تكون هناك رياضات مختلفة تمارس في المدارس، وألا يتم التركيز على كرة القدم فقط، التي قد لا تناسب جميعهم.
من جهته، بيّن طلال عبد الرحمن، والد لأحد طلاب المرحلة الابتدائية، عدم رغبة ابنه في الذهاب للمدرسة يوم الأربعاء تجديدا، معللا ذلك بأن يوم الأربعاء يمارس الطلاب رياضة كرة القدم التي لا يرغبها ابنه، وقال: «ولدي يكره لعب كرة القدم ولا يحب الذهاب إلى المدرسة بسبب ممارسة هذه الرياضة».
وتساءل طلال عن عدم ممارسة أنواع أخرى من الرياضة في المدارس حتى يشارك الطلاب جميعهم فيها وفقا لرغباتهم، وطلب من المدرسين تشجيع الطلاب على ممارسة الرياضات المختلفة والاهتمام بتوفير أماكن لهذه الرياضات ككرة السلة والتنس وغيرها.
إلى ذلك، أشارت مها أحمد، مدربة رياضة في أحد النوادي الرياضية التابع لمستشفى خاص بجدة، إلى أن هناك الكثير من طالبات المدارس يسجلن في النادي لممارسة الرياضة، مبينة أنهن يعانين بالفعل السمنة، خاصة طالبات المرحلة الابتدائية والمتوسطة، متسائلة: «لماذا لا تكون هناك حصص رياضية لهن في المدارس».
وقالت: «لا بد من التركيز على ممارسة الرياضة الصباحية، على الأقل في المدرسة، لا سيما أن النشاط الحركي ضروري لتنشيط الدورة الدموية في الجسم وتفتيح العقل حتى يستوعب الطالب دروسه ويحقق نتيجة أفضل في التعليم. ويهدف النشاط الرياضي إلى الإسهام في تحقيق الأهداف العامة للتربية البدنية في مراحل التعليم العام، لا سيما إذا ركزنا على نشر الوعي الرياضي الموجه إلى ممارسة الرياضة لكسب اللياقة البدنية والنشاط الدائم وتقوية الجسم، كما يساعد على رفع مستوى الكفاءة البدنية للطلاب عن طريق إعطائهم جرعات مناسبة من التمرينات التي تنمي الجسم وتحافظ على القرار السليم».
يشار إلى أن الدكتورة نورة الفايز، نائبة وزير التربية والتعليم لشؤون البنات، أكدت أن الوزارة تعمل حاليا على تأسيس منهج تربوي رياضي متكامل، يبدأ بإنشاء البنية التحتية لمشروع الرياضة المدرسية، وينتهي بالتوعية الصحية والغذائية، ضمن استراتيجية وطنية للتربية الرياضية للبنين والبنات بالمملكة، موضحة أن هذا التوجه يأتي ضمن رؤية شاملة لوزارة التربية والتعليم، وتسعى من خلالها لتأمين فرص متكافئة للطلاب والطالبات في كافة مراحل التعليم العام. وقالت الفايز في خطاب وجهته للمديرة التنفيذية بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة «هيومان رايتس ووتش»، سارة ليا ويتسن، إن الوزارة لم تصدر أي لوائح أو قواعد تنظيمية تعاقب المدارس على ممارسة الطالبات للتربية الرياضية، نافية بذلك ما تردد في تقارير صحافية عالمية حول تحقيقات أجرتها «التربية» مع مسؤولات مدارس أهلية سمحن للطالبات بممارسة الرياضة داخل مدارسهن، موضحة أن هناك ممارسة للأنشطة الرياضية داخل بعض المدارس الأهلية للبنات ضمن الجدول المدرسي ومن خلال خطة الأنشطة غير الصفية.