إسرائيل تحاول فرض حزام أمني في قلب قطاع غزة

سيلحق خسائر كبيرة بالمزارعين

TT

تخلى محمد الجارود (22 عاما)، عن استخدام دراجته النارية في ذهابه وإيابه من منزل العائلة، بناء على إلحاح والديه، اللذين يخشيان أن يثير استخدامه الدراجة النارية اهتمام الجيش الإسرائيلي المتمركز على الحدود الفاصلة بين إسرائيل وقطاع غزة، التي لا تبعد سوى مسافة 600 متر، شرق المنزل. وبات محمد ينطلق إلى عمله مشيا على الإقدام، مما يحتم عليه الخروج مبكرا.

هذه بعض القيود التي يفرضها الأهالي الذين يقطنون بالقرب من الحدود الفاصلة بين قطاع غزة وإسرائيل على أنفسهم وعلى عائلاتهم، في أعقاب التحذيرات التي أطلقها الجيش الإسرائيلي بعدم الاقتراب على بعد 300 متر من السياج الحدودي. ومعظم العائلات، كما هو الحال مع عائلة الجارود، غير معنية بتحمل مخاطر، وهي تفرض قيودا على أبنائها، حتى على مسافة أكبر بكثير من المسافة التي حددها الجيش.

في أواخر الأسبوع الماضي، ألقت طائرات الاحتلال منشورات فوق منازل الفلسطينيين في مناطق التماس، أكد الجيش أن كل من يقترب من 300 متر من الحدود يعرض حياته للخطر. وانتهى التهديد بعبارة «وقد أعذر من أنذر»، في مسعى إلى مضاعفة الشعور بالخوف والقلق لدى الناس.

وعلى الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي تطلق فيها إسرائيل مثل هذه التهديدات، فإن الجيش يقوم هذه المرة، بالتهديد في وقت تسود فيه حالة من الهدوء النسبي، وهو ما يضاعف الشعور بالإحباط لدى الناس. ونظرا لأن معظم الذين يقطنون هذه المناطق هم من المزارعين، فإنه يتوقع على نطاق واسع أن تؤدي هذه القيود إلى نتائج كارثية على هؤلاء المزارعين، الذين لن يتمكنوا من الاعتناء بحقولهم وكرومهم وأشجارهم في هذه المناطق.

لكن المفارقة أنه داخل منطقة الـ300 متر، كان يوجد الكثير من العائلات التي اضطرت لمغادرتها والبحث عن أماكن أخرى أكثر أمنا، وأسفرت الهجرة عن خسائر مادية كبيرة بالنسبة لهذه الأسر، إذ تركت منازلها على ما هي عليه تقريبا ولم تنقل شيئا من متاعها، مع إدراكها أنه سيمر وقت طويل جدا قبل أن تستقر الأوضاع في تلك المناطق، هذا إن استقرت في يوم من الأيام.

وتدعي السلطات الإسرائيلية أن اتخاذ مثل هذه الإجراءات الصارمة يأتي لدواع الأمنية، مدعية أن المقاومين الفلسطينيين يستغلون وجود المزارعين في هذه المناطق من أجل التغطية على تحركاتهم في المنطقة والهادفة للمس بالأهداف الإسرائيلية، مثل زرع عبوات ناسفة على طول الجدار الفاصل بين القطاع وإسرائيل، أو استغلال وجود الناس من أجل حفر «أنفاق مفخخة» تستخدم لاستهداف جنودها الذين يتحركون أحيانا في المنطقة. ولا تقتصر محاولات إسرائيل لفرض الحزام الأمني في قطاع غزة فقط على استخدام المنشورات التحذيرية، بل يتعداها إلى إطلاق قذائف المدفعية في المناطق الفارغة في المنطقة، كمؤشر على أن هناك ما يعزز صدقية التهديدات.