فرنسا: الآلاف يرتادون ملتقى المسلمين وأجهزة الأمن تراقب ما يحصل عن قرب

الإفراج عن 10 من الإسلاميين المقبوض عليهم لعدم توافر أدلة بحقهم

TT

بالآلاف، توافد مسلمو فرنسا والبلدان الأوروبية المجاورة إلى الملتقى السنوي التاسع والعشرين الذي ينظمه اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا على خلفية توترات أججتها الحملة الانتخابية الرئاسية وتحول الإسلام موضوعا رئيسيا للجدل ولاجتذاب الأصوات خصوصا من مرشحي اليمين المتطرف واليمين التقليدي مارين لوبن والرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي.

واستبق وزير الداخلية افتتاح الملتقى بتوجيه تحذير للمنظمين جاء به أن أجهزة الوزارة ستكون «بالغة اليقظة» لما سيجري في الملتقى بما في ذلك منع ارتداء النقاب الذي حرمه القانون الفرنسي في الأماكن العامة العام الماضي ولم يعد ارتداؤه متاحا إلا في الدائرة الخصوصية أي المنزل. وما يشير إليه وزير الداخلية يأتي بمثابة الصدى لمضمون الرسالة المفتوحة التي وجهها رئيس الجمهورية إلى رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية أحمد جاب الله والتي نبهه فيها من الخطب التي تدعو إلى العنف والحقد ومعاداة السامية.

غير أن هذه التهديدات والتحذيرات لم تؤثر كثيرا في الأجواء التي سادت في اليومين الأولين للملتقى الذي تتداخل فيه المحاضرات والصلوات والأناشيد والمكتبات والمعروضات والثياب لما كل هو إسلامي بما في ذلك ملابس العروس والمآكل الإسلامية ما يجعله قريبا من أجواء الكريسماس. وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده عقب افتتاح الملتقى، رد أحمد جاب الله على الرئيس ساركوزي وعلى وزير داخليته بتأكيد أن الملتقى «لم يكن يوما منبرا للكراهية». كذلك فند جاب الله الحجج التي لجأت إليها السلطة لمنع مشاركة دعاة وخطباء مسلمين في أعمال الملتقى من مصر والسعودية وفلسطين وقطر أبرزهم الشيخ يوسف القرضاوي وصبري عكرمة. وأكد جاب الله أن هؤلاء يتبنون بشكل عام «خطابا معتدلا».

ولم تنجح السلطات في منع دخول المفكر الإسلامي طارق رمضان، حفيد مؤسس حركة الإخوان المسلمين حسن البنا الذي يحمل الجنسية السويسرية. وكان وزير الداخلية كلود غيان قد أعرب عن «أسفه» لمجيء رمضان إلى المؤتمر آخذا عليه مواقف يفهم منها تأييده ضرب النساء من حيث المبدأ حين أعلن في كلمة سابقة له عن دعوته «لتعليق» جلد النساء وليس منع الجلد. ورغم الأجواء المريحة التي خيمت على الملتقى، فإن كثيرين أعربوا عن «انزعاجهم» من الأجواء التي تحيط بالمسلمين وبالصورة التي تعطى عنهم في المجتمع الفرنسي. ويعاني المسلمون من أفعال الشاب الفرنسي من أصل جزائري محمد مراح الذي ارتكب عمليات القتل الأخيرة جنوب فرنسا (مونتوبان وتولوز) التي ذهب ضحيتها 7 أشخاص بينهم مدرس و3 أطفال يهود.

غير أن بداية التنديد بالمسلمين لم تنتظر مآثم مراح بل تطوف دوريا على سطح الأحداث إن من خلال إثارة الصلاة في الشارع أو من خلال إثارة موضوع اللحم الحلال أو من باب الهجرة أو الأمن والضواحي. وبحسب جاب الله فإن المسلمين «يشعرون أنهم مجروحون ومصدومون كما في كل حملة انتخابية». ووجه جاب الله نداء إلى كمل المرشحين للرئاسة طالبا منهم الابتعاد عن تأجيج المشاعر المعادية للمسلمين ومؤكدا أن المسلمين «مواطنون ككل المواطنين الآخرين».

وأمس، عاد غيان للتنبيه من إمكانية ظهور «مراح جديد».

وينتظر أن يرتاد الملتقى ما لا يقل عن 100 ألف شخص بحيث يكون أكبر منتدى لتلاقي المسلمين في فرنسا وأوروبا. وخلال الأيام التي أعقبت قضية مراح، عمدت السلطات الفرنسية إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات التي يراد أن تبرز عزمها على محاربة الجهادية الإسلامية في فرنسا وضرب ما تعتبره «خلايا نائمة» ومناهضة التيار السلفي في أوساط المسلمين ما دفعها إلى طرد 6 من الدعاة ومنع مجيء دعاة آخرين، والقبض على 15 عضوا من مجموعة «فرسان العزة» 9 منهم في السجن حاليا بعد توجيه اتهامات بحقهم. وأتبعت ذلك بالقبض على 10 إسلاميين آخرين، غير أن المحققين عمدوا إلى إخلاء سبيل هؤلاء جميعا ما دفع الكثيرين إلى التنديد بـ«الاستغلال السياسي» من قبل السلطة، خصوصا أن عمليات القبض تمت تحت أنظار كاميرات التلفزيون.