الحكومة المحلية في ذي قار تهدم جامع باقر الصدر

عشية الاحتفال بالذكرى الثانية والثلاثين لإعدامه

TT

عشية الاحتفال بالذكرى الثانية والثلاثين لإعدام مؤسس حزب الدعوة الإسلامية والمفكر الشيعي المعروف محمد باقر الصدر في 5 أبريل (نيسان) عام 1980 من قبل نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، أعلن مكتب رجل الدين محمود الحسني الصرخي عن قيام بلدية الناصرية بهدم مسجد الصدر المختلف عليه بين أنصار الصرخي والدوائر الحكومية هناك. وأبلغ المتحدث الإعلامي باسم الصرخي محمد الياسري «الشرق الأوسط» بأن «الحكومة المحلية في ذي قار أقدمت في ساعة متأخرة من ليلة أمس على هدم مسجدنا (مسجد محمد باقر الصدر) بالكامل، ولطالما ناشدنا الحكومة المركزية في بغداد فك الحجز عنه».

ومن جهته أعلن مكتب الصرخي في الناصرية في بيان له أن «هذا المسجد عائد لمكتب الصرخي بكتب رسمية من وزارة البلديات ومكتب رئيس الوزراء، معتمدين على أنه مكان تابع لحزب كباقي الأحزاب».

وتعد عملية هدم هذا المسجد المتنازع عليه التحول الأخطر في سياق العلاقة بين أتباع الصرخي ومقلدي المرجعية الدينية في النجف.

من جهتها اعتبرت الحكومة المحلية في ذي قار، ومن خلال مصدر هناك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «عملية الهدم شملت عملية تجاوز لمكان يعود إلى بلدية الناصرية، وهو ليس بمسجد أصلا، ولكن أنصار الصرخي بنوا له مئذنة، فتحول من وجهة نظرهم إلى مسجد، بينما هو في حقيقة الأمر بناء اعتيادي تعود ملكيته للبلدية».

وكان أتباع الصرخي حاولوا طوال الشهرين الماضيين، وعند تفجر النزاع بينهم وبين عدد من وكلاء المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، إقامة صلاة الجمعة فيه، إلا أنهم كانوا يتعرضون لمضايقات واعتقالات من قبل رجال الشرطة. وفي الوقت نفسه طور الصرخيون احتجاجاتهم عندما تمكنوا من حشد المئات من أنصارهم أسبوعيا في مناطق مختلفة من العراق، ومنها بغداد، للقيام بمظاهرات واعتصامات.

وكانت قوات مكافحة الشغب في بغداد قد فرقت أول من أمس مظاهرة لأنصار الصرخي في ساحة الفردوس في قلب بغداد. وبينما تحاول الجهات الدينية الشيعية النافذة في العراق عدم إعطاء الظاهرة الصرخية اهتماما يذكر، فإن اتساع نطاق الاحتجاجات وظهور مئات المحتجين أسبوعيا في أنحاء مختلفة من البلاد، لا سيما المحافظات الوسطى والجنوبية ذات الغالبية الشيعية، بات يؤشر إلى أن هذه الظاهرة بدأت تلفت انتباه وسائل الإعلام المحلية والعالمية، في وقت بات يسعى فيه مقربون من الحوزة العلمية في النجف إلى التأكيد على أن الصرخي، وإن كان يعد أحد تلاميذ الصدر الثاني محمد محمد صادق الصدر (والد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر) الذي اغتيل عام 1999، لا يحمل إجازة في الاجتهاد، وبالتالي لا ينطبق عليه وصف المرجع بخلاف ما يناديه به أتباعه.

وتتزامن عملية هدم هذا المسجد، من وجهة نظر الصرخيين، عشية إحياء ذكرى إعدام محمد باقر الصدر عام 1980. وفي هذا السياق أكد زعيم المجلس الأعلى الإسلامي، عمار الحكيم، في كلمة تأبين بهذه المناسبة في محافظة النجف، أن «أعمال الصدر يجب أن تخلد ليس بالكلمات وإنما بالأفعال والأعمال، لذلك علينا العمل بكل قوة من أجل المشروع التغييري الذي يتضمن تعريف العالم بالإسلام المنفتح، والإسلام الحضاري، بعيدا عن التطرف»، مبينا أن «الظروف الحالية تسمح بتطبيقه على المجتمع لأنها أسهل من الظروف السابقة». وأضاف أن «الصدر في تأريخنا المعاصر مثل قيمة إنسانية عظيمة للتعرف على كيفية التعامل مع الظروف الحالية وتقييم الواقع، وكيفية تعزيز انتمائنا الوطني الذي يسهم في بناء دولة مبنية على العدالة بين المواطنين». وبين الحكيم أن «المشروع التغييري دعا للعمل من أجل المبادئ العظيمة دون النظر إلى المصالح الشخصية »، مؤكدا أن «من تابع حياة الصدر يدرك كيفية تعامله مع القضايا المصيرية في زمن النظام السابق وكيفية تصديه للهجمات الشرسة التي كانت تستهدف أفكاره، ويجد في هذه الشخصية الملامح المتقدمة للإنسان المسلم».