مدينة السلمية في حماه: انتفضت باكرا ضد نظام الأسد فأحكم قبضته عليها

معظم سكانها من الطائفة الإسماعيلية

TT

تسببت مدينة السلمية التي تقع على بعد 30 كيلومترا إلى الشرق من مدينة حماه في وسط سوريا بحرج كبير لنظام الرئيس السوري، بشار الأسد. فالمدينة التي يتحدر معظم ساكنيها من الطائفة الإسماعيلية، وهي أقلية دينية في سوريا، انتفضت منذ بدء اندلاع التحركات الاحتجاجية في سوريا، وخرج أهلها في مظاهرات معارضة لنظام الحكم.

وأكد مهند، وهو أحد الناشطين المعارضين للنظام في المدينة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «السلمية تملك تاريخا طويلا من معارضة النظام الحاكم، ومعظم سكانها مسيسون حزبيا ولديهم أفكار وعقائد سياسية تناقض تلك التي يقوم عليها نظام الأسد»، موضحا أن «من يوقد شرارة الثورة في المدينة هم الشباب الذين كتبوا على الجدران منذ بداية الانتفاضة شعارات ضد الحكم الحالي، كما شاركوا في الكثير من الاعتصامات في العاصمة، دمشق، ومنها اعتصام الداخلية الشهير».

وعن انضمام المدينة إلى الحراك الشعبي رغم انتماء سكانها إلى الأقليات التي يسعى النظام إلى كسبها لصفه، قال مهند، الذي يمارس نشاطه «الثوري» بشكل سري، خوفا من اعتقاله: «نحن طائفة قليلة العدد في سوريا، لكننا قدمنا الكثير في السياسة والجيش والعمل الوطني، ومنذ وصول البعث إلى السلطة تم استبعادنا مثل بقية الفئات في المجتمع». وقال: «إننا لا ننتفض لأننا إسماعيليون، بل لأننا سوريون ونشارك بقية أبناء بلدنا مطالبهم في الحرية ورفع الظلم والإجحاف».

وأكد ناشط آخر من المدينة يدعى ماهر اسبر، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المظاهرات الشعبية بدأت في المدينة بقيام مجموعة من المثقفين بالدعوة للتظاهر حيث خرجت أول مظاهرة في الرابع والعشرين من شهر مارس (آذار) 2011، وكانت ثاني المدن الثائرة بعد مدينة درعا بالتزامن مع خروج مظاهرات في دوما وحمص وبانياس نصرة لأهالي درعا».

وعن القمع الذي تعرضت له السلمية، قال ماهر الذي انتقل حديثا للإقامة في لبنان: «تجلى القمع بصورة الترهيب وحملات المداهمة والاعتقالات التعسفية للشباب والشابات بشكل يومي ومستمر، مما أدى إلى إنهاك أهالي المدينة بالاعتقال المتكرر، حيث وصل عدد الاعتقالات التي تعرض لها بعض النشطاء لـ8 مرات منذ بداية الحراك، ومن النادر جدا أن تجد من لم يتعرض للاعتقال أكثر من مرة من شبان هذه المدينة الذين يشاركون في الثورة».

وأشار إلى أن «أهالي المدينة تعرضوا لعقوبات جماعية تمثلت في قيام السلطات بمنع وسائل الحياة والخدمات عن المدينة كالكهرباء والمازوت والبنزين والاتصالات بكل أنواعها». ونفى أن تكون السلمية خرجت لأنها «أقلية»، معتبرا أن «الأهداف الوطنية كانت وراء خروج الناس، مثلها مثل بقية المناطق التي كانت قادرة على الخروج ومن ضمنها درعا ودمشق وجميع مناطق سوريا».

وأوضح الناشط السوري أن الاعتقالات في السلمية، التي لا يتجاوز عدد سكانها 120 ألف نسمة، لم تقتصر في الفترة الأخيرة على الشباب، إذ تم اعتقال عدد من المتظاهرات، حيث اعتقلت إحدى الناشطات لمدة 3 أسابيع، مما خلق ردود فعل وصدامات بين المتظاهرين والأمن. وقال إن «توجه الدبابات إلى المدينة كان من أجل إرهاب سكانها، وليس بسبب ما أشيع عن تخطيط (الجيش الحر) للسيطرة على مستودع أسلحة موجود قرب المدينة، إذ إن المستودع موضوع تحت الحماية والحراسة قبل اندلاع الثورة في مارس 2011».

ولا ينكر ماهر أن «القبضة الأمنية المشددة على المدينة وحملات الاعتقالات المستمرة أضعفت حركة التظاهر فيها في الفترة الأخيرة»، مستبعدا «إمكانية دخول (الجيش الحر) إلى المدينة المؤمنة منذ بداية الثورة بالحراك السلمي بعيدا عن السلاح». وقال إن مدينته «تمثل جوهر الثورة السورية، لناحية أنها ثورة وطنية لا تحمل أي طابع طائفي وتسعى إلى قيام دولة مواطنة ديمقراطية عادلة لكل أبناء الشعب السوري على اختلاف انتماءاتهم الطائفية والإثنية ولن يتم الوصول إلى إسقاط النظام وبناء الدولة إلا بالسلمية».

يذكر أن مدينة السلمية تبعد عن مدينة حماه 33 كلم وتقع إلى الشمال الشرقي منها، وهي مبنية على هضبة ترتفع 475 مترا عن سطح البحر. تشتهر بارتفاع نسبة التعليم بين أبنائها وبتعدد العقائد السياسية التي يؤمنون بها. وتضم عددا كبيرا من المعالم الأثرية كالقلعة والقنوات الرومانية ومزار الخضر ومعبد زيوس. ومن أبرز الشخصيات التي تتحدر منها، الشاعر السوري الراحل محمد الماغوط.