وفاة مايك والاس مقدم برنامج «60 دقيقة» التلفزيوني الأميركي عن 93 سنة

مهد الطريق لكيفية إجراء التحقيقات الصحافية في التلفزيون

TT

مايك والاس الصحافي والمحاور التلفزيون الذي واجه السياسيين والمشاهير وغيرهم من الشخصيات العامة في حياة مهنية استمرت 60 عاما، تميزت بمواجهات على الهواء ساهمت في جعل برنامج «60 دقيقة» أشهر البرامج الإخبارية التلفزيونية في الولايات المتحدة، توفي أول من أمس عن عمر يناهز 93 سنة.

وأعلن المتحدث باسم شبكة تلفزيون «سي بي إس» كيفين تيدوسكو أن والاس توفي مساء السبت. وذكر بوب شرايفر مقدم برنامج «واجه الأمة» التلفزيوني الذي تبثه شبكة تلفزيون «سي بي إس» أن والاس توفي في دار لرعاية المسنين التي كان يعيش فيها في السنوات الأخيرة.

وتجدر الإشارة إلى أن والاس ظل يجري حوارات في برنامج «60 دقيقة» الشهير إلى قبل فترة من الاحتفال بعيد ميلاده التسعين في عام 2008 عندما اضطر إلى تخفيف وتيرة حياته بسبب جراحة أجراها في القلب. وكان قد تعهد بإعداد تقارير بصفة غير منتظمة عندما أعلن تقاعده في مارس (آذار) عام 2006. ومن بين أعماله الشهيرة بعد إعلان تقاعده هو التقرير الذي أعده في مايو (أيار) 2007 عن المرشح الرئاسي الجمهوري المحتمل ميت رومني، وحوار مع جاك كيفوركيان الطبيب الأميركي الذي كان يؤيد مساعدة المرضى، الذين لا يوجد أمل في شفائهم، على الانتحار.

ومن المعروف أن والاس كان أول شخص عينه منتج قسم الأخبار في شبكة تلفزيون «سي بي إس» دون هويت عندما شكل فريق برنامج «60 دقيقة» في عام 1968. ولم يحقق البرنامج نجاحا في البداية، إلا أنه شق طريقه ليصبح واحدا من أهم 10 برامج تلفزيونية في موسم 1977 – 1978، وظل دائما من أهم 10 برامج تلفزيونية، حيث كان والاس واحدا من أهم شخصياته. إلا أن البرنامج فقد وجوده ضمن أهم 10 برامج تلفزيونية ابتداء من عام 2001، لعدة أسباب، لعل من أهمها النجاح الذي حققته برامج الواقع التلفزيونية، غير أنه ظل في قائمة أهم 25 برنامجا تلفزيونية في السنوات الأخيرة، حيث احتل المرتبة الـ15 في قائمة عدد المشاهدين في مواسم 2010 - 2011.

وأوضحت وكالة «أسوشييتد برس» في تقريرها عن والاس أن البرنامج هو أول من ابتدع مفهوم «الحوار الهجومي»، حيث كان المحرر وفريق التصوير التلفزيوني يطاردون الأشخاص المسيئين في مواقف انتظار السيارات أو في أي مكان آخر دون ترتيب مسبق، ويحاولون إجراء حوار مع الشخص أو مجرد نقل أي رد فعل أو رفضه الحديث، وهو المفهوم الذي انتشر في كثير من شبكات التلفزيون في العالم. إلا أن مثل هذه التكتيكات أخذت في التلاشي تدريجيا لأنها – على حد تعبير والاس - تقدم حدثا دراميا دون معلومات.

ولم تكن المفاجأة من ضمن أساليب والاس في عمله التلفزيوني، فقد كان أستاذا لما يعرف بالأسئلة التشككية على طريقة «اعذرني، ولكن..».، أو «هل أنت متأكد؟».

وكان من المعروف عن والاس أنه كان يستعد قبل إجراء الحوار، حيث كان يقضي ساعات يدرس الشخصية والموضوع الذي يريد الحديث عنه، وبالتالي الكشف عن الأسرار. وكان متشددا في ما يتعلق بالسلوك الشخصي والعام، ففي عام 1973 عندما كانت فضيحة ووترغيت تتبلور، جلس مع جون إيرلتمان الذي كان واحدا من كبار مساعدي الرئيس الأميركي الراحل نيكسون، وقرأ عليه قائمة طويلة من الجرائم المزعومة، من غسل الأموال لعرقلة العدالة. واختتم القائمة بقوله: «كل ذلك عبر قانون وأمر إدارة ريتشارد نيكسون». وحوصر إيرلتمان ولم يتمكن إلا من قول: «هل هناك سؤال ما وسط كل ذلك؟».

وفي أوائل التسعينات دفع الممثلة الأميركية برابرا سترايسند إلى البكاء عندما وبخها لكونها «تتمحور حول ذاتها» عندما كانت صغيرة، وسخر من السنوات الطويلة التي قضتها في التحليل النفسي. وقال: «ما الذي كنت تحاولين العثور عليه واستغرق 20 سنة؟». وردت عليه بقولها: «أنا بطيئة التعليم».

وأصبح والاس شخصية درامية في عدة مشاريع من النسخة المسرحية لـ«فروست - نيكسون» عندما جسد شخصيته الممثل ستيفن رولي، إلى فيلم «المطلع» الذي اعتمد جزئيا على حلقة من برنامج «60 دقيقة» عن جيفري ويغاند، عن قطاع صناعة السجائر، الذي اتهم شركة «براون أند ويليامسون» بإضافة نسبة أعلى من النيكوتين لزيادة الإدمان. إلا أن والاس لم يكن سعيدا بالفيلم الذي قدمه كشخصية قبلت الضغوط لمنع بث قصة ويغاند. وكشفت صحيفة «نيويورك تايمز» آنذاك أن برنامج «60 دقيقة» لم يبث الحوار مع ويغاند. وقالت شبكة «سي بي إس» إن ويغاند وقع اتفاقية مع شركة الدخان تمنعه من الكشف عن أسرار العمل، وخشيت الشبكة أن بث البرنامج يمكن أن يؤدي إلى القضاء عليها. إلا أن والاس ظهر على التلفزيون قائلا: «لا يمكننا أن نذيع المعلومات التي حصلنا عليها عن قطاع التدخين والإدمان والصحة العامة»، ثم قال للمشاهدين إنه وفريق العمل غير «سعداء بخضوع (سي بي إس) للتهديدات القانونية».

ويقول المؤرخ التلفزيوني الأميركي رون سايمون إن والاس «مهد الطريق لكيفية إجراء التحقيقات الصحافية في التلفزيون».