سويدية تعشق المصريين.. وتقدم مطبخ بلادها في قلب ميدان التحرير

بسيسيليا قررت الإقامة في القاهرة بحثا عن إيقاع مختلف للحياة

السويدية «بسيسيليا غولندنميث» داخل مطعم «التحرير تابل»
TT

لعشقها مصر وتضامنها مع الثورة المصرية، اختارت السويدية بسيسيليا غولندنميث، مؤخرا، أن تقيم بجوار النيل، خاصة أنها كانت قد عاشت طفولتها بالقرب منه.. كما أنها قامت قبل 3 سنوات بزيارة استعادت خلالها ذكرياتها القديمة مع بلاد «النهر الخالد».

ولأنها تبحث عن تجربة جديدة بإيقاع مصري يختلف عن إيقاع بلادها، قررت هذه السيدة الخمسينية أن تقدم متعة استكشاف المطبخ السويدي للمصريين لأول مرة، وفي قلب مسرح ثورتهم التي أشار لها العالم بالبنان.

وبإطلالة مميزة على ميدان التحرير بوسط القاهرة، يشد انتباه المتجول لافتة المطعم السويدي «التحرير تابل»، الكائن أسفل إحدى البنايات القديمة ذات الطراز الفرنسي التي تطل على الميدان، وما أن تطأ قدماك إلى داخل المطعم تنتقل من صخب الميدان، الذي لا يهدأ منذ قيام ثورة «25 يناير»، إلى حالة من الهدوء والألفة يقدمها المكان لمرتاديه، بدءا من المقابلة الودودة من المضيفين إلى البساطة والحميمية التي تسيطر على المكان من حيث اختيارات الديكور والألوان.

بسيسيليا غولندنميث، عاشقة مصر، تحكي لـ«الشرق الأوسط» عن نفسها ومطعمها، قائلة إن علاقتها بمصر قديمة.. فقد عاشت جزءا من حياتها وهي طفلة مع أسرتها بالإسكندرية، ثم عادت بعد ذلك إلى السويد وعاشت مع زوجها وابنها لسنوات طويلة تخللها بعض الزيارات لمصر، إلى أن قررت أسرتها منذ 3 سنوات، بعد تقاعد زوجها من عمله، الانتقال إلى مصر وبدء تجربة جديدة مختلقة. وتقول: «الحياة وإيقاعها في مصر يختلفان تماما عن السويد، كما أن الطقس الدافئ يشكل أحد عوامل الجذب للحياة في مصر».

وتضيف غولندنميث أنه بعد الاستقرار في مصر جاء قرار البحث عن مكان لإقامة المطعم، وعن ذلك تقول: «بحثنا كثيرا وشاهدنا الكثير من الأماكن والمواقع المختلفة التي زادت عن الثمانين مكانا في جميع أنحاء القاهرة، إلى أن وصلنا إلى هذا الموقع في قلب ميدان التحرير، ووجدناه الأنسب من كل النواحي ليقع اختيارنا عليه في النهاية، ويتم افتتاح المطعم في أبريل (نيسان) من العام الماضي كأول مطعم سويدي في مصر»، لافتة إلى أن اسم «التحرير تابل»، جاء ليعبر عن أن هناك ارتباطا بين الاسم والمكان، وحتى يعرف أي شخص يسمع اسم المطعم بمكان وجوده.

وعن الأحداث والمواجهات التي شهدها ميدان التحرير منذ انطلاق الثورة وطيلة عام مضى وتأثيرها على المطعم، تقول: «بشكل عام لا بد أن نتعامل مع هذه الأحداث باعتبارها مرتبطة بالظرف العام في مصر وفي المنطقة كلها، فالمصريون وكل البلاد التي اندلعت بها الثورات يستحقون الأفضل ويناضلون من أجل الحصول عليه، ووجود المطعم في بؤرة الأحداث بالفعل يؤثر علينا أحيانا، فعندما كانت تلقى قنابل الغاز بكثافة كنا نضطر في بعض الأوقات إلى إغلاق الباب المعدني من الخارج على الموجودين في المكان لحمايتهم من آثارها، كما أن هذه الأحداث المشتعلة في الخارج كانت تؤثر على مدى الإقبال على المكان بلا شك، فمن الذي سيفكر في التوجه لتناول غدائه أو عشائه في مطعم يقع في قلب المواجهات، إلا أنه بخلاف ذلك فإن هناك إقبالا جيدا من المصريين على استكشاف تجربة الطعام السويدي التي تختلف إلى حد كبير عن المطبخ المصري، إلى جانب أننا تفاعلنا مع الثورة حيث نظمنا معرضا في داخل المطعم للوحات تعكس الثورة المصرية».

وعن المطبخ السويدي، تشير غولندنميث إلى أنه يعتمد على الطعام الطازج وعلى وجود صلصات مختلفة مع الطعام، وعلى الجمع بين «الحلو والحادق»، مثل اللحم مع المربى. وتتابع: «هذا الجمع يبدو غريبا للمصريين، وهذه فلسفة المكان، فنحن نقدم الطعام السويدي ولكن باستخدام المكونات الموجودة أو التي يمكن العثور عليها في مصر، كما نقدم بعض الأطباق التي يمكن أن نقول إنها أكلات عالمية يتناولها الناس في جميع أنحاء العالم مثل الباستا والمشويات والسلطات، كما أن هناك أطباقا سويدية مثل شوربة المشروم وكرات اللحم التي تقدم مع صوص الكريمة ومربى الكريز، وهناك المشروم الذي ينمو في السويد ونستقدمه من هناك خصيصا لإعداد بعض الأطباق، وكذلك بعض أنواع من الكريز السويدي، وجراتان السمك مع البطاطس المهروسة، وأطباق السلمون سواء المشوي أو المدخن الذي يقدم مع صوص الليمون والبطاطس، والتي تعتبر من الأكلات السويدية الشهيرة، إلى جانب ذلك نقدم بعض الأطباق الشرقية نسبيا لإرضاء ضيوفنا المصريين مثل الخضراوات والدجاج المشوي». وفيما يخص ديكورات المطعم، تشير إلى أن هناك أشياء أساسية تم التركيز عليها عند اختيار الديكور، وهو أن يكون بسيطا وأنيقا في الوقت ذاته، ويعطي إحساسا بالراحة، كما يكون سهل التنظيف، وتم الاعتماد فيه على اللون البني في المقاعد والطاولات، واستخدام لوحات تعكس بعض المناظر الطبيعية للسويد وبعض العناصر المميزة التي تستخدم في قائمة الطعام، إلى جانب الحرص على أن يتسم المكان بالهدوء بلا إضاءات شديدة أو موسيقى صاخبة.