«هيومان رايتس»: النظام السوري يتعمد تعذيب القصّر

أحد الشهود: سألتهم لماذا تضربونني رغم أنني طفل؟ فردوا بصعقي بالكهرباء

TT

مع تأكيدات دولية حول اختفاء آلاف المعارضين السوريين في سجون سرية، تشير التقارير الحقوقية إلى أن النظام السوري لم يستثنِ الأطفال الصغار دون سن السادسة عشرة من الاعتقال أو التعذيب، بل إن بعض التقارير وشهادات الناشطين تؤكد أن النظام يستهدف الأطفال عمدا بالتعذيب، نظرا لسهولة إجبارهم على الاعتراف على أماكن وجود النشطاء أو عناصر المعارضة المسلحة.

وتؤكد منظمة «هيومان رايتس ووتش» الحقوقية في تقرير لها يصدر قريبا، والذي نشرت صحيفة «صنداي تايمز» تسريبات منه أمس، أن آلاف السوريين اختفوا في سجون سرية، حيث شمل التعذيب المتنوع الأصناف الأطفال إلى جانب الكبار خلال العام الماضي، مرجحا أن يكون الكثير منهم قد قضوا نحبهم.

ونقلت الصحيفة عن آنا نيشتات، إحدى العاملات بالمنظمة، قولها إن «مستوى التعذيب لا يمكن مقارنته بأي صراع عملت فيه»، مضيفة أن «ثمة عددا غير متناسب من الأطفال الذين يجدون أنفسهم محاصرين في هذا النظام، حيث يعذبون جنبا إلى جنب مع الكبار ويخضعون لتعذيب وحشي من قبل المحققين الذين يعتقدون أن الأطفال قد ينهارون بسرعة ويقدمون أسماء لهم».

وأكدت نيشتات أن عشرات الآلاف من السوريين احتجزوا في السجون منذ بدء الاحتجاجات ضد النظام في مارس (آذار) من العام الماضي، مشددة على أن 99.9% منهم واجهوا مختلف درجات التعذيب، ولم يستثنَ منهم الأطفال.

وتشير الصحيفة إلى أن تقرير «هيومان رايتس ووتش» يخضع الآن لمرحلة الكتابة والصياغة النهائية، في وقت يصعّد فيه نظام الرئيس بشار الأسد هجماته على المحتجين قبيل انتهاء مهلة الأمم المتحدة التي تقضي بوقف إطلاق النار غدا الثلاثاء.

ووفقا لناشطين معارضين، وأيضا للأرقام الواردة من منظمات دولية محايدة، فإن النظام السوري كثف من هجماته الوحشية بعد إعلانه قبول بنود خطة المبعوث العربي الدولي كوفي أنان، حيث سقط نحو 500 قتيل منذ الاثنين الماضي، بينهم أكثر من 150 أول من أمس، إضافة إلى تأكيدات من عدد من النشطاء وشهود العيان في سوريا حول تزايد المداهمات والاعتقالات بحق المعارضين، واختفاء الكثيرين منهم في أماكن مجهولة.

ووفقا للصحيفة فإن تقرير «هيومان رايتس ووتش»، الذي يخرج للعلن هذا الشهر، يؤكد أن «الأطفال احتجزوا في نفس الظروف وأماكن الاحتجاز المخصصة للكبار، وتعرضوا لضرب وحشي ولمختلف أشكال الإساءة التي تعرض لها الكبار».

ومن بين القصص التي وردت في التقرير قصة الطفل حسام (13 عاما)، وهو من بلدة تلكلخ في محافظة حمص، الذي قال إنه تم إيقافه عقب مظاهرات في مايو (أيار) الماضي، موضحا أنه تم تعذيبه على يد «شخص مرعب» يرتدي «ملابس سوداء بالكامل»، قام بوضع مفك للبراغي تحت أحد أظافر قدمه قبل أن ينتزعه بكلابة.

ويتابع حسام: «سألني صارخا: بدك (تريد) حرية؟ بدك إسقاط النظام؟ ثم ضربني قبل أن يعاود سؤالي: شو (ما هو) اسمك؟ مين ابوك؟ من وين؟ ليش خرجت بالمظاهرة؟.. ثم عرض علي مقطع فيديو وسألني مجددا: أليس هذا أنت؟ فرددت لا، فضربي وأعاد السؤال وأعدت الإجابة مرارا.. إلى أن قلت في النهاية: نعم، ولكنه ظل يضربني أيضا».

معاناة حسام بدأت عندما تم احتجازه مع أحد أبناء عمومته (13 عاما أيضا) أثناء عودتهما من المدرسة في مايو الماضي، حيث تم القبض عليهما عند نقطة تفتيش وتعصيب أعينهما وضربهما من قبل الجنود قبل نقلهم إلى منشأة عسكرية على بعد نحو 45 دقيقة.

ويقول حسام، الذي فر لاحقا إلى شمال لبنان مع أقربائه حيث تم توثيق شهادته، إن الزنزانة التي كانت تضم بخلافهما نحو 50 بالغا كانت صغيرة للغاية ورائحتها مثل المصارف، وكانت تعج بالحشرات والفئران.

وتقول «هيومان رايتس ووتش» إنه وفقا لإحصاءاتها بعد مقابلات مع مئات الناجين والمنشقين عن الأجهزة الأمنية السورية، فإن واحدا على الأقل من بين كل خمسة معتقلين كان قاصرا.

وأوضح حسام أنه بعدما سمع صرخات البالغين المعتقلين أثناء التحقيق معهم أيقن أن مصيره لن يختلف أبدا عن حمزة الخطيب. والخطيب، ذو الـ13 عاما، كان أحد أطفال درعا الذين قضوا نحبهم جراء التعذيب في مايو الماضي، وكان أحد أسباب اشتعال الغضب الشعبي بين المعارضين في سوريا.

وعندما استنكر حسام قيام المحققين بضربه قائلا: «ما أنا إلا طفل صغير، لماذا تعذبونني؟»، رد عليه الجلاد بقوله: «وما دمت أنت طفل، لماذا تتظاهر؟».. وعندما أجاب حسام: «لأظهر رأيي»، قاموا بصعقه بالكهرباء في ساقيه وصدره، مما أدى إلى إغمائه لنحو 15 دقيقة.