في أحد البرامج التلفزيونية تحدثت أكثر من سيدة سعودية عن أنها لم تمارس الرياضة إطلاقا، على اعتبار أن المدارس لم تمنحهن حصصا رياضية بل وتمنع تمارين الطابور الصباحي، واستغربت إحداهن من حرمان المرأة حقها البسيط في الحصول على جسم سليم خالٍ من الأمراض والعلل من خلال ممارسة الرياضة؛ لأنها، كما تقول، تمتلك قلبا ورئتين ورأسا وكليتين كالرجل، ولا يعقل أن تصبح الرياضة ضرورة لآدم وترفا لحواء! وغير بعيد عن حديث هذه السيدة أصبحت السعودية الدولة الوحيدة في العالم التي تحظر الأندية النسائية الرسمية، بل ولا تعترف بوجود اللاعبة في المشاركات الخارجية التي تتم بصفة شخصية، بل إن الرافضين لفكرة الرياضة النسائية في ازدياد دون مبرر سوى أن سلطان العادات والتقاليد يطغى في أحيان كثيرة على سلطان الدين، حتى إن البعض بات يخلط بين عاداتنا الاجتماعية المحلية وتعاليم الدين الإسلامي، مما يقودنا أحيانا إلى أن نجادل شخصين في شخص واحد، وهذا الواحد يمثل الرجل المحافظ اجتماعيا بهدف تأكيد التزامه دينيا وليس العكس!
وخلال الأيام الأخيرة تفاعلت قضية مشاركة البعثة السعودية في أولمبياد لندن 2012 حتى إن البعض رهن المشاركة السعودية بوجود لاعبات ضمن الوفد تنفيذا لاشتراطات اللجنة الأولمبية الدولية التي تحتم على الدول ضرورة أن تشتمل الوفود المشاركة على الجنسين من الشبان والشابات، وقبل نحو شهرين تحدثت إلى عضو اللجنة الأولمبية الدولية، اللبناني توني خوري، الذي ذكر أن اشتراطات اللجنة الأولمبية صحيحة، لكن في حال أن أحد البلدان لا يمتلك فرقا نسائية فالأمر لا يحتم استبعاد البلد من المشاركة في الأولمبياد، قبل أن يؤكد أن هناك اختلافا بين الدول التي تمنع فرقها النسائية من المشاركة وبين تلك التي لا تمتلك لاعبات ولا توجد لديها أصلا أندية مخصصة للسيدات، لهذا أعتقد أن الأمر مجرد زوبعة في فنجان ويمكن تجاوزه بمجرد الاجتماع إلى مسؤولي اللجنة الأولمبية الدولية إذا كانت هذه هي المشكلة الحقيقية.. كثيرون، مع الأسف، طرحوا حلولا بمشاركة الشابات من أجل تأميل مشاركة الشبان في الأولمبياد دون أن يهتموا بالمفهوم الأسمى للرياضة، وهو أن «العقل السليم في الجسم السليم»، فالمهم أصبح الالتفاف على الأنظمة الدولية دون النظر إلى ما تحتويه من فوائد ربما تمنحنا مستقبلا أفضل كما منحته لكثير من شعوب العالم.. من السهل أن نتجاوز أولمبياد لندن دون مشاركة نسائية، لكن هل من المنطقي أن تبقى الفتاة السعودية ممنوعة من ممارسة الرياضة؟ كثيرا ما نتحدث عن فوائد الرياضة في بلادنا على اعتبار أنها فرصة لتفريغ طاقات الشبان، ومع ذلك نتجاهل أن للشابات طاقات بحاجة إلى تفريغ أيضا، خاصة أن السجون مليئة بشابات في سن الزهور يقضين عقوبة السجن بسبب ترويج المخدرات والسرقة والاحتيال والتورط في قضايا أمنية!
كثيرون يتخيلون أن المشاركة النسائية في الأولمبياد تعني المنافسة في الباليه المائي والجمباز والقفز بالزانة وكرة الطائرة الشاطئية، وأن السيدات السعوديات سيتدفقن بـ«الشورتات» إلى ساحات الأولمبياد بحثا عن الحرية، متناسين أن هناك عشرات الألعاب التي تشارك فيها لاعبات الدول المسلمة وهي تراعي مصادفة كثير من العادات والتقاليد في كثير من دول العالم؛ ففي البطولات السابقة شاهدنا الراميات الإماراتيات والكويتيات والأردنيات بحجابهن، وهي واحدة من ألعاب كثيرة تناسب الفتاة الشرقية.
خلاصة القول: إننا بحاجة للنظر إلى الرياضة من خلال مفهومها الأصلي وأن ندرك أهميتها للفتى والفتاة إذا كنا بالفعل نؤمن بفائدتها بعيدا عن عقدة «الخصوصية» التي عزلتنا لسنوات طويلة عن العالم وجعلتنا نؤجل اتخاذ القرار لسنوات طويلة في انتظار أن يذوب جليد العادات والتقاليد عن الحقيقة التي نكتشف لاحقا أنها لا تتعارض مع الدين!