القصيم: حملة سعودية لإجهاض اتفاقية «سيداو»

ضمن المؤتمر العالمي للمرأة المعاصرة

جانب من المؤتمر الذي عقد في القصيم مؤخرا.. وفي الإطار الشيخ السديس (تصوير: خالد الخميس)
TT

شن سعوديون حملة ضارية ضد الاتفاقية الدولية للقضاء على أشكال التمييز ضد المرأة «سيداو»، معتبرين أن الاتفاقية تحمل في بعض بنودها، مخالفة صريحة للشرع الإسلامي.

وحمل المؤتمر العالمي للمرأة المعاصرة في السعودية، الذي نظمته جامعة القصيم، أول من أمس، في مركز الملك خالد الحضاري بمدينة بريدة، طروحات بين العلماء ونخب فكرية وباحثين وباحثات، للتوصل إلى صياغة وثيقة توصيات واضحة من خلال بحوث وأوراق عمل وصلت إلى 85 بحثا وورقة عمل هي نتاج 140 مشاركا ومشاركة من 15 دولة.

وقالت الدكتورة نورة السعد، رئيسة مركز «التمكين للمستقبل» للاستشارات والدراسات في جدة، في أولى جلسات المؤتمر للدفاع عن المعارضين للاتفاقية: «أكاد أجزم أن 75 في المائة من سكان السعودية، نساء ورجالا، لا يعلمون عن هذه الاتفاقية، بل إن من ينادي بتطبيقها من النساء لدينا أو في الدول الخليجية والعربية الأخرى إما جاهلات بمرجعيتها وبمضمونها الحقيقي خصوصا في المواد التي تتناقض والتشريع الإسلامي في ما يخص قضايا الأسرة والقوامة والميراث ودور الأم ودور المرأة بشكل عام في المجتمع، وإما أن هذه الشريحة تعلم ولكنها لا تهتم وترغب في إقصاء الدين عن شؤون الأسرة وشؤون الحياة العامة».

وأوضحت أن الاتفاقية ترفض وبشكل صارم أي اختلافات بين المرأة والرجل: «هذا أول بند خطير يهز كيان الأسرة والمجتمع، لأنهم يعتبرون الاختلافات بين الذكر والأنثى ليست من صنع الخالق وإنما هي منتج اجتماعي».

وأشارت إلى أن «الأمم المتحدة ألزمت الدول الموقعة على الاتفاقية، بإيجاد بنية اجتماعية اقتصادية تؤدي إلى إزالة الترغيب في الزواج المبكر الأمر الذي يتعارض معارضة صريحة مع تعاليم الدين الإسلامي التي تدعم الزواج وتحث عليه، في الوقت الذي من قلل الزواج المبكر واعتبر سن الطفولة يمتد إلى سن الـ18، وللأسف نحن أخذنا بهذا في تعريفنا للطفل بهذه السن».

وأوردت رئيسة مركز «تمكين للمستقبل» في حديثها أن أحد أهداف هذه الاتفاقية لا تكتفي بهدم الأسرة فقط، بل تسعى إلى إيجاد الأسرة البديلة التي تتكون خارج الإطار الشرعي المتعارف عليه، وبذلك يمكن أن يطلق لفظ أسرة على أي مساكنة تقوم بين رجل وامرأة دون زواج أو أي علاقة شاذة بين رجلين، كما هو موجود في بلاد الغرب، أو بين امرأتين كذلك، وهذا خطير جدا، معتبرة أنه «سيؤدي إلى هدم مكونات الأسرة، لكن يجب أن لا نقلل أو نهون من خطورة هذا الاتجاه لأنهم يرصدون ويتابعون بطريقة غير عادية بحيث إذا قارنا بين أول مؤتمر للمرأة عام 1923 ومؤتمر بكين في 1995 وكيف تلاحقت الأحداث، فسنجد أنهم في تسارع غريب، خصوصا بعد إعداد لجنة خاصة بالمرأة مرتبطة بالأمين العام للأمم المتحدة رأسا، وتمول بالملايين ويصرف عليها صرف غير عادي كي تمرر توصيات اتفاقية (سيداو)».

وتطرقت الدكتورة السعد إلى بعض أساليب هذه الاتفاقية في إبطال حكم الإسلام في قسمة الميراث بين الذكر والأنثى، محاولين بذلك إلغاء تشريع رباني سماوي مفروض، وأيضا تشريع الزنى وإباحته، ولا تعتبر اتفاقية «سيداو» الزنى أمرا مشينا من المرأة إلا في حالة حصول الأمر بالإكراه، أما إذا حصل الأمر برضا الطرفين فهو حق مشروع مطالب به لتعلقه بالحرية الشخصية للأفراد التي تحرص مثل هذه الاتفاقيات على حمايتها من جهة، ولكونه يساعد على منع الزواج المبكر الذي تدعو الاتفاقية إلى تجنبه.

وذكرت السعد أن الاتفاقية تنادي إلى إباحة الإجهاض، وقالت: «يتحاشى برنامج هيئة الأمم المتحدة النص على إباحة الإجهاض بصراحة، والمدقق في الأمر يستطيع أن يستنتج أن هناك مواقف كثيرة في تلك التوصيات على العبارة التي تدعو إلى معالجة قضايا المراهقين المتصلة بالصحة الجنسية والتناسلية، بما في ذلك الحمل غير المرغوب فيه، وهذا الاتجاه يناقض المبادئ الإنسانية».

وبينت أن في الاتفاقية بندا واضحا تماما يتمثل في ضرورة مشاركة المرأة في الألعاب الرياضية، وأن أي موقف يتم اتخاذه خلاف ذلك يعتبر تمييزا ضد المرأة.

من جانبه قال عبد الرحمن السديس، إمام وخطيب المسجد الحرام في مكة المكرمة، إن الواقع الذي يعيشه الناس، رجالا ونساء، تتخلله صور إيجابية ومشرقة وعلى نقيضها صور سلبية مؤرقة، وواقع المرأة لا شك أنه في جملته إيجابي، ولكن الاستهداف الحقيقي هو للمرأة المسلمة عموما، وللمرأة السعودية على وجه الخصوص، لافتا إلى أن بعض الأدعياء نجحوا في إيجاد «غبش» بالتصور وفي الرؤى من بعض الفتيات، «ولكن هناك نسبة من الفتيات على درجه عالية من الوعي والعقل، ولهذا فإنني أرى أن تعالج مثل هذه القضايا بنوع من الوسطية والاعتدال بين التهويل والتهوين، ونحن بين من يرى أن القضية إيجابية، وهناك أناس لا ينظرون إلا بعين واحدة، لا سيما في النظرة إلى المرأة المسلمة».

ولم يكن موقف الدكتور عبد العزيز الفوزان، عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان، ببعيد، حيث قال: «أجزم أن اتفاقية (سيداو) تقشعر منها الجلود خشية ورهبة لو تم تنفيذها».

وفيما يخص اعتماد مجلس الشورى السعودي لهذه الاتفاقية، أكد الفوزان أن المادة 26 في الاتفاقية تعطي طريقا بالرجوع وعدم الالتزام بهذه الوثيقة، عبر الضغط على الجهات التي تكلل بتطبيق هذه الوثيقة باعتبارها تتصادم في كثير من بنودها مع الشريعة.

وأضاف، المصيبة تكمن في أن جميع الاتفاقيات التي تصادق عليها أي دولة في العالم تصبح هذه الاتفاقية وبجميع بنودها التي لم تتحفظ عليها تلك الدولة أو على بعضها، أقوى من قانون الدولة ودستورها، باعتبار هذه الاتفاقية الحاكمة على جميع الدول التي صادقت ووقعت على هذه الاتفاقية.