البضائع المقلدة تغزو السوق السعودية وإجراءات لمواجهتها

عمرها الافتراضي 12 شهرا ورواجها في الحج والعمرة

خسائر كبيرة يتكبدها الاقتصاد السعودي جراء البضائع المقلدة («الشرق الأوسط»)
TT

أكد خبراء لـ«الشرق الأوسط»، أن السعودية من أكثر البلدان العالمية تأثرا بالبضائع المقلدة، وتخسر المليارات، مؤكدين أن مواسم العمرة والحج، هي بيئة تنشط فيها تلك الصناعات، خاصة في العاصمتين المقدستين، بعمر افتراضي لا يتعدى الاثني عشر شهرا.

وقال مراقبون إن تلك التجاوزات الصناعية أفرزت خللا في النهج الاقتصادي، من خلال عوامل كثيرة أضرت بالمنظومة التجارية، مكنت العمالة التجارية من السيطرة على مداخيل التجارة في مكة المكرمة، من خلال استغلال المواطنين بفتح المحال التجارية بأسمائهم، والاكتفاء بجني مبالغ مالية قليلة نهاية كل شهر، ويكون الربح الأكبر لهم، وتحويله إلى بلدانهم.

من جهته، قال خالد الغامدي، محلل اقتصادي، لـ«الشرق الأوسط» «إن العاصمة المقدسة، أصبحت طوال السنة في حراك اقتصادي متصاعد، وذلك بسبب توافد المعتمرين والزوار لها في أغلب فترات الموسم، بالإضافة إلى موسم الحج، الذي يعتبر اللاعب الرئيسي في نمو الاقتصاد في مكة، وذلك لتوافد الملايين من البشر إلى هذه المنطقة المقدسة، فالقيمة السوقية مرتفعة جدا، وبالتالي يجب التركيز على نوعية البضائع المستوردة، ويجب البعد عن المقلدة من أجل الكسب المادي، فضلا عن أن هذا سيؤثر على الوافدين إلى مكة في نظرتهم على ثقافة العاصمة المقدسة الدينية».

وتابع الغامدي حديثه: «هناك عوامل كثيرة تحدث خللا في المنهجية الاقتصادية لمكة المكرمة، على الرغم من امتلاكها أرضا خصبة لأفضل مقومات التجارة، وهي وجود القوى الاستهلاكية من قبل الحجاج والمعتمرين، ومن هذه العوامل عدم التنظيم في عملية البيع والشراء في العاصمة المقدسة، فتجد محال تفتح مع بداية موسم الحج والعمرة، وتغلق بمجرد انتهائهما، وليس الاعتراض على موضوع فتحها وإغلاقها، ولكن مكمن الخلل هو وجود عمالة أجنبية، تدير تلك المحال، من خلال بيعها لبضائع مقلدة ومضرة في بعض الأحيان.

وزاد بالقول: «السعودية تخسر جراء وجود البضائع المقلدة أكثر من 100 مليار دولار سنويا، ويتكبد اقتصادها خسائر فادحة، بحكم أنها جميعا بضائع مقلدة لها عمر افتراضي صغير جدا لا يتجاوز الاثني عشر شهرا.

وقال «يجب الاستفادة من الروافد المالية الكبرى من القوى الاستهلاكية الشرائية لدى الحجاج والمعتمرين، وذلك بسبب الانتفاع الكامل من هذه القوى الشرائية من قبل العمالة الأجنبية، بتحويل ما يجنونه من تجارتهم في العاصمة المقدسة، إلى بلدانهم، بسبب أن المواطن سمح لهم باستغلال اسمه صوريا فقط، وما يجنيه منهم نهاية كل شهر لا يتعدى ألوفا قليلة، والربح الأكبر يذهب إلى جيوب هؤلاء العمالة الذين قد يكونون في بعض الأحيان من العمالة المخالفة لأنظمة الإقامة في المملكة».

وأفاد الدكتور فاروق الخطيب، أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، لـ«الشرق الأوسط»، بأن البضائع المقلدة، التي يركز عليها هؤلاء التجار الأجانب، ساهمت في أخذ التصور الخاطئ من قبل الحجاج والمعتمرين لثقافة مكة الدينية والتجارية، من خلال عمليات الغش والغبن التي ينتهجها هؤلاء التجار الأجانب، مما ساهم في الإساءة إلى قدسية مكة المكرمة، مطالبين في ذات الوقت بتفعيل الصناعة في مكة المكرمة، لتكون محفزا للقضاء على تلك البضائع المقلدة، وتحل محلها بضائع «صنع في مكة».

وأشار الخطيب إلى أن «أولى البضائع المقلدة التي انتشرت بشكل لافت هي التذكارات، والهدايا التي تشير إلى المقدسات في مكة المكرمة، لتكون النواة الأولى التي يداعب فيها تجار البضائع المقلدة في طريق القضاء على هذه البضائع المقلدة، إفساح المجال للأجانب في تجارتهم والاكتفاء بأموال رمزية نهاية كل شهر، يعتقدون أنهم مستفيدين من هذا الأمر، كونه يخرجهم من تبعات المتابعة للتجارة التي يرونها متعبة، وترك هذا التعب للأجانب مقابل أموال يحصلون عليها نهاية كل شهر».

وأضاف الخطيب «مثل هذه التجارة، خصوصا ما يحدث في المناطق المقدسة، أضرت بالتوازن الاقتصادي فيها، خصوصا أن هؤلاء الأجانب يعمدون في إدارة هذه التجارة إلى الكسب المادي بغض النظر عن تطبيق الاشتراطات، أو بيع البضائع المقلدة التي قد تكون مضرة في بعض الأحيان، مطالبا بأن يكون هناك تكثيف من الجهات المسؤولة، خصوصا مكاتب العمل، أو إدارة الجوازات، والبلديات في تنفيذ الحملات الميدانية لبعض المحال التجارية التي تدريها هذه العمالة، بغرض القضاء على هذه الظاهرة السلبية المضرة لاقتصاد البلد».

من جانبه، طرح الدكتور أسامة الفلالي، كاتب اقتصادي، لـ«الشرق الأوسط»، تساؤلا حول مدى فاعلية الأجهزة الحكومية، من بلديات، ومكاتب عمل، وإدارة الجوازات المعنية بمتابعة تلك البضائع المقلدة التي ينتشر نطاق بيعها في الكثير من مناطق الذروة في العاصمة المقدسة، من خلال هؤلاء الأجانب الذين يديرون الكثير من اقتصادات مكة المكرمة، من حيث استغلال أسماء مواطنين في مشروعية فتح تلك المحال التجارية، التي لا ترى إلا في أوقات معينة من السنة وهي مواسم الحج والعمرة، بالإضافة إلى أن هناك فئة من التجار الأجانب المستغلين للمواطنين توجد لديهم محال تجارية كبرى في العاصمة المقدسة مفتوحة على مدار السنة.

وأشار فلالي إلى أنه «طالما هنالك سوق لهذه البضائع المقلدة، وتجد رواجا كبيرا في العاصمة المقدسة، خصوصا من المعتمرين والحجاج، والزوار، وحتى البعض من المواطنين القاطنين في مكة المكرمة، خصوصا ذوي الدخل المحدود، الذين يجدون في تلك المحال التي تبيع البضائع المقلدة مرتعا خصبا لهم في تلبية متطلبات أسرهم وأطفالهم، فسوف تستمر هذه الظاهرة السلبية، وتكون السبب الرئيسي في خلخلة الاقتصاد في العاصمة المقدسة، والذي يحتاج إلى تنظيم وتوعية قبل كل شيء للمواطنين الذين يستغلهم الأجانب في التجارة، تاركين لهم الفتات من الأموال كل شهر، وبالتالي يتسببون بعملهم هذا في الكثير من الخسائر الاقتصادية على المجتمع المكي».

وطالب الدكتور أسامه فلالي بأن تكون هناك دراسات اقتصادية ذات جدوى، يتم العمل بتوصياتها للحد من ظاهرة العشوائية في الاقتصاد المكي، ووضع حلول ناجعة للبضائع المقلدة التي تجد رواجا كبيرا في مكة المكرمة، من خلال الإقبال الكبير عليها من قبل المعتمرين والحجاج، وكذلك المواطنين.