الأسواق تراقب تطورات الديون السيادية في إسبانيا وإيطاليا

وسط ارتفاع الفائدة على السندات الإيطالية

وزير المالية الإسباني أثناء مخاطبة البرلمان حول الوضع الاقتصادي (إ.ب.أ)
TT

تستمر الأسواق العالمية الأوساط والدوائر الأوروبية المختلفة في متابعة التطورات المالية والاقتصادية في إسبانيا وإيطاليا، في ظل مساعٍ أوروبية لتفادي أي خطر جديد قد يهدد منطقة اليورو، التي تعاني من أزمة الديون السيادية التي ضربت حتى الآن اليونان وآيرلندا والبرتغال، واتخذت المؤسسات الاتحادية والدول الأعضاء قرارات من شأنها، أن تتفادى تفاقم الأوضاع أو لانتقال العدوى إلى دول جديدة، من جانبه، أكد رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي أنه لم يتم طرح إمكانية منح خطة إنقاذ لإسبانيا، كما تعهد بعدم طرح هذا الأمر مطلقا. بينما طرحت الخزانة الإيطالية الخميس أربع مجموعات من سندات الديون متفاوتة الأجل، بقيمة إجمالية بلغت 4 مليارات و884 مليون يورو، مع ارتفاع فائدة السندات مستحقة السداد على ثلاثة أعوام.

وفي برلين، فإن عائدات السندات الألمانية لأجل 10 سنوات سجل تراجعا إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 1.7 في المائة مقتربة بذلك من مستواها القياسي الأدنى عند 1.63 في المائة المسجل يوم 23 من سبتمبر (أيلول) الماضي. بينما تراجعت عائدات سندات العامين إلى 0.11 في المائة وهو أدنى مستوى لها منذ عام 1990. أما الاقتصاد الفرنسي فقد عجز عن تحقيق أي نسب نمو تذكر في الثلاثي الأول من العام الحالي. هذا ما أعلن عنه البنك المركزي الفرنسي الذي أكد أن الأنشطة الاقتصادية قد تشهد كذلك حالة ركود طيلة الأشهر المقبلة.

وفيما يتعلق بإسبانيا، فقد طلب رئيس الحكومة وبلهجة بدت تحذيرية تجاه رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو مونتي، من الزعماء الأوروبيين أن يكونوا متحفظين عندما يتحدثون عن بلاده، التي تسعى إلى طمأنة الأسواق المالية بشأن قدرتها على مراقبة ماليتها العمومية. وكان رئيس الوزراء الإيطالي صرح بأن المشكلات المالية الإسبانية تمثل السبب الرئيسي للتوترات المتكررة، بشأن الديون في الأسواق الأوروبية، لكن حكومة مونتي نفت ذلك لاحقا. وتقول الحكومة الإسبانية إنها حققت مدخرات في الميزانية منذ شهر قدرت بـ27 مليار يورو، وإنها تنتظر توفير 10 مليارات يورو إضافية، في قطاعات الصحة والتربية. وإلى الآن، لم تطلب إسبانيا دعما ماليا من الاتحاد الأوروبي، إلا أن مصادر حكومية أعربت عن رغبة مدريد في الحصول على دعم من البنك المركزي الأوروبي بصفة خاصة، فيما تعتبر المفوضية الأوروبي أن إسبانيا ليست في حاجة إلى تلك المساعدة لإعادة تمويل بنوكها. وخلال مؤتمر صحافي عقده راخوي الخميس مع نظيره البولندي دونالد توسك في إطار الزيارة الرسمية التي يجريها إلى وارسو، قال راخوي: «لم يتم طرح إمكانية حصول إسبانيا على خطة إنقاذ ولن يتم طرحها»، كما طالب بالعمل على تفادي «إطلاق الإنذارات التي ليس لها أي مبرر».

وأضاف: «لا توجد حاجة ولا نية لإنقاذ إسبانيا، ومن الضروري أن يتم نقل هذا الأمر إلى الرأي العام للحيلولة دون إطلاق إنذارات لا مبرر لها» حول الوضع الاقتصادي للدول.

وأقر راخوي بأن إسبانيا تمر بوضع صعب، ولكن حكومته تقوم بما يتوجب عليها فعله، مبينا أنه لا توجد أي دولة في منطقة اليورو قامت بما نفذته حكومته في غضون 100 يوم بهدف خفض العجز في الموازنة. وقال إن حكومته ستواصل المضي قدما في خططها من أجل تطبيق الإصلاحات، مشيرا إلى أن حكومته تعتزم التصديق اليوم على خطة للتصدي للتهرب الضريبي.

أما في روما، فقد طرحت الخزانة الإيطالية أربع مجموعات من سندات الديون متفاوتة الأجل بقيمة إجمالية بلغت 4 مليارات و884 مليون يورو، مع ارتفاع فائدة السندات مستحقة السداد على ثلاثة أعوام.

وأعلن البنك المركزي الإيطالي في بيان أن الخزانة أصدرت سندات لأجل ثلاثة أعوام بقيمة مليارين و884 مليون يورو، بفائدة قدرها 3.89 في المائة مقابل 2.76 في المائة في عملية الطرح المماثلة السابقة، التي أجرتها في مارس (آذار) الماضي.

وطرحت الخزانة الإيطالية كذلك سندات مستحقة السداد عام 2015، بقيمة 395 مليون يورو وفائدة قدرها 3.92 في المائة، وأخرى مستحقة السداد عام 2020، بقيمة 687 مليون يورو وفائدة بنسبة 4.04 في المائة.

كما أصدرت سندات ديون مستحقة السداد عام 2023 بقيمة 918 مليون، بفائدة بلغت 5.57 في المائة. أما في الاقتصادات الكبرى وبالتحديد في باريس، فإن الاقتصاد الفرنسي عجز عن تحقيق أي نسب نمو تذكر في الثلاثي الأول من العام الحالي. هذا ما أعلن عنه البنك المركزي الفرنسي الذي أكد أن الأنشطة الاقتصادية قد تشهد كذلك حالة ركود طيلة الأشهر المقبلة. البنك المركزي الفرنسي حذر أيضا في تقريره الشهري من التأثيرات السلبية لتراجع الأنشطة الاقتصادية على الرغم من نجاح الاقتصاد الفرنسي، وهو ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو في تجنب الدخول في حالة ركود العام الماضي، وفي برلين، عائدات السندات الألمانية لأجل عشر سنوات سجلت تراجعا إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 1.7 في المائة مقتربة بذلك من مستواها القياسي الأدنى عند 1.63 في المائة المسجل يوم الثالث والعشرين من سبتمبر (أيلول) الماضي. فيما تراجعت عائدات سندات العامين إلى 0.11 في المائة، وهو أدنى مستوى لها منذ عام 1990. تراجع عائدات السندات الألمانية يعود إلى ارتفاع الطلب بسبب تجدد المخاوف المتعلقة بأزمة الديون السيادية في إسبانيا التي تمثل مصدرا دائما للمخاوف منذ بضعة أشهر، يقول هذا الخبير الاقتصادي الذي يضيف: «على الرغم من فترات التحسن التي يشهدها الاقتصاد الإسباني إلا أن المخاوف لا تزال قائمة تماما كما اليونان غير أن الوضع يبدو أصعب بالنسبة لإسبانيا نظرا للحجم الهائل للديون الإسبانية التي تبعث الخوف والتردد لدى التجار والمستثمرين».

وكان رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، حذر الثلاثاء من أن مستقبل البلاد «على المحك» بسبب مخاوف الأسواق من الديون السيادية، مطالبا بضرورة دعم موقف الحكومة في تخفيض الإنفاق. المفوضية الأوروبية عبرت من جهتها عن ثقتها في قدرة مدريد على تخطي الأزمة مؤكدة عدم حاجتها لحزمة مساعدات مالية على غرار اليونان أو البرتغال.